افتتح وزير الثّقافة د. إيهاب بسيسو، أمس الثلاثاء، مؤتمر مئويّة شيخ المَصرفيين العرب "رفعت صِدقي النّمر"، وذلك في حَرم جامعة النّجاح الوطنيّة، ضمن مشروعٍ تقوم به الوزارة للاحتفاءِ بمئويات ميلادِ روّاد الثّقافة الفلسطينيين.
وقال بسيسو: إنّ النّمر يعدّ من أبرز الأسماء التي لعبت دورًا بارزًا في الحياة السياسة والاقتصاديّة والثقافيّة في فلسطين، ومن هذا المنطلق جاء اهتمام وزارة الثقافة بإحياء مئويّته، فاهتمامُنا بذكرى هؤلاء الذين قدّموا لفلسطين في مختلف مناحي الإبداع، ينطلق من اهتمامنا بالذاكرة الفلسطينيّة التي تعدّ من أبرز ركائز الصّمود الوطني في فلسطين، فهو يرسّخ الوعي والانتماء في فلسطين الوطن والتاريخ والحاضر والمستقبل، وهو مصدر من مصادِر الإلهام، وبناءِ الشّخصيّة الوطنيّة.
وشدد بسيسو على أهميّة إحياء وترسيخ الذاكرة بكل ما لدى الفلسطينيين من إمكانيات رغم السياسات الاستعماريّة التي تستهدف تاريخ فلسطين، محاولةً تفتيت الجهودِ الوطنيّة، مشيرًا في المقابل إلى سياسة وزارة الثقافة الاستراتيجيّة الهادفة إلى تعزيز الرّواية التاريخيّة والسّياسية والثقافية من خلال مشروع إحياء المئويات لرواد الثقافة الذي انطلق في العام 2017، وبدأ بمئويّة الشاعرة القديرة فدوى طوقان التي ولدت عام 1917.
وأوضح بسيسو: انحزنا لإحياء ذكرى الميلاد؛ لأننا نؤمن تمامًا أن الميلاد يتجدد دائمًا مع كل ما يقدمه هؤلاء من إبداعٍ وإلهام لأجيال قادمة، وأردنا أن نقول إنّه رغم رحيل الجسد إلّا أن هذه الأسماء بكل ما تتركه بيننا من إرثٍ وتراثٍ يتجدّد ميلادها كلّ مرّة حين نقوم بإحياء ذكراهم، مستفيدين من ثراء تجربتهم لخلقِ حالةٍ من الوعي المتجدّد.
وأكّد: سنحيي ذكرى مئوية الرّواد لخمسة عشر عامًا في مرحلته الأولى، كنّا في 2017 في مئويّة فدوى طوقان، وهذا العام نحنُ مع مئوية رفعت النّمر، وسنكون في العام المقبل 2019، الذي ستكون فيه القدس عاصمة الثقافة الإسلاميّة، مع مئويتي الطبيب والسّياسيّ الفلسطينيّ حيدر عبد الشافي والمؤرّخ والمفكر أميل توما، إلى الشّاعر الفلسطينيّ علي هاشم رشيد، في حين سنحتفي في العام 2020 بمئويّة الكاتب والناقد جبرا إبراهيم جبرا، وشيخ النّقاد د. إحسان عبّاس، لتستمرّ فلسطين بالاحتفاء بإبداعات قافلة من الرّواد والرائِدات في المجالات المختلفة، مجددة العهد على صون أسمائِهم وإبداعاتهم.
وقال: إنّ خطة وزارة الثقافة في هذا السياق كانت محفزًا لاكتشاف جملة من الإبداعات الموازية، فلدينا في فلسطين مجموعة من المبدعين الشّبان يمكن أن يكونوا كفدوى طوقان، ورفعت النّمر، وإيميل، وجبرا وغيرهم في كلّ المجالات، لهذا نقول لهم إنّه برغم الصّعوبات والتّحديات بإمكاننا أن نتكاتف جميعًا لتحلّق هذه الإبداعات عاليًا.
