طنطورة العلا والبلدة القديمة تروي قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين
آخر تحديث GMT20:34:40
 العرب اليوم -

عبارة عن شكل شبه هرمي بني على ارتفاع أعلى من السور الذي وضع عليه

"طنطورة" العلا والبلدة القديمة تروي قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "طنطورة" العلا والبلدة القديمة تروي قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين

بيوت الطين
الرياض - العرب اليوم

رغم التطور الكبير الذي شهدته مدينة العلا السعودية خلال السنوات الأخيرة، فإن تاريخ المدينة وتراث أهلها لا يزال جزءا لا يتجزأ من حاضرها، وهو ما يبدو جليا في "البلدة القديمة"، حيث تروي بيوت الطين و"الطنطورة" قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين.


في البلدة القديمة تقع أبرز معالم العلا، وهي "الطنطورة"، الساعة الشمسية التي سمي المهرجان الشتوي على اسمها، بسبب الدور الأساسي الذي لعبته في حياة أهل المدينة.وتعني كلمة "الطنطورة"، الأحجار أو الأشياء المتراصة فوق بعضها البعض، فهي عبارة عن شكل شبه هرمي بني على ارتفاع أعلى من السور الذي وضع عليه، والذي يؤكد أهالي العلا أنه سور مدرسة قديمة، ليكون بمثابة ساعة شمسية.

وكانت الطنطورة تستخدم قديما في غرضين أساسيين، هما تحديد موعد دخول "المربعانية"، وهي وقت زراعة القمح والشعير، وتقسيم مياه العيون (المياه الجوفية) على المزارعين.

وقال "الراوي" ثامر الفقير لموقع "سكاي نيوز عربية": "تقيس الطنطورة موعد دخول المربعانية عند سقوط الظل على الحجر الأول، وهو أمر يحدث مرة في السنة، عندما يتلامس ظل رأس الساعة ويتعامد بشكل كامل مع الحجر الأول، وهذا يحدث في واحد من 3 أيام، هي 21 أو 22 أو 23 ديسمبر".

 أما الاستخدام الثاني للطنطورة، فكان مهما جدا في الحفاظ على النظام وتحقيق العدل بين الأهالي، إذ كان يتم تحديد المزرعة التي ستتلقى الماء من عين "تدعل"، بناء على ملامسة ظل الطنطورة للأحجار التي وضعت على الأرض أمامها.

وكشف عبد الرحمن بن عيسى تفاصيل تلك المهمة لموقع "سكاي نيوز عربية"، كون والده محمد علي بن عيسى، كان مسؤولا عن توزيع مياه العيون على المزارع، بالاعتماد على "الطنطورة".

بيوت الطين
بيوت الطين

وقال: "ظل الطنطورة يحدد بالدقيقة مواعيد وصول المياه إلى المزارع، فإذا وصل الظل لحجر معين، معناها أن مزرعة فلان ستتلقى الماء، وهذه المهمة الدقيقة كانت من اختصاص والدي".

وأضاف: "كان يحدد بالنظر إلى الأحجار الموجودة على الأرض أمام الطنطورة المدة الزمنية التي سيستمر تدفق الماء فيها على المزرعة الواحدة".

ولدى سؤاله عما إذا كان الأهالي يلتزمون بذلك النظام، قال: "كان نظاما عرفيا لا بد أن يتبعه الجميع، وفي حال خالف أحدهم النظام كان يتعرض لعقوبة، كفرض غرامة تتعلق بتدفق الماء إلى مزرعته، أو بمحصوله، أو أن يدفع غرامة مالية".

بجوار الطنطورة.. يقع مشهد آخر يعكس مدى الترابط الذي حظي به أهل المنطقة على مدار السنين، فبيوت الطين المهجورة، بالرغم من بساطتها، فإن تلاصقها حوّل أبناء المنطقة إلى عائلة كبيرة، أصبح الجار فيها أبا وأخا.

وللتعرف على الطريقة التي كانت تبنى بها تلك البيوت، قال أحد العاملين في مهرجان "شتاء طنطورة"، يدعى المؤيد صالح: "كان الناس قديما يكونون اللبنة المستخدمة في البناء بطريقتين، في الأولى، كانوا ينتظرون أن ترتفع أرض البستان عن المستوى الطبيعي، بفعل السقي والزراعة، ثم يتم روي البستان كاملا قبل أن يقوم البنّاء بخلط التربة بقدميه لمدة ليلة كاملة حتى تتكون اللبنات".

وتابع لموقع "سكاي نيوز عربية": "يحرص البنّاء حينها على وضع اللبنات في مكان آخر لتجف، ويقوم بإعادة أرض البستان إلى ما كانت عليه، ثم يضيف القش أو "التبن" (المخلفات) أو السعف، للبنات.


أما الطريقة الثانية، فتتم بجمع الغبار وخلطه بالماء والقش، ثم تركه ليلة أو اثنتين ليتخمر، قبل أن يتم تشكيل اللبنة إما باليد وهي الطريقة القديمة، أو باستخدام القوالب التي حصل عليها أهل المنطقة من تجارتهم مع الشام.

وفيما يتعلق بطبيعة الحياة داخل تلك البيوت قديما، فقد التقى موقع "سكاي نيوز عربية" بعبد الرحمن بن حميد، الشهير بـ"أبو رائد"، وهو مالك صاحب متحف في البلدة القديمة وأحد من عاصروا بيوت الطين.

