عرفت المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل ارتفاعا ملموسا يقدر بـ50 بالمئة، في الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، كما توفر شركتان للطيران بين البلدين حاليا 20 خطا جويا؛ هذه المعطيات أفصح عنها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الجمعة 17 سبتمبر، خلال اجتماع وزاري نظمته وزارة الخارجية الأمريكية احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لاتفاقات أبرهام، مؤكدا على انخراط المملكة الراسخ لفائدة السلم الإقليمي.
كما توقع المسؤول المغربي أن يصل عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى المملكة حوالي مليون سائح خلال السنة الجارية.وتابع بوريطة في سياق متصل: "كونوا مطمئنين إزاء انخراط المغرب الراسخ والمستمر في القيام بما يلزم للمساهمة فعليا في تحقيق السلم الإقليمي".
المسؤول المغربي أشار أيضا، خلال هذا الاجتماع الافتراضي الذي عرف مشاركة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزراء خارجية دول الإمارات العربية المتحدة والبحرين وإسرائيل، إلى أن "تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو في الواقع حدث تاريخي يستحق الاحتفاء به لأنه منح أملا جديدا ومهد الطريق لزخم غير مسبوق"، مبرزا أن الاتفاق الأميركي-المغربي-الإسرائيلي، الذي تم توقيعه في ديسمبر الماضي "يشكل أساس هذه العلاقة المتجددة".
نشر مكتب الإحصاء المركزي الاسرائيلي، نقلاً عن مسؤول بوزارة الخارجية، يوناتان جونين، أن التبادل التجاري مع المغرب انتقل من 14.9 مليون دولار إلى 20.8 مليون دولار.وسجل حجم التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل زيادة كبيرة، على خلفية الاتفاق الثلاثي الموقع بين الطرفين إلى جانب الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرباط وتل أبيب وقعا على أزيد من 20 اتفاقية تغطي مجالات مختلفة، وتروم فتح وتفعيل تمثيليات دبلوماسية، وإحداث منصة للحوار والتعاون تضم خمس مجموعات عمل قطاعية، وفتح قنوات التواصل بين مجتمعات الأعمال، علاوة على إطلاق نحو 20 رحلة جوية تديرها شركتا طيران إسرائيليتان.
تعليقا على الموضوع، قال إدريس الفينا، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إن المعطيات التي كشف عنها وزير الخارجية المغربي، تعني أن "هناك دينامية جديدة انطلقت بين المملكة المغربية وإسرائيل، وهي دينامية تشمل بالأساس الجانب الاقتصادي". ولفت الفينا، في حديثه مع "سكاي نيوز عربية"، إلى "وجود تكامل بين اقتصادي البلدين، بحيث يوفر المغرب عددا من المنتجات للسوق الإسرائيلية، بما في ذلك السيارات، والمواد الكيماوية لا سيما مشتقات البترول، بالإضافة إلى بعد المنتجات الإلكترونية إلى جانب مواد فلاحية يصدرها المغرب بشكل خام وتسعى إسرائيل إلى تثمينها".أما المغرب، يضيف أستاذ الاقتصاد، "فيحتاج من جانبه لتكنولوجيا فلاحية، وتقنيات تتعلق بالطاقات المتجددة، والصناعات الحربية، وهي منتجات توفرها إسرائيل".
وتوقع إدريس الفينا أن "تعرف المبادلات التجارية بين البلدين ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وقد تبلغ عشرة أضعاف ما يتم تحقيقه حاليا".وفي خضم الزخم الذي تعرفه العلاقات بين البلدين، أفاد موقع "أفريكا إنتاليجانس" بأن المغرب يجري مفاوضات مع إسرائيل على مشروع يهدف إلى إنشاء قطاع خاص بتطوير وإنتاج طائرات مسيرة في أراضي المملكة.
