مع حلول عيد الأضحى، يبدأ هاجس شراء الأضحية يراود كل الأسر المغربية والمسلمة، التي تحتفظ بهذه السنة من أجل التقرب إلى الله، وإدخال الفرحة على قلوب الأطفال. فتشرق شمس يوم عيد الأضحى كل عام بمشاعر الفرح عند الكبير والصغير، تتوجها عبارات التهليل والتكبير، لتبدأ بذبح الأضحية. لكن كيف تدبر الاسر المغربية المحدودة الدخل والمتوسطة ثمن الأضحية؟ وما رأي الفقهاء في التكلف من اجل اقتناء الأضحية؟.
بحلول شهر ذي الحجة تبدأ الأسر المغربية في الاستعداد لاقتناء كل مستلزمات العيد من سكاكين، وأواني، وخضر وفواكه جافة.. الخ، إلا أن الحمل الأكبر يبقى هو اقتناء كبش الأضحية، والذي يلزم الأسر المغربية في بعض الأحيان إلى بيع أثاث المنزل أو بعض الملابس أو الأواني الثمينة، لشراء كبش العيد، حيث تزداد معاناة رب الأسرة في ظل غياب دخل مادي مستقر، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار الأضاحي.
فريق "العرب اليوم" حاول رصد بعض الحالات الإنسانية التي تعيش كل سنة على وقع العجز عن شراء أضحية العيد، والتخبط في متاهات المصاريف التي تزامنت هذه السنة مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي. رحلة البحث الأولى بدأت من أحد الأسواق الشعبية بمنطقة حد السوالم التابع لإقليم برشيد والذي يمتلئ عن أخره في الأيام الأخيرة قبل عيد الأضحى، حيث الكل منهمك في البحث عن أضحية العيد قدر المستطاع، منهم من رافقه أطفاله، والآخر برفقة زوجه، والبعض الآخر رفقة أقاربه، تجده يتحين فرصة الظفر بكبش العيد لإرضاء أسرته سواء الصغيرة أو الكبيرة، رحلة البحث قد تستغرق ساعات بين التجول في السوق ودراسة الاثمان ، والبحث عن الكبش المناسب ثمنا من بين الاكباش التي يعرضها الباعة، عادات دأب المغاربة عليها مع اقتراب كل عيد أضحى، يتفاخرون بها أمام الأهل والجيران، ففي الوقت الذي تنهمك فيه بعض الأسر في البحث عن أضحية العيد بالأسواق، تنهمك الأسر الأخرى في البحث عن ثمن لاقتناء كبش العيد.
عيد الأضحى صلة التقاء ووصل بالدين الحنيف
عيد الأضحى من أعظم الأعياد التي يؤكد الإسلام على الاحتفاء والاحتفال به، إعظاما لشعائره وأداء لفرائضه، وقد اعتبر الدين الإسلامي أداء شعائر عيد الأضحى ومناسكه بمثابة صلة التقاء ووصل بالدين الحنيف. فالقرآن الكريم والسنة النبوية، تؤكدان أن هذه المناسبة المحتفى بها ضاربة في جذور التاريخ منذ الأب إبراهيم عليه السلام، مرورا بكل الأديان السماوية، وأنها مناسبة متجددة تؤكد على وجود قيم ومبادئ مشتركة بين أبناء هذه البشرية.
لقد دأب المسلمون على الاحتفاء بهذه الشعائر، خاصة ذبح أضحية العيد، حتى أنك تجد العديد منهم يسارع قبل شهور بتوفيرها وتسمينها لهذا اليوم المشهود، وقد يسعى الفقراء الذين يحاولون مشاركة الفرحة مع الآخرين إلى بيع بعض أثاث المنزل أو الاقتراض؛ لتوفير الأضحية، مع العلم أن علماء الإسلام يعتبرونها مجرد سنة مؤكدة لا تصل إلى درجة الوجوب.
بيع الأثاث لشراء الاضحية
قبل العيد بأيام ينشغل بال الكثير من الأمهات والآباء على السواء، بكيفية تدبير ثمن الأضحية ومصاريفها، المتعلقة بالتوابل ومستلزمات العيد، في هذا التقرير نسلط الضوء على كيفية تدبير ثمن الأضحية لدى الأسر المحدودة الدخل؟ وهل جميع الأسر تستطيع شراء الأضحية بيسر ودون تبعات مالية أو مشاكل اجتماعية واقتصادية؟
عزيز، شاب في مقتبل العمر، يعمل كإطار مسؤول في أحد الأبناك بالدارالبيضاء، متزوج وأب لطفلين، لا يرى في اقتناء كبش العيد ما يثير همه أو يُشغِل تفكيره، مؤكدا أن الرزق يأتي أين ما كان، يقول: "أنا أتوكل على الله، غير آبه بما يمكن أن تشكله مصاريف عيد الأضحى، فليس لدي مشكل في هذا الجانب، وكبش العيد أشتريه ليلة العيد كل سنة بحسب المتوفر، فالأرزاق بيد الله".
