مقاتلون في كتيبة صلاح الدين الكردية المعارضة في كرم الجبل شرق حلب
دمشق ـ وكالات
أعلنت المعارضة السورية، السبت، مقتل 52 شخصًا في مختلف أنحاء البلاد، على أيدي القوات الحكومية، في حين تواصل القصف على حمص ووقعت اشتباكات عنيفة في ريف دمشق، في الوقت الذي كشفت فيه الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين الفارين من بلادهم إلى الدول المجاورة سيبلغ 700 ألف مع
حلول كانون الثاني/يناير المقبل، بينما وافق مجلس التعاون الخليجي، على طلب "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية"، بتعيين ممثل لها لدى دول المجلس الست،
تزامنًا مع إعلان مئات الضباط المنشقين عن الجيش السوري وقادة المجموعات المقاتلة على الأرض ولادة "مجلس عسكري أعلى"، فيما تواصلت ردود الفعل الدولية على احتمال استخدام دمشق أسلحة كيميائية في النزاع الدائر على أرضها.
وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، "قُتل أربعة مقاتلين معارضين السبت، في اشتباكات مع القوات الحكومية، بين مدينتي عربين وحرستا في ريف دمشق، وسيدة جراء قصف على بلدة مديرا، كما وقعت اشتباكات بين القوات السورية ومقاتلين من المعارضة المقاتلة في مدينة يبرود في ريف دمشق، بعد منتصف ليل الجمعة السبت، استمرت حتى ساعات الفجر الأولى، وتعرض أحياء دمشق الجنوبية للقصف من القوات السورية، وذلك غداة مقتل 31 شخصًا في دمشق وريفها الجمعة، معظمهم من المعارضين، واستؤنف القصف قبل الظهر على مدينة الرستن في محافظة حمص (وسط)، بعد قصف مماثل ليلاً، وتحاصر القوات السورية مدن الرستن والقصير وتلبيسة التي تعتبر معاقل للجيش الحر في محافظة حمص منذ أشهر، وتتعرض هذه المناطق بالإضافة إلى أحياء في مدينة حمص لقصف دوري"، في حين أعلنت شبكة "شام" الإخبارية، أن 52 شخصًا قُتلوا السبت على أيدي القوات الحكومية في مختلف أنحاء البلاد.
من جهة أخرى، أنشأ مئات الضباط المنشقين عن الجيش السوري وقادة المجموعات المقاتلة على الأرض ضد دمشق، قيادة عسكرية جديدة برعاية دولية سيتم الإعلان عنها رسميًا قبل اجتماع "مجموعة أصدقاء سورية" في مراكش، في وقت تستمر على الأرض العمليات العسكرية قرب دمشق، ويفترض أن تعطي القيادة العسكرية الجديدة دفعة للمعارضة السورية، التي تتعرض إلى ضغوط كبيرة لتنظيم صفوفها كشرط للحصول على مزيد من الدعم الدولي، حيث صرح الأمين العام للائتلاف الوطني مصطفى الصباغ، لوكالة "فرانس برس" أن الائتلاف سيعلن قريبًا ولادة "مجلس عسكري أعلى" تم تشكيله من غالبية المجموعات الميدانية المقاتلة ضد دمشق.
وقال الصباغ، على هامش مشاركته في حوار المنامة حول الأمن الإقليمي، "تم تشكيل المجلس العسكري الأعلى، وسيتم الإعلان عنه قبل مؤتمر (أصدقاء سورية) في مراكش في 12 من الشهر الجاري، وأن المجلس لا يضم (جبهة النصرة)، وأن التنظيمات المتطرفة أقلية، وأن تشكيل المجلس انجاز كبير يوحد العمل العسكري، وأن الدعم المادي الذي نتلقاه سيمر إلى المجلس حصريًا، والهدف منع أي انفلات أمني لحظة سقوط الرئيس بشار الأسد"، موضحًا أن "هذه التشكيلة هي بمثابة قيادة أركان عمومية، تضم ممثلين عن كل القوى الفاعلة على الأرض، وهم قادة الثوار من عسكريين ومدنيين، وهي ستتولى قيادة هذه القوى بقرار مركزي موحد".
وقال المسؤول السوري، الذي شارك في اجتماعات مطولة عقدت في انطاليا في تركيا لهذه الغاية، خلال الأيام الاخيرة "تم التوافق على أن يكون العميد سليم إدريس الذي انشق عن الجيش السوري في تموز/يوليو، رئيسًا لهذه القيادة الجديدة"، مشيرًا إلى أن "مئات الضباط وقادة الثوار شاركوا في الاجتماعات التي انتهت بتشكيل القيادة الجديدة، بالإضافة إلى ممثلين عن 12 دولة بينها قطر وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا".