وذكر الموقع في تقرير له أن المفاوضات انطلقت منذ عدة أشهر بين المغرب وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI) بشأن إمكانية إنشاء "حاضنة أعمال تجارية" ستعمل على تطوير ذخائر طائرة وطائرات مسيرة انتحارية، أي آليات ذات تكلفة منخفضة، ولا تتطلب إلا تكنولوجيات محدودة لبنائها.ومكّن إطلاق رحلات جوية بين المغرب وإسرائيل من انتعاش السياحة الدينية في عدد من مدن المملكة.
وتوقع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن يصل عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى المملكة حوالي مليون سائح خلال السنة الجارية.
وتعتبر مدن الصويرة وتنغير والدار البيضاء ووزان وتارودانت، الوجهات المفضلة للسياح اليهود داخل المغرب، حيث يعود المستقرون بإسرائيل وبدول أخرى لزيارة ما يمثل بالنسبة لهم "مسقط الرأس"، فضلا عن احتضان مدن مغربية كثيرة لمقابر ومزارات الأجداد. وحسب الباحثين فإن المغرب يضم 36 معبدا، وعددا كبيرا من الأضرحة والمزارات اليهودية.
ومن أبرز المناسبات الدينية التي يحتفل بها اليهود في المغرب، ما يعرف بـ"الهيلولة"، أو ليلة "الهيلوليا" ومعناها "سبحوا الله". وتمتد الاحتفالات بهذا الموسم لأسبوع تحيي فيه الطائفة اليهودية، كل سنة، عاداتها وتقاليدها وتستحضر من خلالها قيم التعايش والتسامح بين الديانات السماوية. وبهذا الخصوص، قال الفينا في تصريح خص به "سكاي نيوز عربية" إن المغرب له صناعة سياحية متطورة، كما أن له تموقعا خاصا على مستوى إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط وهو ما يجعله متميزا.وأضاف الخبير أن المغرب يعد وجهة محبوبة لدى فئة كبيرة من الإسرائيليين، خصوصا الذين ينحدرون من مدن مغربية، حيث يزورون قبور أجدادهم ويحيون هيلولاتهم
على صعيد آخر، لفت وزير الخارجية المغربي خلال لقاء الجمعة، إلى أن استئناف العلاقات بين إسرائيل والمغرب يعكس "الروابط العميقة بين ملوك المغرب والجالية اليهودية المغربية الهامة"، مجددا التأكيد على تقدير المملكة العميق للدور المحوري للولايات المتحدة باعتبارها "ضامنة لهذا المسلسل". وأوضح الوزير أنه بعد نجاح تحدي استئناف العلاقات، فإن التحديات التي يتعين رفعها تتمثل في الحفاظ على التطبيع وتحسينه وإضفاء معنى عليه، مسلطا الضوء على أربع نقاط يجب أخذها في الاعتبار.
ويتعلق الأمر، بحسب الدبلوماسي المغربي، بالحاجة إلى العمل على إبراز مزايا السلم والأمن الإقليميي، وإعادة إطلاق عملية السلام، والتعامل مع العداوة التي ولدها التطبيع بـ"يقظة وتضامن"، وإقامة نظام إقليمي جديد. واعتبر بوريطة أنه من المرتقب أن يصبح وقع مسلسل التطبيع ملموسا في السنوات القادمة، مشددا على الحاجة إلى العمل بشكل نشط من أجل إبراز مزايا السلم والأمن الإقليميين، على العلاقات بين الأشخاص وعلى الفرص التجارية.
وبخصوص إعادة إطلاق عملية السلام التي تعد مباردة أساسية، أشار الوزير إلى أنه لا يوجد في نظر المغرب بديلا آخر عن حل الدولتين مع قيام دولة فلسطينية مستقلة على أراضي حدود يونيو 1967، مشددا على ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية ورمزا للتعايش السلمي لأتباع الديانات السماوية الثلاث.
قد يهمك ايضا
أميركا والمغرب يبحثان ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا
بوريطة ولابيد يوقعان اتفاقيات للتعاون بين المغرب وإسرائيل
أرسل تعليقك