(اليمين) مقتدى الصدر و(اليسار)صالح المطلك
بغداد – جعفر النصراوي
هاجم كل من نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كل على حدة، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، واصفين إياه بأنه لا يصلح لقيادة بلد مثل العراق المتعدد بطوائفه وقومياته.
جاء ذلك في رد فعل على وصف المالكي للمتظاهرين بالمتمردين، وإقراره تعديل قانون المساءلة
والعدالة.
وقال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، في بيان صدر، الأربعاء، وتلقى "العرب اليوم" نسخة عنه، إن "من يصف أبناء شعبه من المتظاهرين والمعتصمين بالمتمردين لا يصلح أن يكون قائدًا لبلد مثل العراق بمختلف قومياته وطوائفه"، وأضاف "لا يمكن لقائد بهذا الحجم، وفي هذا الموقع أن يكون وطنيًا، ويريد أن يحافظ على وحدة العراق واستقراره ويصف شعبه بالمتمردين"، مبينًا أن "المتظاهرين خرجوا، وبضمان من الدستور، من أجل حريتهم وكرامتهم وعراقيتهم ووحدة بلادهم"، مؤكدًا أن "المطالب المشروعة لأهلنا المعتصمين في كل مكان ليست محلاً للمساومة أو المماطلة أو التسويف أو جعلها بضاعة رخيصة في سوق الدعاية الانتخابية"، مشددًا على أن "المصالح الوطنية العليا، والحفاظ على وحدة الشعب، والوطن أهم بكثير من المصالح والمكاسب الانتخابية"، منتتقدًا "الحملات الانتخابية، والخطابات الدعائية، التي يقوم بها بعض السياسيين، لهدف استمالة المواطنين للتصويت لصالحهم في الانتخابات المقبلة"، معتبرًا أن "القائد الوطني الحقيقي هو من يلوذ بدعم العراقيين جميعًا، ولا يلوذ بطائفة أو قومية على حساب أخرى".
وطالب المطلك "العراقيين على اختلاف مذاهبهم، عربًا وكردًا، سنة وشيعة، وأقليات أخرى، بأن يتصدوا بروح وطنية ومسؤولية عالية لبناء بلدهم، دون تقديم الذريعة المجانية للمتطرفين في كل جانب، لكي يدمروا هذا البلد، ويفككوا نسيجه الاجتماعي"، داعيًا في الوقت نفسه "الشعب العراقي ككل إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات المحلية، من أجل قطع الطريق أمام المزورين، الذين يستغلون أصوات الغائبين عن الانتخابات لصالح قوائم معينة"، متعهدًا بملاحقة "القتلة والمجرمين"، وقال "لن يغفل لنا جفن دون مطاردة القتلة والمجرمين، وقوى الإرهاب التي تصر على اغتيال الأبرياء والبسطاء، الذين يجرون وراء لقمة عيشهم".
وفي السياق ذاته، هاجم زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، الأربعاء، رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، لإطلاقه سراح 5000 "إرهابي" خلال شهر، وعدم "إنصاف" مقاومي التيار الصدري القابعين في السجون، مؤكدًا أن "المالكي سمح لأكثر من 3000 بعثي بالعمل في القيادة العامة للقوات المسلحة"، داعيًا الشعب العراقي إلى "رفض محاولات إعادة البعثيين إلى السلطة".
وقال بيان، صدر عن المكتب الخاص لمقتدى الصدر، وتلقى "العرب اليوم" نسخة عنه، أن "رئيس الوزراء أطلق خلال شهر واحد أكثر من 5000 إرهابي، كلهم محكومون بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، يقوم بإطلاق هؤلاء في حين يقبع أبناء المقاومة الإسلامية في السجون".
وأوضح البيان أنه "حتى هذه اللحظة لدينا مئات من المحكومين بالإعدام، ومئات من المحكومين بالمؤبد، من أبناء المقاومة الإسلامية، لم يتطرق ولم يسمح أن يناقش أحد في مسألتهم"، مبينًا أن "الانتخابات هي الفارق الوحيد قبل العام 2003 وبعدها، فلا بد أن نلتفت إلى هذه النقطة، وأن لا ننتخب من يقف ضد الانتخابات".