في سياق متصل، وافق مجلس التعاون الخليجي، السبت، على طلب "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية"، بتعيين ممثل لها لدى دول المجلس الست، بعد أن توصلت المعارضة السورية، بضغط عربي ودولي كثيف، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، إلى تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية" من غالبية أطياف المعارضة وبرئاسة الشيخ أحمد معاذ الخطيب. وقد أعلن الائتلاف أنه سيعمل على توحيد القوى الثورية، "ووضعها تحت مظلة مجلس عسكري أعلى"، وعلى تشكيل حكومة موقتة تكون بديلا لحكومة الرئيس بشار الأسد.
وأعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، أنه أبلغ الأمين العام للائتلاف الوطني السوري مصطفى الصباغ، على هامش حوار المنامة، موافقة المجلس الوزاري لدول الخليج على "طلب الائتلاف اعتماد ممثل له لدى مجلس التعاون".
من جانبها، حذرت وزارة الخارجية السورية في رسالتين بعثت بهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، من استخدام "المجموعات الإرهابية" السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري، مؤكدة في الوقت نفسه أن "دمشق لن تلجأ من جهتها في أي ظرف إلى استخدام الكيميائي إن وجد لديها".
وجاء في البيان، الذي أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، أن "سورية تحذر من قيام المجموعات الإرهابية باللجوء إلى استخدام السلاح الكيميائي ضد أبناء الشعب السوري، وتستهجن عدم تحرك المجتمع الدولي لمعالجة تطورات الوضع بعد سيطرة المجموعات الإرهابية أخيرًا، على معمل خاص لتصنيع مادة الكلور السامة شرق مدينة حلب، كما تنتقد المجتمع الدولي بسبب عدم محاسبة داعمي المجموعات الإرهابية، عملاً بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة"، مؤكدًا أن "سورية لن تستخدم السلاح الكيميائي إن وجد لديها تحت أي ظرف كان، لأنها تدافع عن شعبها ضد الإرهاب المدعوم من دول معروفة، تأتي الولايات المتحدة الأميركية في مقدمتها".
في نيويورك، أعلنت الأمم المتحدة، أنها ستعزز قوتها لمراقبة فك الاشتباك بين إسرائيل وسورية في الجولان، بسبب خطر النزاع المتصاعد في سورية، فيما كشفت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن عدد اللاجئين السوريين الفارين من أعمال العنف في بلادهم إلى العراق تجاوز 63 ألفا، يعيش معظمهم في إقليم كردستان الشمالي، في حين قدّر الأمين العام للأمم المتحدة أخيرًا، أن عدد اللاجئين السوريين الفارين من بلادهم إلى الدول المجاورة سيصل إلى 700 الف بحلول كانون الثاني/يناير.
في غضون ذلك، تواصلت ردود الفعل الدولية على احتمال استخدام دمشق أسلحة كيميائية في النزاع الدائر على أرضها، حيث حذر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، الحكومة السورية، السبت، على هامش "منتدى المنامة بشأن الأمن الإقليمي"، من "فرضيات خطرة" مثل استخدام دمشق هذا النوع من الأسلحة أو "احتمال سقوطها في أيدي آخرين"، قائلاً "وضعنا خططًا للطوارئ، في حال تم استخدام هذه الأسلحة"، رافضًا الخوض في تفاصيلها.
وأضاف هيغ السبت، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن "بريطانيا والولايات المتحدة رأتا أدلة على أن سورية تستعد لاستخدام الأسلحة الكيميائية، وأنه يوجد ما يكفي من الأدلة على أنه بحاجة لإنذار"، مشيرًا إلى أن تلك الأدلة من "مصادر استخبارية" من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد حذر من عواقب في حال استخدم الحكومة السورية السلاح الكيميائي في الأزمة التي تشهدها البلاد، فيما قال هيغ "حذر رئيس الولايات المتحدة من عواقب جدية وهو يعني ذلك"، معتبرًا استخدام هذا السلاح سيشكل "تغييرًا كبيرًا"، وأعرب عن أمله في أن تستمتع سورية إلى الإنذارات، التي وجهتها دول غربية على رأسها الولايات المتحدة، من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما ردّت عليه وزارة الخارجية السورية بأن هذه الأسلحة لن تستخدم "إذا وجدت" في أي ظرف كان.
في السياق ذاته، كشفت مصادر أميركية مطلعة عن أن الجيش الأميركي عمد إلى تحديث مخططات لتوجيه ضربة عسكرية إلى سورية، حيث نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن المصادر توضيحها أن الجيش الأميركي قام خلال الأيام الماضية بتحديث مخططات عسكرية تتعلق بتوجيه ضربة لسورية، بعد تزايد التقارير الأمنية التي تشير إلى قيام الرئيس السوري بشار الأسد بتزويد بعض القنابل المستخدمة في القصف الجوي بغاز السارين السام.
