حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر
آخر تحديث GMT09:10:37
 العرب اليوم -

خرج منها البطل الكردي صلاح الدين الأيوبي وتحدّث عنها شكسبير

حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر

حلب شامخة أمام التاريخ كمدينة مزدهرة ومتطورة
دمشق ـ نور خوّام

يعيش مواطنو حلب قصصًا لا تنتهي فصول صراعها. ولكن مثلما وقفت حلب شامخة أمام التاريخ كمدينة مزدهرة ومتطورة، فهي الآن شاهدة على همجية لم يسبق لها مثيل من النظام السوري. فتلك المدينة المتجذرة بعمق في التاريخ، ذكرها شكسبير في "ماكبث وعطيل" وهي واحدة من المدن الأكثر احتراما في المنطقة، بتاريخها الغني الذي يستدعي إلى فكرك قصصًا عميقة حول النصر والهزيمة، والنجاح والمعاناة. وحمل التجار من حلب اسم مدينتهم في كافة الأرجاء، للدرجة التي اشتهرت أكثر من سورية وهي الوطن.

حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر

ويروي حسن زيارته الأخيرة إلى حلب قائلا "قمت بزيارتي الأخيرة إلى حلب أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان، وأحد ​​مراكزها التجارية، التي لا تتجاوز الآن كونها مدينة الجرحى، قبل أربعة أشهر فقط من الانتفاضة السورية التي بدأت في مارس/أذار 2011. وكانت تلك المرة هي أطول فترة قضيتها في سورية، وانتهت جولتي في سورية التي مررت خلالها على بعض المدن بدأتها من دمشق، ثم  معلولا، وهي بلدة مسيحية قديمة فيها بعض السكان ما زالوا يتحدثون لغة السيد المسيح، الآرامية. من هناك، سافرنا على طول الطريق بين تركيا وجسر الشغور إلا أنني توقفت وقضينا يومًا واحدًا في حمص وحماة ... وحلب.

وعلى عكس المدن السورية الأخرى، فحلب هي المدينة الوحيدة التي تحمل لقب، "الشهباء"، أو "بيضاء اللون"، بسبب لون الرخام الشهيرة. وتاريخيا، كانت حلب صانعة الملوك في المنطقة؛ فمن تولّى حلب شن حملات لاتخاذ غيرها من المدن، بما في ذلك دمشق. وعلى الرغم من أهميتها، لم يزر حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي الذي دمر الأخضر واليابس في المدينة،  حلب طوال حكمه الذي استمر 30 عاما.

حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر

وتاريخ حلب أمر حاسم لمصير منطقة شاسعة تمتد من إيران عبر بلاد الشام وصولا إلى مصر فمنها أنطلق الحاكم الشجاع والورع، والذي يعود الفضل اليه في إعادة تنظيم جيوش المسلمين في الشام ومصر القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي الذي هزم الصليبيين في القدس في معركة حطين بعد 13 عاما من وفاة نور الدين الزنكي.

ويُعتبر الفتح زنكي جزءًا من الماضي البعيد في المنطقة. ولكنه أيضا أحد جوانب إرث له صدى واسع ولا تحمد عقباه في اثنين من أهم الأحداث التي تشهدها المنطقة اليوم المعركة التي وصلت إلى ذروتها الدموية الأسبوع الماضي في مدينة حلب، وغيرها من الكفاح العظيم الذي يتم في موصل العراق.

ويروي حسن "رأيت حلب قبل ست سنوات وكان العالم بعيدا عن حلب زنكي. إلا أن الصورة تنتمي أيضا إلى الماضي البعيد، وذلك بفضل الدمار الناجم عن وحشية النظام. قنابل برميلية، وهو سلاح الأسد وحلفائه، الذي ينهال على المدنيين بشكل يومي منذ ما يقرب من خمس سنوات. وتعمل قاعدة للمتمردين في حلب وتشكل تهديدا مباشرا لحكم الأسد. وعلى الرغم من الآمال التي تلوح في الأفق ولا تأتي مطلقا لوقف إطلاق النار خلال السنوات القليلة الماضية، لا شيء يضعف عزم القوات الحكومية على تحويل المدينة إلى جحيم على الأرض.

