واشنطن ـ وكالات
دراسات تنصح باكتسابه من المصادر الطبيعية بدلا عن الدواء
يعتبر تناول الأدوية التي تحتوي على الفيتامينات وخصوصا الحديد من الأمور المعتادة بالنسبة للأطفـال والمراهقيـن حتى دون استشارة طبيب، حيث توجد قنــاعة لــدى الكثير من الآبــاء بأن هذه الفيتامينات تساعد على النمـو وتحسين الصحــة، خصوصا إذا كان الطفــل ضعيف البنية.
والحقيقة أن هــذه القناعات ليست صحيحة تماما، والثابت علميا أن الدواء حتى لو كان فيتامينا أو بديلا لأملاح معدنية معينة مثل الحديد أو الكالسيوم أو غيــرها يجب أن يتــم تنــاوله تحت إشــراف طبي لتحديد الجرعة المناسبة لكل عمر وظرف مرضي ولمــدة محددة، وذلك لأن الجسم يستفيد من هذه الأمــلاح المعــدنية أو الفيتــامينات في تركيزات معينة وتوازن معين داخــل الجســم.
ومثلما يمكن أن يمثل نقصها اعتلالا بالصحة، يمكن أن يحدث اعتلال أو خطورة طبيـة من الإفراط في تناولها، ولذلك يجب الاعتماد على المصادر الطبيعية لتوفير هذه العناصر بدلا من البديل الكيميائي (الــدواء).
الحديـد والـمخ
في الدراسة الحديثة التي قام بها باحثــون من جامعة كاليفــورنيا بالولايـات المتحــدة الأميركية، التي تم نشرها في النسخة الإلكترونية لشهر ينــاير (كانون الثاني) الحــالي لدورية أعمــال الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences)، رصــد البـاحثــون أن نقــص الحديد لا يــؤدي فقط إلى ضعف التركيز والإدراك المعرفي للطفــل (cognitive problems)، ولكنــه يــؤدي أيضــا إلى تغيـر في شكــل خـــلايا المــــخ.
وكــان باحثــون في فــريق بقيــادة الدكتــور بــول تومسون، أستاذ طب الأعصاب بالجامعة، قد قاموا بقيـاس معدلات من بروتين معين يحمل الحديد في الجســم وخلايا المــخ، يسمى تــرانسفيـريــن (transferring)، واكتشفوا وجــود علاقــة وثيقة بين معدلات ترانسفيرين في الجسم والتغير في شكل المخ حينما يصل المراهقــون إلى بداية المرحلــة التي يصبحوا فيــها بالغــيـن.
وتوصــل البــاحثــون أيضــا إلى مجموعة مشتــركة من الجينــات التي تــؤثر على كل من مستــوى الترانسفيرين في الجســم وشكل المــــخ.
وقــد يلقي هــذا الاكتشــاف الضــوء لاحقــا على الآليــة العصبية التي يكــون للحديد من خــلالهــا دور في زيــادة أو نقــص النمــــو الإدراكــي.
وظــائــف الــحــديــد
من المعــروف أن الحديــد من الأمــلاح المعدنية الضرورية جدا لجسـم الإنســان، حيث يدخل في تركيب الجزء المسؤول عن حمل الأكسجين في كريــات الــدم الحمراء وهو الهيمــوغلــوبين، ولــه دور أيضــا في صنــاعة الكثير من الخــلايا، وفضلا عن دور الحديد فإن البروتين الذي ينقلـه الترانسفيرين له دور بالــغ الأهمية في وظــائف المــخ.
ومن المعروف أيضــا أن نقص الحديــد هو النقص الغــذائي الأشهر على مستــوى العــالم الذي يسبب نقــص النمــو الإدراكي وضعف التحصيل الدراسي للأطفال في سنوات الدراســة.
وهنــاك دراســات توضح أنه في وقت لاحــق في الحيــاة قــد تــؤدي الزيادة الكبيرة في الحديد إلى تلف في خلايا المــخ، وهو الأمر الذي يفسر وجود زيــادة في معدلات تركيز الحديد في مرضى الشلل الرعــاش وألزهــــايــمر.