وقال: " عندما كنا نسكن في هذه البيوت كانت الحياة الاجتماعية جميلة جدا، إذ كان كل سكان المنطقة عائلة واحدة، والجار كالوالد في مهمة التوجيه والإرشاد. كانت الحياة بيننا يسودها التآلف والود".

ولدى سؤاله عن الصعوبات المرتبطة بظروف العيش في بيوت الطين، قال: "لم يكن لدينا كهرباء وكنا نعتمد على (فوانيس) الجاز، وقبلها (القناديل والضوايات)، أما الماء فكنا نحصل عليه من عين تدعل قبل أن ينضب ماؤها".

وأضاف: "كانت نساء المنطقة يمشين مسافة كيلومترين للحصول على الماء، الذي يتم حفظه في البيوت داخل (الأزيار) والقرب".

وأشار أبو رائد إلى أن أبناء المنطقة اهتموا بالتعليم، قائلا: "الطنطورة بنيت على مدرسة تعود إلى عام 1909 تقريبا، وفي عهد الملك عبد العزيز، أنشئت في العلا ثالث مدرسة نظامية في السعودية، تعرف الآن باسم مدرسة عبد الرحمن بن عوف".

كما نوه إلى أن فتيات العلا حظين أيضا بالتعليم منذ القدم، وكن حريصات على تعلم القراءة والكتابة.

وعن السبب الذي دفع الناس لترك بيوت الطين، الذي حدث بشكل كبير عام 1980، قال: "تركنا بيوت الطين بعد أن تطورت الحياة شيئا فشيئا وأصبحت هناك منازل أفضل، كما أن الكثير من أهالي المنطقة انتقلوا إلى منطقة الصخيرات ومناطق أخرى، مع قيام الدولة بمنح المواطنين أراض ليبنوا عليها".


يعد "مسجد العظام" من أهم معالم البلدة القديمة في العلا لما يتمتع به من أهمية دينية، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن النبي محمد صلى في موقعه.

وتقول المصادر، إن الرسول حينما غزا خيبر ووادي القرى، مر من المنطقة، وتوضأ من عين تدعل وصلى في المكان، وحدد المحراب باستخدام عظم الشاة.

وبعدها، اتخذ الناس هذا الموقع مصلى، وبنوا مسجدا فيه، تم ترميمه عدة مرات على مدار السنوات.

ومع كل هذه المواقع الأثرية والتراثية والإقبال الكبير عليها، حرصت الهيئة الملكية على دعم أهالي العلا لتشجيعهم على الإقبال على الصناعات المحلية، وتعريف الزوار بهم.

فعلى امتداد البلدة القديمة، توجد محال لبيع المنتجات التراثية أو التعريف بها، إلى جانب المنتجات الطبيعية كالصابون والكريمات، التي صنعت جميعها من مواد من إنتاج العلا، بإشراف مدرب فرنسي.

والتقى موقع "سكاي نيوز عربية" بعدد من السياح الذين حرصوا على زيارة البلدة القديمة والتعرف على المواقع والمنتجات الموجودة فيها.

وقال الزوجان آيمل وإلين اللذان جاءا من مدينة جنيف السويسرية: "جئنا إلى هنا من جنيف بعد أن تمت دعوتنا من قبل صديق، وقد دهشنا فور وصولنا. إنه مكان يحبس الأنفاس.. الألوان هنا والطبيعة تجعلنا نشعر بأننا في مكان سحري. كما أن طيبة الناس وكرمهم كانت بلا حدود".

وفي خضم الإقبال الكبير الذي تشهده العلا من قبل السياح ومواطني المملكة، حرص مركز البلاغات الأمنية على التواجد في البلدة القديمة، للتفاعل مع الزائرين وتعريفهم بالحملة الإعلامية الخاصة بالرقم "990"، حرصا على أمن وسلامة المملكة وزائريها.

ويختص مركز البلاغات الأمنية بالرقم 990 التابع لرئاسة أمن الدولة، ويتلقى البلاغات عن المطلوبين أمنيا أو في حالة الإشتباه بالأشخاص، أو في كل قضية تمس بأمن الدولة، حتى إن كانت حالة الاشتباه تخص مواقع التواصل الاجتماعي .


وأشار المركز إلى أنه تم عرض مكافآت تبدأ من مليون ريال وتصل إلى 7 ملايين، إذا كان البلاغ صحيحا والمعلومات المقدمة دقيقة.

وبهذا، فإن زائر البلدة القديمة، سيحصل على نظرة مقربة تعرفه بالعلا وأهلها، وطبيعة حياتهم منذ القدم وحتى يومنا هذا.

قد يهمك أيضا:

"شتاء طنطورة" رسالة من شباب العلا لتوصيل إرثهم الحضاري إلى العالم بكل اللغات

"شتاء طنطورة" يعود في موسمه الجديد حاملا أربعة محاور للفاعليات ومجسداً للتراث

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طنطورة العلا والبلدة القديمة تروي قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين طنطورة العلا والبلدة القديمة تروي قصص مجتمع عاش فيها قبل مئات السنين



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 12:46 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
 العرب اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق

GMT 03:40 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة

GMT 18:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة ملابس ريال مدريد تنقلب على كيليان مبابي

GMT 14:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرفض إعارة الإيطالي كييزا في يناير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab