الرئيس المصري السابق حسني مبارك
القاهرة ـ أكرم علي
قررت هيئة محاكمة مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه في قضية قتل المتظاهرين، التنحي لاستشعارها الحرج، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة آخرى لها.
وقال مصدر قضائي لـ"العرب اليوم" إن محكمة الاستئناف برئاسة سمير
أبو المعاطي، سوف تحدد دائرة وموعد جديد للقضية بعد تنحي هيئة المحكمة.
وأضاف المصدر أن الأحد 14 نيسان/أبريل الجاري هو آخر يوم لمدة حبس مبارك الاحتياطي، وبحسب القانون لابد من صدور قرار بإخلاء سبيل الرئيس السابق حسنى مبارك، على ذمة القضايا وذلك لانتهاء مدة حبسة الاحتياطي والتي انقضت بنص القانون، موضحاً أن نص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، تنص، على أنه في الأحوال كلها لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطى ثلث الحد الأقصى للعقوبة، وهي 6 أشهر للجنح، و18 شهر للجنايات، وسنتين للمؤبد أو الإعدام.
وكان المتهمون (مبارك ونجلاه علاء وجمال وحبيب العادلي وكبار مساعديه) قد وصلوا إلى مقر الأكاديمية وسط حراسة أمنية مشددة، حيث تم نقلهم بواسطة مدرعتين، يرافقهما عدد من السيارات المصفحة وعربات الشرطة منذ خروجهم من منطقة سجون طره، حتى وصولهم إلى مقر الأكاديمية.
وظهر الرئيس السابق حسني مبارك في أولى جلسات إعادة محاكمته مبتسماً من وراء قضبان القفص في قاعة المحكمة، كما قام بالتلويح إلى الحاضرين بيديه وإلى كاميرات المصورين.
ولاحظ غالبية الحاضرين تحسن صحة مبارك عن الجلسات الماضية، وإن الثقة تبدو على وجهه، وتحدث إلى نجله جمال أكثر من مرة، بينما ظل نجله الآخر علاء واقفاً أمام سريره لمنع تصوير الكاميرات قدر استطاعته.
في السياق ذاته وقف العشرات من أسر الشهداء أمام مقر أكاديمية الشرطة، حيث تجمعوا في المكان المخصص لهم على يسار البوابة رقم "8" للأكاديمية، ورفع أسر الشهداء العديد من صور أبنائهم، ورددوا الهتافات التي تؤيد مطالبهم.
وحضر أيضاً مؤيدو الرئيس السابق حسني مبارك وأقاموا تمثالاً شبيهاً له، تقديراً لدوره وندماً على الإطاحة به حسب قول بعضهم، وقاموا بلصق ملصقات للرئيس السابق على أسوار الأكاديمية، وقاموا بتوزيع قمصان عليها صورة الرئيس السابق.
وبعد صدور قرار المحكمة قطع عدد من مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق حسني مبارك، الطريق أمام أكاديمية الشرطة، ما أدى إلى توقف حركة المرور تماماً إثر مشادات كلامية بين الجانبين اعتراضاً على قرار المحكمة.
وأكد شهود عيان أن قوات الأمن في محيط مقر الأكاديمية تمكنت من السيطرة على الأوضاع، وتم فرض كردون أمني بين مؤيدي مبارك ومعارضيه بعد تفريقهم، ووضع حواجز حديدية لمنع تجدد الاشتباكات.
وكان رئيس هيئة المحكمة المستشار مصطفى حسن المكلف بمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه جمال وعلاء، أعلن التنحي عن الحكم في قضية قتل المتظاهرين لاستشعاره الحرج، وإحالتها لمحكمة استئناف القاهرة.
ووصل الرئيس السابق محمد حسني مبارك مُمدّداً على سرير إلى مقر أكاديمية الشرطة في منطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة بعد نقله بواسطة طائرة هليكوبتر من مستشفى المعادى للقوات المسلحة الى الأكاديمية.
وهبطت الطائرة التي تقل مبارك في المكان المخصص لها داخل الأكاديمية؛ حيث كان في انتظاره سيارة إسعاف وسط إجراءات أمنية مشددة، وتم نقله إلى الغرفة المجاورة لمقر المحاكمة داخل الأكاديمية.
كما وصل علاء وجمال مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي من محبسهم في سجن المزرعة في منطقة سجون طره إلى مقر الأكاديمية وسط حراسة أمنية مشددة؛ حيث تم نقلهم بواسطة مدرعتين، يرافقهما عدد من السيارات المصفحة وعربات الشرطة منذ خروجهم من منطقة سجون طره، مروراً بالطريق الدائري وحتى وصولهم إلى مقر الأكاديمية.
أما مساعدو العادلي الستة مدير أمن القاهرة الأسبق اللواء إسماعيل الشاعر ، ومدير قطاع مصلحة الأمن العام الأسبق اللواء عدلي فايد، ومدير جهاز مباحث أمن الدولة السابق اللواء حسن عبدالرحمن، ومدير قطاع الأمن المركزي الأسبق اللواء أحمد رمزي، ومدير أمن الجيزة الأسبق اللواء أسامة المراسي، ومدير أمن 6 أكتوبر الأسبق اللواء عمر الفرماوي فقاموا بالذهاب إلى مقر المحاكمة بأنفسهم نظراً لعدم حبسهم.