وحيث إن كــلا من النقــص أو الزيــادة في معــدل الحديــد يمكــن أن تؤثر سلبــا على الجسم، ولذلك فــإن عملية تنظيم نقل الحديد في الجسم هي عملية بالغــــة الحساسية، وعنــد نقــص الحديد يقــوم الكبد بزيادة إفراز بروتين الترانسفيرين لزيــادة نقل الحديد، وهو الأمر الذي حاول الباحثون اكتشاف إذا كان شكل خلايا المخ في البالغين يعتمد أيضا على مستوى بروتين التــرانسفيـريــن.
وقــد وجــدوا أن خلايا المــخ التي تعمل بشكل جيد وصحي في البــالغين، تعتمد بشكل كبير على مستوى الحديد في فترة المراهقة، فضلا عن وجود جين مسؤول عن هــذا الارتبــاط، وهو الأمر الذي شكل مفاجأة لفريق البحث، حيث وجــد أن الأشخــاص الذين يتمتعون بالذكــاء الإدراكي لم يعانوا سابقــا من نقــص الحـديــد.
مصـادر الـحديـد
يوجــد الحديــد في الكثير من العناصر الغذائية المختلفة مثل البيض، وخصوصا الصفــار، والكبــدة والدواجــن واللحــوم الحمراء، وأيضا في أسماك السلمون والتونة وسمك المحــار والخضراوات والسبــانخ والشوفــان، وأيضا الفواكه المجففة مثل البلــح والتيــن والمشمش والفــاصوليا الجــافة والفــول وفــول الصــويا، والمكسرات مثل الجــوز والــزبيب واللــوز والشوفــان، ويستحسن تنــاول فيتــامين «ســي» مع المــأكولات التي تحتوي على الحديد؛ حيث يســاعد في زيادة امتصــاصها، ويستحسن أيضــا عدم تنــاول الشــــاي مباشرة بعد تناول هذه الوجبات، حيث إن حمض «التــانيــك» الموجــود في الشــاي يقلل من امتصــاص الحديــد.
ويحتــاج الرجــل البــالغ والسيدة بعد انقطــاع الــدورة الشهرية إلى نحــو 10 مليغرامات يوميــا كحــد أدنــى، أما بالنسبة للسيــدات قبل انقطاع الدورة فإنهن يحتجن إلى 18 ملغــم يوميا كحد أدنى، وبالنسبة للأطفال من سبعة شهور حتى سن سنة يحتاجون إلى نحو 11 ملغم يوميا، ومن سن سنة وحتى 8 سنوات يحتاجون إلى متوسط من 7 إلى 10 ملغم يوميا، ومن سن 9 سنوات وحتى 18 سنة يحتــاج الأطفــال الذكــور إلى متوسط من 8 إلى 11 ملغم يوميا، وبالنسبــة للإنــاث في نفس الفئــة العمرية يحتجن إلى متوسط من 8 إلى 15 ملغــم يوميــا.
مخــاطر نقــص الحــديــد
بجــانب المخــاطر المتعلقة بنقص الحديــد التي وردت في الدراســة، هناك أيضا أنيميــا نقــص الحــديد (Iron Deficiency Anemi)، التي تعتبر أشهر مخاطر نقص الحديد، وتسبب الضعف وفقدان الطاقة والصداع، وعــدم القــدرة على التركيز.
والمعــروف أن الأطفــال والرضع معرضون لنقــص الحديــد إذا لــم يتنــاولوا الطعــام المناسب، وبالنسبة للرضــع حتى 6 شهور يكون لبــن الأم مصدرا كــافيا للحصول على الحــديـد بجــانب مخزون الحديد الموجود في أجســادهم، وبالنسبة للأطفــال الذين لا يرضعــون رضاعة طبيعية يجب تنــاولهم أنــواع معينة من الألبــان مزودة بالحديد.
وبالنسبة للأطفــال والمــراهقين ونظرا للنمــو السريــع يحتــاجون إلى كميات إضــافية من الحــديد، ويجب عــدم الاعتمــاد على شرب الألبــان فقــط، حيث إن اللبــن يعتبر مصدرا فقيرا للحديد، ولذلك يجب حثهم على الإكثــــار من الأطعمــة الغنيــة بالحـديــــد.
أرسل تعليقك