أكّد جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني في حكومة تسيير الأعمال، أن حزبه "التيار الوطني الحر" لن يشارك في الحكومة جديدة، والتي لا يزال تجرى بشأنها مشاورات.
وأضاف باسيل زعيم حزب التيار الوطني الحر، الحليف لحزب الله اللبناني، في كلمة تليفزيونية، الخميس "نحن مستعدون للتضحية، ولإلغاء أنفسنا، من أجل إنقاذ البلاد من الانهيار والفوضى".
وتجتاح لبنان هيستيريا جماعية تحت وطأة المخاوف المتزايدة من كابوسِ الإفلاسِ المالي الجدّي سوى حالة الهلع السياسي التي تسبق يوم الاستشارات "المصيري".
وتتوجّه مواكب النواب الإثنين المقبل إلى قصر بعبدا في ظل بوانتاج قد ينصّب سعد الحريري رئيسًا مكلفًا بتسمية هزيلة يخرقها للمرة الأولى تصويت نواب حزب الله لمصلحة خصم الحزب، وستحضر بعدها المقارنة مع الـ112 صوتًا التي نالها في تشرين الثاني 2016 في أولى حكومات العهد والـ111 صوتًا في أيار 2018.
قبل أشهر قليلة جدًا من اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول، كان الوزير جبران باسيل يعلن بثقةٍ خلال لقاء إعلامي عن ضرورة ترجمة العلاقة الممتازة التي تجمعه مع الرئيس سعد الحريري على مستوى قواعد الطرفين معترفًا بالتقصير طوال الفترة الماضية في جمعِ جمهورٍ حزبيّ التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
عمليًا، اصطناعُ التقاربِ بين باسيل والحريري في الآونة الاخيرة، لم يحل دون حصول الطلاق نتيجة تراكمات ومآخذ متبادلة منذ حكومة العهد الاولى رغم كل مساحيق التجميل التي "طليت" على وجه التسوية الرئاسية. وها هو باسيل، وقبله الحريري، يؤكدان، أنّ التعايشَ بين الطرفين بعد ثلاث سنوات بات أمرًا صعبًا جدًا.
ثالث حكومات العهد ستؤسّس لأمر واقعٍ جديدٍ قد يحوّل ميشال عون، كرئيسٍ للجمهورية، مع فريقه السياسي الى "سلطةٍ خارج السلطةِ" في مواجهةِ حلفاء العهد وسعد الحريري الذي لن تولد حكومته المنقلبة على نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة إلّا ممهورة بتوقيع رئيس الجمهورية "المعارض".
لكن كلام باسيل يوم أمس، أبقى الباب مفتوحًا أمام واقعٍ مختلفٍ عرضه على الحريري وحلفائه "الحريصين على الميثاقية والتوازن الوطني" بالعدول عن مشروع حكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، لا يشارك فيها أكبر تكتل مسيحي، نحو حكومة اختصاصيين من الرأس إلى الكعب تحظى بدعم القوى السياسية وثقة الكتل النيابية، وهو الخيار الأول لباسيل الذي رفضه الثنائي الشيعي ولا يزال حتى الآن متمسّكًا بممانعته له، إضافة إلى رفض الحريري والذي ترجم من خلال الحرق المنهجي لأوراق عدة مرشحين سنّة.
ولعل الأبرز في كلام رئيس "التيار" الذي وضع كل من حزب الله والرئيس نبيه بري في "جوّه" في ظل قطيعة كاملة مع الحريري، أنه ساوى بين الثنائي والشيعي والحريري في مسؤولية الذهاب نحو حكومة "فاشلة حتمًا قد تؤدي إلى الانهيار والفوضى"، محدّدًا خياره بالبقاء خارجها مع تدشين "الممانعة البناءة للسياسات المالية والنقدية والاقتصادية ومقاومة منظومة الفساد القائمة من 30 سنة".
ووفق المعلومات، فإنّ المهلة الفاصلة عن موعد الاستشارات لن تؤثر عمليًا في التوجه العام الذي سيسلكه مسار التكليف والتأليف. فالتفاوض مع الحريري المتجدّد قطع شوطًا في تجاوز تركيبة الوزراء الاختصاصيين "السويسرية" نحو التفاهم حول حكومة تكنوسياسية بوجوه سياسية "نوعية" واقرب الى التكنوقراط على أن تقرّر الاحزاب هوية حاملي الحقائب الاساسية. وهي التركيبة المرفوضة حكمًا من جانب باسيل وعون والتي ستقابل في استشارات بعبدا، ان حصلت، بعدم تسمية الحريري وعدم منح الحكومة الثقة وشنّ "حرب المعارضة".
وهو خيارٌ سمع رئيس "التيار" من حلفائه كلامًا صريحًا بأنه يؤدي إلى التأزيم ولا يفتح باب الحلول، في وقت يشير فيه مطلعون، الى أنّ المرحلة الحالية تشهد تفسّخًا ظاهرًا في علاقة "التيار" مع حليفه الشيعي حزب الله هو الأكثر حساسية منذ توقيع "ورقة التفاهم" في ظل تباعد واضح في التوجهات وصل الى حدّ توجيه قياديين في "التيار" انتقادات صريحة لمن "يغلّب هواجسه الخارجية على إنقاذ الداخل وتأمين الحصانة الكافية لمنع الفوضى والانهيار من خلال السير بحكومة مستنسخة عن الحكومات السابقة الفاشلة".
و"على كعب" مؤتمر باسيل، رأت مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، أنّ "وزير الخارجية لم يخرج حتى الان من إطار المعادلة التي يتمسّك بها "انا والحريري ندخل معًا أو نخرج معًا. فالحلّ الذي اقترحه يبقيهما خارج الحكومة، وحتى عند إشارته الى حكومة سمير الخطيب التي قال أنه كان مستعدًا "لإلغاء ذاتنا" في سبيل نجاحها، هي حكومة من دون سعد الحريري".
وترى المصادر أنّ "حكومة تكنوسياسية بحضور تكتل "لبنان القوي" تريح أكثر حزب الله وبري وهي حاجة لهما كما حاجتهما لبقاء الحريري، وفي حال إصرار باسيل على موقفه سنذهب نحو استشارات تنتهي بتسمية الحريري وتكليفه برئاسة الحكومة، مع احتمال تقديمه مسودة وزارية قد يرفضها رئيس الجمهورية ونبقى في الدوامة نفسها".
قد يهمك أيضًا
الحريري: جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار اسم الصفدي لتشكيل الحكومة
محمد الصفدي يُعلن اعتذاره عن رئاسة الحكومة اللبنانية ويرشح سعد الحريري
أرسل تعليقك