وهجوم القوات الحكومية على المدينة ليس أقل وحشية من تدمير الآثار بأيدي "داعش". فحلب التي تعاني من القتل العشوائي والجماعي للمدنيين، والتي تشهد وابلًا من القصف الجوي بلا هوادة تلك المدينة القديمة في ما وصفتها شبكة سي إن، عبر مراسليها بأنه "القفار المروع". والفرق بين تصرفات الأسد و"داعش" هو فقط في العرض: فيعلن "داعش" وحشيته للعالم كي يرى وتكون صدمة له، أما الأسد ينفي ذلك على الغرباء وهناك في الموصل، حملة مخطط لها بعناية، وهي الآن في شهرها الثالث تهدف إلى إنهاء حكم القرون الوسطى الذي أسّس له"داعش" عندما طرد القوات العراقية من المدينة في عام 2014.  أما الحملة التي تدور رحاها في حلب، استمرت لمدة أربع سنوات من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتوجّها الأسبوع الماضي بطرد المقاتلين المتمردين من معاقلهم في النصف الشرقي من المدينة، ووجّه ضربة إلى انتفاضة شعبية ضد الدكتاتورية السورية التي انفجرت في جميع أنحاء البلاد في عام 2011.

حرب تدور رحاها لا يعلم أحد كيف الخلاص من ويلاتها، وصرّح أكرم الكعبي، قائد إحدى الميليشيات الشيعية الخارجية الرئيسية التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية في سورية في زيارة في سبتمبر/ ايلول أن حلب كانت شيعية، إذ يشير إلى وقت قبل زنكي، عندما كان يسيطر على المدينة سلالة الحمدانية الشيعية. وقد ذكر مسؤولون عراقيون، بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أيضا ان الميليشيات الشيعية ستتحرك للقتال في حلب مرة واحدة وكانت المعركة في الموصل.

وفي وسائل الإعلام الغربية، بالكاد تذكر مثل هذه الاستفزازات. وتم تأطير خسارة المتمردين في شرق حلب بدقة في سياق الحرب الأهلية السورية. وإلى جانب الكارثة الإنسانية، فالمسائل تميل إلى التركيز على ما كان سقوط مثل هذه المعاقل سيعني إنهاء التمرد ضد الأسد. ولكن مثل هذه الأسئلة لا تعبر عن عمق الجرح النفسي الذي تواجهه المدينة. أن المأساة في حلب أعمق بكثير، وسيُشعر بعواقبها العميقة في السنوات المقبلة.

والحقيقة المحيرة هو أن العديد من الناس في جميع أنحاء العالم ما زالوا ينظرون إلى الأسد كبديل حضاري للفوضى وشريك محتمل. "نعم، هو رجل سيء، ولكن ..." أصبحت العبارة التي تبرر المعاناة التي لا يمكن تصوُّرها التي ارتكبها ضد الملايين من السوريين باسم الحفاظ على الدولة والحفاظ على الاستقرار. إنها قضية أخلاقية وصفها الراحل كريستوفر هيتشنز بشكل جيد. واقتبس منه واصفا هذا الموقف من أن الإطاحة بصدام ينطبق إلى حد مخيف على سورية. "كل من يقول إن صدام حسين كان" حسنا، رجل سيء "لا يعرف ما الذي يتحدثون عنه. إنهم لا يعرفون ما الفاشية. إنهم لا يعرفون كيف يبدو رؤية عائلات أجبرت تحت تهديد السلاح على التعذيب والإعدام، في الأماكن العامة، إنهم لا يعرفون كيف يبدو رؤية 180 ألف كردي، على الأقل، قتلوا بالغاز السام في المحافظة الشمالية.

