مسقط - طارق الشمري
ورث خميس بن مبروك الخميسي صناعة الطبول التقليدية العمانية، تناقلت عائلته هذه الحرفة لأجيال عدة، وبدأ هو مزاولتها قبل أكثر من 40 عاماً، يدا خميس المتشققتان من نحت الخشب وتجويفه تخبران عن قساوة هذه الحرفة وصعوبتها الكثير، فهو عمل يحتاج إلى الصبر والدقة .
ينتشر صنّاع الطبول التقليدية في معظم مناطق السلطنة، وجميعهم من دون استثناء ورثوا الصنعة عن أجدادهم، حيث تتوارث العائلات معظم هذه الحرف بشكل روتيني مما ساهم إلى حد ما ببقائها على قيد الحياة، خميس مبروك الخميسي أحد صناع الطبول المعروفين، تمتد شهرته إلى خارج ولايته "المصنعة" ويأتيه الزبائن من مختلف المناطق العمانية، يقول: "توارثت عائلتنا هذه الحرفة منذ القديم وأنا أزاولها منذ أكثر من 40 عاماً، حرفة ليست سهلة أبدا لأنها تعتمد على الصناعة اليدوية من ألفها إلى يائها، ويلزمها الدقة والصبر وكثير من الخبرة حتى تحصل على طبل جيد، من يعمل بها يجب أن يمتلك يدي نحات وأذني موسيقي" .
تتنوع الطبول بحسب المناطق العمانية وبحسب أنواع الفنون التقليدية المنتشرة فيها، فلكل فن طبله الخاص، يقول: "تصاحب معظم الفنون التقليدية العمانية الطبول منها ما يعلق على كتف الطبال ومنها ما يحمل بين اليدين وبعضها يسند على الأرض، وبعضها يصاحبه نوعان منها، وتختلف مسمياتها بين الكاسر والرحماني والوقافي والمسيندو وغيرها" .
ويضيف خميس: "يستخدم الطبل الكاسر والرحماني والرنة في عدد من الفنون منها فن الرزحة و فن العيالة الذي يمثل فيه الإيقاع الجزء الأهم وهو من الفنون التي يصاحبها إلقاء القصائد الشعرية، كما تستخدم كذلك هذه الطبول في فن الرواح الذي تشتهر به محافظة مسندم والذي يؤدى في حفلات الزواج والمناسبات الخاصة، في حين يستخدم طبل الوقافي الصغير والوقافي الكبير في فنون الميدان والطنبورة والمكوارة .
حجم طبل الكاسر يكون أصغر من حجم الرحماني ولذلك يصدر صوتاً حاداً بالمقارنة مع الرحماني، والعلاقة بين الرحماني والكاسر هي علاقة وطيدة وغالباً ما نراهما سوياً لأن كل منهما يكمل دور الآخر ويتم تثبت الجلد على الكاسر بواسطة الحبال التي تربط بطريقة متناظرة، وهناك نوعان منه وهما القصير والطويل، ويعزف على الكاسر القصير بالعصا أو باليدين معاً .
أما طبل الرحماني فهو واحد من أهم آلات الإيقاع في موسيقى عمان التقليدية ونجده موزعاً ومنتشراً في جميع محافظات ومناطق السلطنة، صوته عميق وقوي وهو جزء مهم من معظم الفنون العمانية" .
يختم خميس حديثه معنا بالتأكيد على أهمية حرفة صناعة الطبول والآلات الموسيقية العمانية الأخرى مثل المنجور الذي يستخدم للياذرة والقرع الذي يستخدم في الطنبورة، كون هذه الآلات الشريان الحيوي لكل الفنون التقليدية العمانية، داعيا الجهات الحكومية إلى مزيد من الدعم للحرفيين، والشباب العمانيين إلى الإقبال على تعلم هذه الحرفة ومزاولتها ليشكلوا بذلك امتداداً مستمراً لإرث عمان وتاريخها الموسيقي الذي شكلت الفنون ومازالت حيزاً واسعاً منه على امتداد الجغرافيا العمانية .
تمر صناعة الطبول بعدد من المراحل وهي تعتمد بشكل أساسي على الأخشاب والجلود، يقول خميس: "تتعدد أنواع الأخشاب التي تستخدم في صناعة الطبول ومنها خشب بيذام (الجوز) وخشب السدر والقرم والشريش وبعض الأخشاب المستوردة مثل أخشاب الساج وغيرها، ولصناعة طبل الوقافي يتم تفريغ جذع الخشب بشكل متساو حتى النهاية وهذا عمل شاق يحتاج لأيام طويلة ربما تبلغ شهراً، وعندما ينتهي تفريغه تأتي مرحلة وضع الجلد عليه، وتستخدم لذلك جلود الأغنام والأبقار، عموماً أنا أفضل استخدام جلد ثور كونه مازال رطباً، ويتم تثبيته على الخشب بواسطة مخارز بعد تنظيفه من الشعر ، وعند استخدامه في أداء الفنون يجب أن يتم تحمية هذا الجلد وتعريضه للنار وإلا فإنه لن يصدر صوتا موسيقيا" .
أرسل تعليقك