غير أن عبد الكريم (36 سنة)، لم تسعفه محدودية الدخل لشراء كبش العيد، على الرغم من اقتراب العيد، وذلك نظرا لكونه يعمل بأحد الأفران التقليدية، ولا يتقاضى سوى 1500 درهم شهريا، وعبر عبد الكريم عن الوضع قائلا: " نحن أبناء الفقراء لا حول ولا قوة لنا، فأن تكون رب أسرة، ليس بالسهل، لذلك غالبا ما أقترض من رب العمل واشتري كبش العيد حتى لا احرم أطفالي فرحة العيد، وبعدها أسدد الدين بإقساط على امتداد أشهر.
فإذا كان عزيز لا يأبه لمصاريف العيد، وعبد الكريم يقترض من رب العمل، فإن البعض الآخر يضطر الى بيع أثاث وممتلكات البيت، بغية عدم إفلات فرصة العيد من بين أيديهم، معتقدين أن عيد الأضحى ينحصر في شراء الخروف والتمتع بأكل لحمه وشحمه بأية وسيلة كانت.
تحكي نعيمة، امرأة أرملة، في عقدها الخامس عن قصتها مع بيع الأثاث المنزلي، قائلة: " ككل سنة الجأ لبيع سواء التلفاز أو ما يتعلق بالأفرشة المستعملة، وذلك من أجل توفير ثمن الأضحية لأطفالي الأربعة، فاقصد السوق الذي يقرب من الحي الذي أقطنه لأبيع ما توافر لدي من الأثاث، لأن هناك من المشترين من يغتنم هذه الفرصة لشراء ما يحتاج من أثاث للمنزل بثمن بخس.
أما السعدية ربة بيت في الخمسين من عمرها، فهي لا تخفي سرا، أن زوجها هو الآخر يلجأ لبيع بعض الأثاث المستعمل لتوفير ثمن الأضحية، تسرد السعدية قصتها وفَيْحُ الألم يحرق كلماتها حرقا، قائلة: " مَن عنده ستة أبناء مثلي، ماذا يمكنه أن يفعل سوى أن يعثر له عن أية طريقة لشراء الأضحية حتى لو كلفنا ذلك بيع متاعنا كله، المهم أن لا يشعر أبنائي "بالضيم" و"الحكرة"، أمام أبناء الجيران وأمام أصدقائهم".
قروض ربوية لشراء أضحية العيد
في الوقت الذي يلجأ العديد من الأسر إلى بيع أثاث منازلها، من تلفاز أو ثلاجات، تعمد الأسر الأخرى إلى الاستعانة بعروض تقترحها وكالات القروض، من أجل تأمين ثمن أضحية العيد.
وقبل عيد الأضحى بأيام عدة، تنتشر إعلانات هنا وهناك تقدمها شركات ومؤسسات للقروض الصغرى، مستغلة حاجة الأسر الفقيرة لشراء أضحية العيد، بتنميق صورة هذه القروض الربوية، فتحدد مبلغ القرض مثلا في قدر 5 آلاف، يمتد تسديدها خلال سنتين بنسبة فائدة تصل إلى 10 أو15 في المائة، أو تسديد مبلغ 169 درهم شهريا، وأحيانا لا تحدد نسبة الفائدة على القروض، لتترك ذلك إلى حين الاتصال المباشر بينها وبين الزبون، كطريقة جديدة من فن "الماركتينغ" لجلب الناس إليها.
ويوضح خالد، 32 سنة موظف بقطاع عام، قبوله الارتماء في أحضان القروض الربوية بقوله: "إنها شركات وأبناك تقدم تسهيلات ذكية لموظفي القطاع العام وحتى موظفي القطاع الخاص، خاصة بالنسبة للوثائق المطلوبة للاستفادة من القرض، ويهم بيان للأجرة أو للحساب البنكي أو البريدي فقط، هذه الأمور شجعتني على أن ألتجئ إلى الاقتراض من تلك الشركات لشراء أضحية العيد، رغم أنني أشتريها في هذا العام وما زلت أسدد قرض العام المنصرم".