وتابع البيان أن "المالكي يتحدث عن منع البعثيين من العودة إلى السلطة، بينما هؤلاء يرتعون الآن في أكبر مواقع الدولة، أذ يوجد في القيادة العامة للقوات المسلحة أكثر من 3000 بعثي مشمولين بالاجتثاث، وكلهم كانوا ضباطًا في الحرس الجمهوري، والحرس الخاص وفي الأجهزة القمعية"، داعيًا الشعب العراقي إلى "رفض ذلك وأن لا يكون غافلاً، مثل ما كان في زمن النظام السابق".
من جانبه، أكد ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي أن "قرار تعديلات قانون المساءلة والعدالة إنساني بحت، لم يأت لإرضاء أي جهة معينة، بل هو بدافع إنساني، ضمانًا لحقوق من لم تتلطخ أيديهم بأي جرم في حق الشعب العراقي".
وقال عضو ائتلاف "دولة القانون" النائب فؤاد الدوركي، في تصريح خاص لـ "العرب اليوم"، أن "القرار لن يمرر في مجلس النواب إلا بتشريع قانون تجريم حزب البعث الصدامي"، لافتًا إلى أن "التعديلات تمت بموافقة جميع الكتل السياسية"، مضيفًا أن "من يحمل المالكي المسؤولية اليوم، هم أنفسهم من يوافقون على سياساته، من خلال تواجدهم في مراكز القرار، ولا يمكن للمالكي أن يتخذ قرارًا، إلا بعد مشاورات مستفيضة، سواءًا مع الكتل السياسية، أو مع التشكيلة الوزارية، التي تمثل جميع الكتل، وموافقتها المبدئية على القرارات".
يذكر أن الحكومة العراقية أطلقت خلال الفترة الماضية سراح عدد من المعتقلين في السجون العراقية، بعد التظاهرات التي خرجت في المناطق السنية في الـ21 من كانون الأول/ديسمبر 2012، تنديدًا بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بإطلاق سراح الأبرياء، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، كان أخرها في الـ11 من نيسان/أبريل الجاري، أذ أعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، إطلاق سراح نحو 165 معتقلاً من دور الإصلاح التابعة لوزارة العدل، بينهم عدد من النساء.
وأعلن مجلس الوزراء العراقي، في الـ 7من نيسان/أبريل الجاري، عن موافقته على إحالة عدد من فدائيي صدام على التقاعد، ضمن تعديلات قانون المساءلة والعدالة، بما يسمح أيضًا لأعضاء الفرق في حزب "البعث" المنحل بتولي أي منصب حكومي، واشترط أن يكون من هؤلاء من "ذوي الكفاءة، وتقتضي المصلحة العامة إعادتهم للخدمة"، فيما أكد أن التعديل أشار إلى حق رئيس الوزراء نوري المالكي ونوابه استثناء أي شخص مشمول بالقانون، وأعادته إلى الوظيفة أو إحالته على التقاعد.
وتُعد التعديلات التي أجراها مجلس الوزراء على قانون المساءلة والعدالة هي الأوسع، منذ تشريع القانون في العام 2008، والذي شُرِع كتعديل لقانون "اجتثاث البعث"، الذي أصدره الحاكم المدني للعراق، كما تعني هذه التعديلات إعطاء شرعية لوجود الآلاف من البعثيين، الذين تمت إعادتهم إلى العمل في الأجهزة الأمنية، وعدد كبير من دوائر الدولة، ويمثلون حلقات أساسية في إدارة هذه المؤسسات.
كما تنهي هذه التعديلات، بعد أن تم إقرارها من قبل مجلس النواب، الذي يختلف أعضاؤه بصورة كبيرة على هذه القضية، جدلاً واسعًا مستمرًا منذ أعوام، والتي تعتبر من الملفات الرئيسية لدى غالبية الكتل السياسية، في حملاتها الانتخابية، وتحشيد الشارع العراقي.
أرسل تعليقك