فاس ـ حميد بنعبد الله
أعلنت وزارة الثقافة المغربيّة، عن اكتشاف علمي بالغ الأهمية بالنسبة إلى تاريخ وتطوّر الإنسان القديم في شمال أفريقيا، ويتعلق الأمر بمستحث بشري جديد عُثر عليه في مغارة البقايا البشرية في موقع طوما الأول، جنوب غربيّ مدينة الدار البيضاء، وهو عبارة عن جسم عظم الفخذ لإنسان "أومو روديسينسيس".
وكشفت عمليات التنقيب المنتظمة في مغارة البقايا البشرية في موقع "طوما 1"، العثور عن اكتشاف بقايا بشرية أخرى، منها نصف فك سفلي (1969)، أسنان عدة (بين 1994و 2006)، فك سفلي كامل (2008)، جزء خلفي لفك سفلي لطفل (2009)، إضافة إلى بعض أجزاء الجمجمة.
وتُعدّ هذه البقايا المُؤرخة بأكثر من 500 ألف سنة قبل الميلاد، والتي تنتمي إلى أومو روديسينسيس الأولى من نوعها، التي تستخرج نتيجة حفريات أثرية علمية منتظمة ودقيقة، ويندرج هذا الاكتشاف العلمي المُهم في إطار الأبحاث والحفريات المنتظمة، التي يُنجزها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة المغربية، والبعثة الأثرية الفرنسية الساحل ـ المغرب التابعة إلى وزارة الشؤون الخارجية والأوروبية الفرنسية منذ العام 1978، وذلك داخل برنامج الأبحاث المعروف بـ''ما قبل التاريخ في ولاية الدار البيضاء الكبرى''، ويُشرف عليه محافظ ممتاز للآثار والمواقع، الأستاذ عبدالرحيم محب، من المديرية الإقليمية للثقافة في القنيطرة، ومدير أبحاث في المعهد الوطني للبحث العلمي الفرنسي في جامعة بوردو الأستاذ جون بول رينال، فيما تدخل الحفريات التي يعرفها موقع ما قبل التاريخ لمقلع "طوما 1" في سياق التعاون المغربيـ الفرنسي في ميدان الأركيولوجيا، بمساعدة معهد "ماكس بلانك بلايبسيس" من ألمانيا وجهة أكيتان من فرنسا.
ويعتبر هذا الاكتشاف أحد عظام الفخذ القلائل المكتشفة على الصعيد الأفريقيّ بالنسبة إلى فترة البليستوسين الأوسط (ما بين 780000و125000) قبل الميلاد، والذي يمكن مقارنته باكتشاف سابق في عين معروف في إقليم الحاجب. وتمكّن هذه البقايا من التعرّف على الحجم والهيئة وطريقة التنقل الخاصة بهؤلاء السكان الأقدمين.
وتدل الآثار البديهية المُلاحظة على سطح عظم الفخذ لموقع "طوما1"، أن هؤلاء البشر شكلوا أيضًا فريسة للحيوانات اللاحمة والمفترسة، أما بالنسبة إلى تاريخ هذا الاكتشاف البشري، فيقدر حسب المعطيات الأركيومترية والجيولوجية والبيولوجية المنجزة في الموقع، بأكثر من 500 ألف سنة قبل الميلاد.
وأكدت وزارة الثقافة، أن عظم الفخذ هذا عُثر عليه بجانب أدوات منحوتة على الأحجار، تُميز الحضارة الأشولية خلال فترات ما قبل التاريخ، وأيضا بقايا متحجرة لمجموعة من الحيوانات اللاحمة والعاشبة والقوارض، مثل الغزال، الظباء، الخنزير، الخيليات، الدب، الضبع، القردة، وحيد القرن، الدربان، الأسد، والكلبيات (ابن آوى)، إلخ..، وحسب آخر الدراسات، فإن الحيوانات اللاحمة تظل السبب الرئيس وراء تكدّس وتواجد البقايا الحيوانية والبشرية داخل المغارة.
ويُعتبر موقع "طوما 1" اليوم، مرجعًا ضروريًا ومحطة مهمة لمعرفة ودراسة الاستقرار البشري القديم في شمال غرب أفريقيا، وذلك خلال فترات حاسمة من تطوّر الإنسان، مما يُحتّم انخراط الجميع (باحثون ومسؤولون) من أجل حمايته بصفة نهائية.
أرسل تعليقك