وسادت حالة من الهدوء صباح السبت في محيط أكاديمية الشرطة؛ وسط توافد عدد من مؤيدي الرئيس السابق على البوابة رقم "8" للأكاديمية المخصصة لدخول الإعلاميين والمحامين وأسر الشهداء، الذين تجمعوا على يمين البوابة، حاملين صوراً لمبارك وبعض اللافتات المناصرة له، في حين شهد يسار البوابة المخصص لأسر الشهداء غياباً تاماً لأسر الشهداء حتى الآن.
ورفع المؤيدون صور الرئيس السابق والعديد من البوسترات المكتوب عليها "ليس من طبعي خيانة الأمانة، وسيذكر التاريخ ما لنا وما علينا، ومبارك الرجل الذي حافظ على أمن مصر من الداخل والخارج والذي حافظ على الوحدة الوطنية بين المسلم والمسيحى فيها عاش وحارب من أجلها ودافع عن أرضها وسيادتها ومصالحها".
وكان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم قد اعتمد خطة تأمين المحاكمة، والتي يشترك فيها أكثر من ثلاثة آلاف ضابط وفرد شرطة ومجند من مختلف قطاعات الوزارة، وأكثر من 25 سيارة مدرعة ومصفحة، وتتضمن محاور عدة أهمها تأمين نقل مبارك من مستشفى المعادي للقوات المسلحة إلى مقر الأكاديمية والعكس، والذي سيتم بواسطة طائرة هليكوبتر، وكذلك تأمين خطوط سير نجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى من محبسهم في منطقة سجون طره إلى الأكاديمية والعكس،وذلك فضلا عن تأمين قاعة المحاكمة من الداخل قبل بدء الجلسة وعقب الانتهاء
منها.
كما تضمنت الخطة الأمنية نشر رجال الإدارة العامة لمباحث القاهرة ومفتشي الأمن العام حول أسوار الأكاديمية؛ لمنع وصول أي من البلطجية أو الخارجين عن القانون إليها، بينما يقوم رجال الإدارة العامة للمرور ومرور القاهرة بإعداد محاور بديلة وتغيير بعض المسارات للشوارع والطرق الرئيسية أثناء مرور المتهمين على تلك الطرق، وكذلك العمل على منع التكدسات المرورية في المناطق المؤدية إلى الأكاديمية، وبخاصة مدينة نصر والطريق الدائري.
يذكر أن محكمة النقض قد قضت في 13 كانون الثاني/يناير الماضي بقبول الطعن المقدم من النيابة العامة
ضد المطعون ضدهم جميعاً وهم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ومساعدي وزير الداخلية الأسبق الستة، وعلاء وجمال مبارك نجلي الرئيس السابق، شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة المحاكمة، كما قضت المحكمة بقبول الطعن المقدم من مبارك والعادلي على الحكم الصادر ضدهما شكلا وفي الموضوع وإعادة محاكمتهما.
وكان رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة المستشار أحمد رفعت قد أصدرت حكمه في قضية القرن في الثاني من حزيران/يونيو الماضي، حيث حكم بمعاقبة الرئيس السابق محمد حسني السيد مبارك بالسجن المؤبد لاشتراكه في جرائم القتل المقترن في جنايات قتل وشروع في قتل أخرى، ومعاقبة وزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد أيضا لنفس التهم وإلزامهما بالمصاريف الجنائية، وبراءة مساعدي العادلي الستة، وانقضاء الدعوى الجنائية المقامة ضد مبارك ونجليه ورجل الأعمال حسين سالم عما نسب إلى كل منهم في شأن جنايات استعمال النفوذ وتقديم عطية، وكذلك براءة مبارك مما أسند إليه من جناية الاشتراك مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من منفعة وظيفته والإضرار بأموال الجهة التي يعمل بها.
وكانت المحاكمة الأولى للرئيس المصري السابق التي بدأت في آب/اغسطس 2011 أثارت اهتماما كبيرا في مصر والعالم العربي. وعاشت مصر لحظة تاريخية عند بدء المحاكمة الأولى، إذ كانت المرة الأولى التي يظهر فيها حاكم عربي أطاح به شعبه خلف القضبان أمام منصة القضاء.
وانطبعت في الأذهان صورة مبارك الذي حضر الجلسات مُمدداً على سرير طبي خلف القضبان، وهو مشهد يتناقض بشكل صارخ مع صورته السابقة كرئيس يستقبل بكل لياقة على الساحة الدولية، وكرجل يحكم بقبضة قوية في الداخل.
ومنذ أن ترك السلطة عانى مبارك، الذي سيتم الخامسة والثمانين في ايار/مايو من عدة مشكلات صحية، وفي إحدى المرات أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية "وفاته سريريا". ونقل مبارك أخيرا إلى مستشفى عسكري في القاهرة.
ورغم أن مصير مبارك لم يعد يعني الكثيرين، إلا أن عدم محاكمة أي مسؤول على قتل المتظاهرين خلال أيام الثورة الـ18 ما زال يثير الغضب والإحباط.
أرسل تعليقك