ولكن ضحايا النظام وحلفائه ليسوا الجهاديين، أن جدران حلب تشهد أنهم ليسوا كذلك، فالجهاديين لا يتركون وراءهم الكتابة على الجدران، يعزون حريتهم المفقودة ومدينتهم التي يتم إجبارهم على الرحيل منها. ثار الناس في سورية لأنهم يريدون لبلادهم أن تكون حرة، بما في تلك الثورة من تطرف وانفلات أمني، وكان نتاج الطريق استجاب النظام لمطالب الشباب والشابات.

يعرف السوريون أن الخروج إلى الشوارع للمطالبة بالحرية جرأة. كانوا يعرفون أيضا أن العودة إلى الحياة في ظل الأسد سيعني أنهم، أو جيل آخر، يجب أن يفعلون كل شيء من جديد. ولكن من الوهم الاعتقاد بأن سورية سوف تعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2011. سورية كما نعرفها لن تكون هي نفسها.

الحرب لم تنته بعد فطريق استعادة حلب خلق بيئة للتطرف في التفاقم والنمو. ويحتاج النظام لاستعادة حلب لتوجيه ضربة أخيرة لأي مشروع لتعزيز التمرد السوري ضد الأسد، وبخاصة قبل أن تتسلم الإدارة الأميركية المقبلة. وظهرت تقارير تفيد بأن روسيا أرسلت نفس قوة النخبة التي ساعدت على ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 لطرد المتمردين في شرق حلب. وقد تحقق ذلك بالفعل.

حلب في عيون التاريخ

عام 6000 قبل الميلاد، كانت حلب هي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، و عام1800 قبل الميلاد، ازدهرت حلب عاصمة  في عهد الملك يريم-ليم. وفي وقت لاحق، أصبحت جزءا من الإمبراطورية الرومانية، ثم تم الاستيلاء عليها من البيزنطيين من قبل العرب المسلمين. وخلال القرن 10، جعل الحمدانيون في سورية، من حلب عاصمة لهم. ولكنه بعد ذلك أصبح موضوعا لصراع على السلطة، والإمبراطورية البيزنطية، الصليبيين، الفاطميين الخلافة وإمبراطورية السلاجقة قاتلت للسيطرة. عام 1146 احتل نور الدين زنكي المدينة.

القرون الـ13-19

تمتعت المدينة عصر الاستقرار في ظل حكم سلالة الأيوبيين، قبل التقاطها على يد المغول في 1260. وفي عام 1516، أصبحت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، موقعها الجغرافي رؤيتها تصبح مركزا تجاريا بارزا . وسيكون البقاء تحت الحكم العثماني حتى انهيار الامبراطورية في عام 1918، على الرغم من ازدهارها كمركز تجاري تلاشى بعد القرن الـ16.

خلال القرن الـ 20

نالت سورية استقلالها في عام 1945، مع حلب النامية ومركزا اقتصاديا رئيسيا. كما ازداد عدد سكانها بحلول عام 2005. وأكثر من 70٪ من السكان كانوا من المسلمين السنة، في حين أن 30٪ مسيحيين وأقليات أخرى.

القرن الـ 21

جاءت الحرب إلى المدينة في عام 2012 يوليو/تموز، عندما استولى مقاتلو المعارضة على العديد من المناطق. لقد أصبحت ساحة معركة لقوات الحكومة المدعومة من قبل القوات الإيرانية والطائرات الروسية ضد تحالف من المتمردين. ووصف بان كي مون بأنها "مرادفا للجحيم".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر حلب تشهد قصصًا مرعبة لا تنتهي بعد أن كانت عنوان الازدهار والتطوُّر



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 07:41 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان
 العرب اليوم - مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان

GMT 09:10 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أزمة جديدة تُعيق عودة هاني سلامة للسينما
 العرب اليوم - أزمة جديدة تُعيق عودة هاني سلامة للسينما

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab