يحاول المجتمع الدولي إيجاد "طرق مبتكرة" لتجنب كارثة إنسانية في أفغانستان، مع تفادي سقوط المساعدات في أيدي حركة طالبان، في ظل الوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور في البلاد، بعد مرور أكثر من 3 أشهر على انسحاب الولايات المتحدة وسيطرة الحركة على الحكم، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وذكرت الصحيفة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومات الحليفة تتناقش حول إمكانية توسيع نطاق برنامج تجريبي للأمم المتحدة، نجح هذا الشهر ولفترة محدودة، في تمويل جزء من نظام الرعاية الصحية في أفغانستان، من دون السقوط في أيدي "طالبان"؛ أو تفكر في مبادرات مماثلة، لتشمل أجزاء أخرى من الاقتصاد الأفغاني.
ونقلت الصحيفة عن نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة جيفري دي لورينتيس قوله: "نشعر بقلق عميق من نقص السيولة المستمر والتضخم والعوامل الاقتصادية الأخرى (في أفغانستان)؛ لذا نرحب بالحلول الإبداعية من المجتمع الدولي للمساعدة في التخفيف من حدة المشاكل التي تمر بها البلاد، بطريقة تحُدّ من الفوائد المقدمة لطالبان والأفراد الخاضعين للعقوبات".
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى الآن لم تتضمن المناقشات بحث الإفراج عن قرابة 10 مليارات دولار من احتياطيات الحكومة الأفغانية، والتي يتم التحفظ عليها في الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن الصندوق الائتماني لإعادة إعمار أفغانستان، التابع للبنك الدولي، يحتفظ بأكبر قدر من الأموال الأجنبية الخاصة بكابول، وأن رصيده النقدي بلغ في نهاية سبتمبر الماضي أكثر من 1.5 مليار دولار.
وأوضحت أن الصندوق قام في الماضي بتمويل برامج متنوعة، مثل تقديم المنح للأعمال التجارية الصغيرة، وتزويد المزارعين بالبذور وتمويل العمالة الزراعية قصيرة الأجل، فضلاً عن بناء الطرق وأنظمة الري وتحسينها، ولكن تم تجميد هذه المساهمات الآن من قبل الدول الأعضاء في البنك، التي لم يعترف أي منها بحكومة "طالبان".
ورأت الصحيفة أن هناك شعوراً بالأمل لدى الأمم المتحدة في أنه يمكن صرف بعض هذه الأموال على الأقل، في شكل صندوق جديد تديره الأمم المتحدة، لتوصيل المساعدات الإنسانية الخاصة بالأغذية والأدوية لكابول واستمرار الخدمات الأساسية ودفع الرواتب؛ كما يطلب الصندوق من الدول التي لديها برامج مساعدات إنمائية ثنائية في أفغانستان إعادة توظيف تلك الأموال المجمدة وغيرها، لتقديم تبرعات في شكل جديد.
ومن المتوقع أن يجتمع أعضاء البنك المصوتون، الأسبوع المقبل، لمناقشة شروط السماح بالإفراج عن بعض الأموال مع ضمان تلبية مطالبهم، لا سيما في ما يتعلق بتعليم الفتيات؛ ولكن تصر الوكالات الإنسانية والإنمائية الدولية على أن الوقت بات ينفد، وأن حياة الملايين باتت في خطر بالفعل.
ونقلت الصحيفة عن مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة لأفغانستان، ديبورا ليونز، قولها أمام مجلس الأمن الدولي، في وقت سابق هذا الشهر، "لقد ركز أعضاء المجتمع الدولي بشكل مفهوم على مساعدة الأفغان الذين يريدون المغادرة، ولكن يجب أن يتجه انتباهنا الآن إلى العدد الأكبر من الأفغان الذين بقوا في البلاد والذين يواجهون ظروفاً شديدة الصعوبة".وأضافت أن "السيولة محدودة جداً، فلا يستطيع التجار الحصول على الائتمان، ولا يستطيع الأفغان الوصول إلى مدخراتهم، لأن العقوبات المالية أدت إلى شلل النظام المصرفي".
ووفقاً للصحيفة، فإنه رداً على عدم وصول أي أموال تقريباً إلى كابول، حذرت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وغيرهما من كبار العاملين في مجال الإغاثة، من أن أكثر من نصف سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليوناً في طريقهم إلى المعاناة من "نقص حاد في الغذاء"، وهو المصطلح الذي يُستخدم للإشارة إلى وجود مجاعة.
ونقلت الصحيفة عن مدير العمليات باللجنة الدولية للصليب الأحمر، دومينيك ستيلهارت، أنه مع وجود القليل من الخدمات المصرفية المتاحة في أفغانستان أو عدم توفرها على الإطلاق، فضلاً عن العقوبات التي تحظر إلى حد كبير دخول الدولارات إلى البلاد، فقد اضطرت منظمات الإغاثة لاستخدام أساليب غير رسمية لتوصيل الأموال.
يشمل ذلك نظام الحوالة، إذ يتم إيداع الأموال بالدولار ثم يتم صرفها بالعملة المحلية، مقابل دفع رسوم من قبل التجار في أفغانستان.
وأضاف ستيلهارت أنه على الرغم من أن المساعدات الإنسانية هي جزء من الحل، ولكنها لا يجب أن تحل محل الاقتصاد الفعّال أو تقديم الخدمات العامة.
وقبل أن تتولى "طالبان" السلطة في أغسطس الماضي، كان المانحون الأجانب، وهم في الغالب من الدول الغربية الغنية بقيادة الولايات المتحدة، يدفعون ما يصل إلى 80% من كافة نفقات الحكومة الأفغانية؛ ولكنهم منذ استيلاء الحركة على الحكم في أغسطس الماضي، جمدوا كل التمويلات، كوسيلة للضغط على "طالبان" لتلبية مطالبهم المتعلقة بحقوق النساء والأقليات، ولتشكيل حكومة شاملة والتخلي عن الأعمال الانتقامية.وتقول المنظمات الدولية المكلفة بإدارة برامج الإغاثة وتقديم الخدمات على الأرض، إنها تتفق على أنه يجب على "طالبان" أن تلتزم بالوفاء بتعهداتها أولاً.
قد يهمك ايضا
حركة "طالبان" تدفع رواتب الموظفين الحكوميين بعد شهور من دون أجر
طالبان تكتب خطاباً مفتوحاً للكونغرس لرفع العقوبات عن أفغانستان
أرسل تعليقك