وإذا ما قمنا بعملية حسابية بسيطة، نجد مثلا أن المقترض سيضطر إلى تسديد مبلغ 10400 درهم خلال مدة 52 شهرا، بمعنى زيادة مبلغ 2400 درهم على المبلغ المقترَض، وهي زيادة ربوية، يتناسى المقترض ذلك إلى حين أداء الفاتورة. وبتزامن العيد والعطلة الصيفة والدخول المدرسي، ناهيك عن رتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمواد الأساسية وتوالي المناسبات، مما يدفع المواطن المغربي المحدود والمتوسط الدخل للاستفسار عن أحسن العروض التي تقدمها شركات السلف، خصوصا خلال هذه الفترة من السنة، التي تتطلب ميزانيات استثنائية، بدءًا بالعطلة الصيفية، وعيد الأضحى، وبداية الموسم الدراسي، خصوصًا لدى الطبقتين الفقيرة وحتى المتوسطة، والتي تمثل الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي، حيث يلتجئ المغاربة خلال هذه الفترة إلى الاقتراض من أجل سد العجز في الميزانية المتهالكة أصلا للأسر، وهي الوضعية التي تساهم في زيادة أرباح شركات القروض.
و تجد الكثير من العائلات نفسها مضطرة للجوء إلى القروض الاستهلاكية لتحقيق نوع من التوازن بين ضعف قدرتها الشرائية وغلاء الحياة اليومية. ومع إقبال العائلات على هذه القروض تعددت شركات السلف، حيث بلغ عددها حاليا أكثر من 20 شركة متخصصة في قروض الاستهلاك. وقد وجدت هذه الأخيرة في ظل هذا الواقع فرصة مواتية لتوسيع أشكال الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة جدا تفتح لها الباب واسعارمن أجل الزيادة في أرباحها، تماشيا مع مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد".
وأمام هذه الوضعية نجحت شركات التمويل والبنوك، في تشجيع المغاربة على اللجوء إلى الاقتراض مدفوعين بالارتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية مقابل استقرار المداخيل، ومعتمدين على إعلانات تكون في الغالب خادعة، تقترحها شركات التمويل والأبناك على الزبائن في مثل هذه المناسبات بقروض يمكن اعتبارها مغرية بالنظر إلى الإعلانات والإشهارات التي تصاحبها.
وأكد مصدر يعمل كموظف مصرفي ، رفض الإفصاح عن هويته، أنه ليس هناك شيء اسمه "قرض مجاني"، رغم أن الشركات تموه الزبون على أن الأمر كذلك، بل الصحيح هو أن القرض بهذه المواصفات هو قرض بسعر فائدة قليلة قد لا تتعدى 6 في المائة، لكون الأقساط الشهرية المعلن عنها تضاف إليها بعض العمولات. ورغم أن بعض الشركات تفرض على زبنائها أعلى نسبة مرخص لها وبالتزامات موقع عليها، لكنها غالبا لا تقرأ، فإن الزبون الذي يكون في أمس الحاجة إلى القرض لا يفكر في العواقب التي قد تظهر فيما بعد، فقانون الالتزامات والعقود الذي يعود تاريخه إلى سنة 1913؛ هو الذي يقنن العملية بين شركة القرض والزبون، حيث يشترط أن يتم القرض بفائدة عبر عقد مكتوب بين الطرفين. ومادام العقد محررا من لدن شركة القرض، فإن هذه الأخيرة تحرص من خلاله على ضمان كل حقوقها، وتضمينه العديد من البنود، التي قد تكون مجحفة وتعسفية وتجعل الزبون تحت رحمتها.
فرحة العيد معدومة بدون الأضحية
لا تكتمل طقوس عيد الأضحى في المغرب دون شراء الأضحية التي يشترك فيها الفقير والغني كل عام مهما كان سعرها، حيث تجتمع العوائل على الموائد في أيام العيد تتناول من لحم هذه الأضاحي التي يشارك أفراد الآسرة جميعا في تحضيرها.
ويقول أمين، وهو فتى يبلغ من العمر 13 سنة "إن الكبش هو العيد وبدونه فلا وجود للعيد"، ونفس الأمر تؤكده أمه كريمة قائلة: " شراء الخروف من ضرورات العيد، ولا تكتمل فرحة المسلمين إلا بعملية ذبح الخروف، وشي كبده، كما أن إسعاد الأطفال بهذا العيد وإدخال الفرحة إلى قلوبهم، تكون بشراء الأضحية، ليفرحوا بها ساعة النحر، والفرحة تنعدم ويشعر الناس بالأسى والحزن، إن لم يستطيعوا أن يوفروا لعائلاتهم، النقود المناسبة لشراء الأضحية".
