حذر خبراء من أن النساء اللواتي يتناولن أدوية مضادة للاكتئاب خلال فترة الحمل، يضاعفن خطر إنجاب طفل مصاب بالتوحد، وهذا ما وجدته دراسة أجريت على حوالي 14 ألف امرأة حامل، ولكنهم أكدوا أن الخطر المطلق لإنجاب طفل مصاب بالتوحد ما يزال صغيرًا بنسبة تصل إلى طفل واحد بين 82 طفلًا، أي حوالي 1.2%.
ويرتفع خطر إنجاب طفل مصاب بالتوحد لأمهات يتناولن مضادات الاكتئاب بنسبة 87% مقارنة باللواتي لا يتناولن هذا النوع من الدواء، وتبرز المخاوف أن الاستخدام المتزايد للأدوية المضادة للاكتئاب يمكن أن يكون لها تأثير ضار على المرضى وأطفالهم.
وتنصح الوكالة الوطنية للصحة البريطانية النساء الحوامل بعدم تناول مضادات الاكتئاب، ولكنها تشير إلى استثناء الحالات التي تعاني من اكتئاب شديد، فالنساء اللواتي يعانين من الاكتئاب الشديد لا يستطعن الاستغناء عن أدويتهن.
وتعاني امرأة من بين سبع نساء من الاكتئاب خلال فترة الحمل، وبالرغم من أن العديد من هذه الحالات تعتبر طفيفة، إلا أن حوالي 20 ألف امرأة حامل تتناول مضادات الاكتئاب، أي ما يقرب من امرأة بين 25 امرأة في بريطانيا.
وأفادت قائدة فريق البحث الكندي العالم أنيك بيرار: "وجد البحث أن تناول مضادات الاكتئاب خلال الثلث الثاني أو الثالث من الحمل يضاعف من مخاطر إنجاب طفل مصاب بالتوحد بحلول عمر السابعة، وخصوصًا إذا كانت الأم تأخذ مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية المعروفة باسم إس إس آراي".
وتضاعف استخدام مضادات الاكتئاب في إنجلترا لوحدها خلال العقد المنصرم من 29 مليون وصفة طبية في عام 2004، إلى 57 مليون في العام الماضي، وتعتبر مضادات الاكتئاب "إس إس آراي" الأكثر شيوعًا والتي تنتجها العلامة التجارية "بروزاك".
ويعتقد الأطباء من جامعة مونتريال الكندية، بأن الدواء يؤثر على نمو الجنين من خلال زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، وقالت الدكتورة أنيك: " نستطيع أن نقول إنه من المعقول بيولوجيًا أن تسبب مضادات الاكتئاب مرض التوحد، وخصوصًا إذا تعرض لها الجنين أثناء تطور الدماغ في الرحم، فالسيروتونين يشارك في العديد من عمليات النمو قبل وبعد الولادة، بما في ذلك انقسام الخلايا، وإنشاء روابط بين خلايا الدماغ".
ونشر البحث في مجلة "جاما" الطبيعة للأطفال، واستخدمت فيه بيانات لحالات حمل في كيبيك بين كانون الثاني / يناير 1998 وكانون الأول / ديسمبر 2009، ووجد الفريق أن من بين جميع الأطفال تم تشخيص 0.72% ممن يعانون من مرض التوحد، واكتشفوا أن من بين النساء اللواتي تناولن مضادات الاكتئاب في الأشهر الأولى كان الخطر 1%، فيما ارتفع إلى 1.2% بالنسبة للواتي أخذن الدواء في الأشهر الثلاثة الثانية أو الثالثة من فترة الحمل.
وخلص العلماء بعد الأخذ بعين الاعتبار التاريخ السابق للاكتئاب لدى النساء الحوامل، إلى أن تناول أي نوع من مضادات الاكتئاب يزيد خطر إنجاب طفل مصاب بالتوحد بنسبة 87%، ويزيد عقار "إس إس آراي" الخطر بنسبة 117%.
وربطت دراسات سابقة بين تناول النساء الحوامل لمضادات الاكتئاب وإنجاب أطفال لديهم قصور في الانتباه وفرط في الحركة، وحذر الأطباء من استمرار النساء الحوامل بعدم أخذ مضادات للاكتئاب بدون استشارة الطبيب.
وذكر المتحدث باسم الكلية الملكية لأطباء التوليد وأمراض النساء باتريك أوبراين: "يمكن أن يكون الاكتئاب أثناء الحمل خطيرًا جدًا، ويمكن أن يؤثر على صحة الطفل، لذلك يجب علينا النظر في فوائد الأدوية المضادة للاكتئاب في مثل هذه الحالات".
وأضاف أوبراين: "يمكن أن تكون إيجابية الدواء عمومًا تفوق المخاطر، ولكن علينا مناقشة الإيجابيات والسلبيات بين المرضى والأطباء".
وبيّن مدير المركز الوطني للصحة النفسية في جامعة كارديف البروفيسور إيان جونز: "تتفق هذه الدراسة مع بعض الدراسات الأخرى التي نشرت في الأعوام الأخيرة التي وجدت روابط بين تناول المرأة لمضادات الاكتئاب أثناء الحمل وتعرض جنينها لمرض التوحد، ومع ذلك فإن العلاقة لا تزال غير مؤكدة، ومن الممكن أن خطر الإصابة بالتوحد مرتبط بالأدوية، أو بسبب الحالة المزاجية للمرأة أثناء الحمل".
أرسل تعليقك