كما نقلت عن مسؤول أميركي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته، إن "القنابل موجودة في موقعين قريبين من قاعدتين جويتين في سورية، وأن تلك القنابل ما تزال في مكانها وفق المعلومات المتوفرة لدى الجانب الأميركي، مشيرًا إلى أنه "كلما ازدادت المعلومات المتوفرة لدينا يزداد وضوح الخيارات التي يمكن أن نلجأ إليها"، لكنه شدد على أن "الوضع يحيطه الغموض، إذ لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة السورية ستلجأ بالفعل إلى السلاح الكيميائي أم أنها ستتراجع بعد تهديدات الرئيس الأميركي باراك أوباما".
وأكد المسؤول ذاته، أن "لدى واشنطن في منطقة الشرق الأوسط ما يكفي من القدرات العسكرية لتنفيذ عملية في سورية، إذا صدرت أوامر بذلك، وبخاصة مع وجود قاذفات قنابل وطائرات مقاتلة أميركية في قواعد عدة في الشرق الأوسط، إلى جانب حاملات الطائرات والسفن المزودة بصواريخ موجهة"، مشيرًا إلى وجود مخاطر محتملة إذا ما جرى استهداف أماكن وجود الأسلحة الكيميائية، ما يرجح إمكان استهداف مراكز الاتصال والقيادة، غير أن ذلك قد لا يعني بالضرورة القضاء على الخطر، إذ لا تعرف الولايات المتحدة مدى سيطرة الأسد على قواته وبالتالي احتمال أن تلجأ القيادات الميدانية إلى التصرف بمفردها.
وكان أوباما قد قال أخيرًا، انه "في حال ارتكب نظام الأسد خطأ مأساويًا، واستخدم أسلحة كيميائية، أو لم يفِ بالتزامه بالحفاظ على أمن هذه الأسلحة، فستتم محاسبته".
من جهته، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن غضبه من عجز المجتمع الدولي في حل للأزمة السورية وتحقيق السلام للسوريين، داعيًا إياه إلى التوحد، حيث نقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن بان قوله في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، عقب اللقاء الذي جمع بينهما مساء الخميس في العاصمة التركية أنقرة، إن "على المجتمع الدولي أن يتحد، وأنه التقى السبت، عائلات سورية، وناشدها بالوحدة والتضامن في ظل الدعم الذي يقدمه الشعب التركي والأمم المتحدة لهم"، مبديًا سعادته بسياسة "الأبواب المفتوحة" التي تنتهجها تركيا مع اللاجئين السوريين، إذ انها لا تغلق أبوابها في وجه أحد.
وناشد بان المجتمع الدولي "تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للسوريين، حتى يتسنى لهم مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها حالياً، لا سيما في فصل الشتاء الذي لا يرحم برده القارس لا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً"، موضحًا أنه "تناول مع الوزير التركي عددًا من القضايا الملحة في الوقت الراهن في بعض الدول، مثل الصومال وقبرص وفلسطين، وأنه بحث مع الممثل العربي والأمم الخاص إلى سورية الأخضر الإبراهيمي الأزمة السورية الراهنة"، مبديًا أسفه الشديد لاستمرار العنف في البلاد.
وردًا على سؤال حول مدى تفائله في الشأن السوري، قال "يمكنني القول باسم جميع الشعوب التي تريد كامل الحرية والسلام في العالم، لقد سئمنا ومللنا من هذا العنف ومن عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حلول لإيقاف آلة العنف التي تحصد أرواح الأبرياء، لقد مضى 21 شهرًا على اندلاع الأحداث في سورية، وذهب ضحيتها حتى الآن أكثر من 40 ألف شخص، وها قد آن أوان تحرك المجتمع الدولي وفي مقدمته الأمم المتحدة، لبذل جهودهم لإيجاد حل لتلك الأزمة، على قلب رجل واحد، فيجب اتحاد واتفاق المجتمع الدولي في هذه المرحلة العصيبة، وأن هذه الوحدة ستجبر الأسد والحكومة السورية على الجلوس للمفاوضات في أقرب وقت ممكن لإنهاء العنف في البلاد".
من جانبه، قال داود أوغلو، إن "الشأن السوري كان محور مباحثات ومفاوضات المسؤولين الأتراك مع الأمين العام للمنظمة الدولية، وأن هدف الجميع في الوقت الراهن إيقاف نزيف الدماء في سورية، وأن يحدث تغير سياسي في البلاد في ضوء الإرادة الشعبية"، معربًا عن أسفه الشديد لـ"التشرذم الذي يفت في عضد الأمم المتحدة، إذ انها غير قادة على اتخاذ قرار موحد حيال تلك الأزمة، الأمر الذي من شأنه تعميق تلك الأزمة بشكل يفوق كل التصورات".
وكان بان قد التقى في وقت سابق السبت، كل من الرئيس التركي عبد الله غول، ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان، بعد أن قدم من المحافظات التركية الحدودية التي تفقد فيها أحوال مخيمات اللاجئين السوريين، واطلع على آخر التطورات هناك.
أرسل تعليقك