ارتبطت الأضحية في الأوساط الاجتماعية الإسلامية بعيد الأضحى، فصارت الأسر تستعد لها وتتهيأ كل حسب وسعه، فدخلت في عداد النفقات اللازمة التي ينتظرها الكبار والصغار والأقارب والجيران، ويتداول أخبارها ويقدرونها ويباركونها بعضهم بعضا، وهناك العديد من الأسر التي تعاني للوصول إلى الأضحية، وهي الأسر التي تطالها يد الحاجة والفقر، إلا انه وبالرغم من ذلك فإن الأسر في مجتمعنا تحرص على القيام بها، لأنها مظهر من مظاهر إدخال الفرح والسرور على الأطفال وعلى الأبناء.
وتؤكد زينب، ربة بيت أن عملية ذبح الأضحية واجبة، ولا يمكن أن يكون عيد للأضحى بدونها، وأن كثير من الأسر الفقيرة تقوم ببيع حاجات المنزل، مثل التلفاز وبعض ما يمكن الاستغناء عنه ذلك الوقت، لتوفير المبلغ الكافي لشراء الحيوان الذي يقدم أضحية بهذه المناسبة، كما أن الأطفال لا يكون فرحهم كاملا إن لم تستطع أسرهم إيجاد المبلغ اللازم لشراء الأضاحي.
لا ثواب مع الإلزام
في الوقت الذي يؤكد فيه علماء الشرع على أن شعيرة الأضحى، لا تعدو مجرد سنة مؤكدة، غير ملزمة لمن لم يستطع إليها سبيلا، فإن الكثير من المواطنين، يلجأون إلى هذه الطرق من أجل إرضاء الزوجات والأبناء خاصة الصغار منهم، فيما يستعين آخرون بخدمات بعض المؤسسات الاجتماعية التي تقدم خدماتها لبعض الموظفين المنخرطين في تعاضدياتها أو مقتصدياتها، لتوفير أضحية العيد.
بالرغم من التضحية التي يبذلها أرباب هذه الأسر من أجل توفير ثمن كبش العيد"، فإن علماء الشرع، يؤكدون أن لا ثواب في ذلك، لأن هذا يكرس ما أصبحت عليه شعيرة الأضحية من عرف وعادة أكثر منها عبادة، مما جعل شركات القروض الصغيرة الموجهة لشراء أضحية العيد "تستغل الدين لحسابها الخاص"، وتشيع ثقافة الاقتراض الربوي داخل المجتمع. وأعتبر علماء الفقه وأصوله، أن الاقتراض وبيع الأثاث المنزلي، من أجل توفير ثمن الأضحية، يدخل في إطار تحميل النفس ما لا تطيق، مؤكدين أن هذا أمر لا يجوز شرعا، فالذي ينبغي أن يسلم به كل مكلف يتعبد الله بشريعته السمحة أن شريعة الإسلام جاءت لدفع الحرج قبل وقوعه ورفعه بعد وقوعه.
وهكذا فإن هذه المسالك، فيها "مخالفة أمر الله ورسوله، بالجهل بأحكام الشرع، ثم باقتراف الحرام البين عن قصد، ثم بمخالفة مقصود الشرع في التقرب إلى الله بالأضحية، التي لا تخرج عن دائرة معينة في مرتبة التكاليف، موضحين أن الأضحية لو وجبت وحصل الحرج فإنها تسقط.".
ومن خلال البحث في هذا الأمر، فإن فقهاء الأمة، يؤكدون أن من مزايا الإسلام السمحة، تكمن في كونه دين يسر وتنوع، ودين زهد وتمتع، ودين تكافل وتآزر وتوسع، فرض الفرائض وأوجبها، وسن السنن وأكدها، ومنها سنة عيد الأضحى، حيث حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إحيائها، فضحى صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين واحد عن نفسه، وآخر على من لم يضح من أمته، وعلى هديه صلى الله عليه وسلم سار الصحابة الأجلاء، ومن بعدهم من الأئمة الرشداء، وتبعتهم الأمة وصالح المؤمنين، وهكذا الأمر إلى أن يقوم الناس لرب العالمين. وسن دين الإسلام الأضحية بأنها سنة مؤكدة في أصح أقوال العلماء، وقد أوجب المالكية بمن عنده سعة أن يحرص على القيام بها، وهي من شعائر الله عز وجل، ولا تجب في حق من لم يستطيعها.