وأشار إلى أن شخصيّة كلّ عام تعيد بناء صورة فلسطين بكلّ تجددها ونشاطها، فإيماننا بهذا المشروع ينطلق من إيماننا بالشّراكات الحقيقيّة مع مختلف المؤسسات الأكاديميّة والثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، التي ساهمت في إنجاح المشروع، وستسهم في ديمومته واستدامته، شاكرًا دامعة النّجاح الوطنيّة، وكل المؤسسات الشّريكة.
في حين تحدّث د. محمد العملة، نائِب رئيس جامعة النّجاح للشؤون الأكاديميّة، عن مناقب الفقيد وسيرته، ودوره الكفاحيّ والمهنيّ، ودوره الوطنيّ الحافل بالكثير من الإنجازات، إضافة لدوره الإقليميّ في لبنان والسعودية وإفريقيا في مجال العمل المصرفي، قائلًا: إنّ النّمر يعتبر واحدًا من رجالات فلسطين الذين خلفوا إرثًا وطنيًا واقتصاديًا يُشهد له، فلسطينيًا وعربيًا.
وقدمت منال النمر في كلمة العائلة نبذة عن حياتِه، فقد ولد في نابلس عام 1918، وتوفي في العام 2007، وأنهى دراسته الابتدائية في مدرستي الهاشمية والصلاحية، فيما أنهى دراسته الثانوية في مدرسة النّجاح، ثم التحق بجامعة القاهرة ودرس الأدب العربيّ، وانتخب رئيسًا لأوّل اتحاد للطلاب العربيّ.
وقالت النمر: إنّه وبسبب نضاله اعتقل النمر في الصرفند، وهناك التقى عددا من المثقفين، ورجال الأعمال ومن ضمنهم عبد الحميد شومان، مؤسس البنك العربي، الذي ساهم بتغيير توجه حياته، فعمل مساعدًا لمدير البنك العربي في بغداد، وبدأ رحلة التّنقل بين البنوك حتى استحق بجدارة لقب “شيخ المصرفيين العرب” الذي أطلقته عليه مجلة المصارف.
في حين قدّم الدكتور أمجد أبو العز في جلسة المؤتمر الثانيّة ورقةً بعنوان: القطاع الخاص والدور الثقافي في فلسطين، ود. جعفر عباهرة ورقةً بعنوان السّياحة الثقافية في فلسطين بين الواقع والمأمول.
وكرّم بسيسو في نهاية المؤتمر عائِلة النّمر بإهدائِهم صورةً للفقيد، وكرّم جامعة النّجاح والشّخصيات والمؤسسات الشّريكة، مستقبلًا شكر وتقدير عائِلة النّمر بتكريمه ووزارة الثقافة بدرعٍ تقديريّ.
في جولته: بسيسو يزور النّتشة ومرتجى، يؤكّد على أهميّة الإبداع المسرحيّ والرّوائيّ والموسيقيّ في الفعل الثقافي.
وخلال جولَته في مدينة نابلس زارَ بسيسو د. ماهر النّتشة القائم بأعمال رئيس جامعة النّجاح، مؤكدًا على عمق الشّراكة بين الوزارة والمؤسسات الأكاديميّة، ودور هذه المؤسسات في الخروج بفعل ثقافي موحّد ومستدام، كما زار مركز الإعلام في جامعة النّجاح الوطنيّة، وبحث مع مدير المركز غازي مرتجى سُبل النّهوض بالإعلام الثقافي، وتعزيز التّعاون مع الوزارة.
وحضر بسيسو عرضَ مسرحيّة ميرميّة من إخراج ميرنا سُخنة، وتمثيل فاتن خوري، والتي عرضت مشاهد من الهجرة الفلسطينيّة وحلم العودة إلى البلاد، شاركًا مسرح الحارة على هذا الإبداع، ثمّ زار المَكتبة الشّعبيّة في نابلس، حيثُ أكّد على أهميّة تظافر جهود النّشر، واطّلع على أبرز إصداراتها ونشاطاتها.
واختتم بسيسو جولته بحضور عرضٍ موسيقيّ لفرقة نابلس للموسيقى العربيّة، في مسرح الأمير تركي بن عبد العزيز في جامعة النّجاح الوطنيّة، مؤكدًا على أنّ الفعل الثقافيّ المتنوع فعلٌ مقاوم.
أرسل تعليقك