التعاون والتضامن والتكافل
يصر العديد من الذين التقاهم "العرب اليوم" على مساعدة الآخرين في توفير أضحية العيد، مؤكدين أنه يستحب أن نعين الفقراء على شرائها ، وقال سعيد شاب في ربيعه الثاني، مشددا على ضرورة التضامن، والتكافل بين الأهل والجيران، "إذا كان لنا جيران لا يستطيعون شراء الأضحية، وخاصة الأرامل والفقراء، فلابد أن يتعاون أهل الحي الواحد على شراء هذه الأضحية لهؤلاء الجيران أو مساعدتهم على شرائها".
من خلال التصريحات التي قدمها أغلب المغاربة، والتي تفيد أنه لابد من التضامن مع الفئة الفقيرة من مجتمعنا لتذوق طعم العيد الحقيقي، نستشف أن الكل يجمع على قيم التضامن والتكافل، وذلك حتى تستريح العائلات الفقيرة والمعوزة، ولو لسويعات من ألم التحسر والخصاصة، ويتحول الحزن لديها إلى سرور، لما لهذه المكرمة التي تترك أثرها الحميد في النفس، فلا ينبغي للقادر عليها أن يضيعها لأن الله تعالى يقول "وما تفعلوا من خير يعلمه الله"، ويقول سبحانه "وما تفعلوا من خير يوفى إليكم وأنتم لا تظلمون"، "وما تفعلوا من خير فلن تكفروه"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من نفس على أخيه المسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عليه كربة من كرب الآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه".
وفي هذا الصدد التقى "العرب اليوم" بمجموعة من الجمعيات التي تسعى جاهدة لإدخال الفرحة والبهجة على قلوب بعض العائلات التي لا تملك ثمن الكبش، مشددين أن شراء أضحية أو أضاحي العيد لأسر محتاجة، أو لأسرة ذات أطفال صغار وإدخال السرور عليها في هذه العشر من ذي الحجة التي تعد كلها خير وبركة، وتضاعف فيها الحسنات.
وأوضح (محمد. ح)، فاعل جمعوي أن جمعيته دأبت كل سنة على تقديم الأضاحي لهذه الأسر المحرومة كأساس للتكافل، والتضامن، والإسهام في تحقيق الأمن الاجتماعي والروحي والمادي بين أفراد الأمة، مضيفا " هذه الأمة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
توالي المناسبات يؤزم وضعية الأسر المغربية ماديا
يستقبل المغاربة عيدهم الكبير بفرح طاغ، فقد استعدوا له بما هيئوه من كباش تنتظر سكّينة القصاب، لتجهز على رقبتها، وتكون بعد ذلك وجبات من الطعام في العيد السعيد، الذي لا يمكن أن يكون عيدا لولا عمليات ذبح الخراف، التي يقدم على شرائها المغاربة قبل حلول العيد بأيام. وتتخوف الكثير من الأسر المغربية من عدم قدرتها على تغطية المصاريف، التي يحتاجها الدخول المدرسي بعد تصادفه مع ثلاث مناسبات أخرى ارتبطت فيما بينها خلال هذه السنة،
ففي ظرف لا يتعدى ثلاثة أشهر اجتمعت أربع مناسبات في فترات متقاربة، وهو ما جعل صيف وبداية خريف هذه السنة أكثر صعوبة مقارنة بما كان عليه الحال في الأعوام الماضية.إذ لن تكتفي الأسر المغربية ذات الدخل المحدود برصد ميزانية خاصة لتغطية مصاريف العطلة الصيفية التي ابتدأت في يوليوز، بل انضافت إليها في شهر غشت مناسبة الاستعدادات لعيد الأضحى، والتي تتطلب من الأسر دعما خاصا، سواء ماديا أو معنويا، ما زاد من حسابات العائلات ذات الدخل المحدود وحتى المتوسط أمام غلاء الأدوات والكتب المدرسية التي تتغير من سنة إلى أخرى، فضلا عن مستلزمات العيد.
تؤكد فتيحة، وهي أم لثلاثة أطفال يتابعون دراستهم، أن رمضان والدخول المدرسي وعيد الفطر، والعطلة الصيفية، وعيد الأضحى، خلطت الكثير من الحسابات، "فبعد الانتهاء من مصاريف رمضان وعيد الفطر، وما كدنا نتنفس صعداء حتى حلت العطلة الصيفية ثم تلاها عيد الأضحى، والدخول المدرسي، وليست لنا القدرة على كل هذه المصاريف"، تضيف "خصوصا أن مرتب زوجي البسيط هزيل".
أرسل تعليقك