بغداد – نجلاء الطائي
دخل وفد يمثل قوات البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، مساء الخميس، في اجتماع مع وفد عسكري عراقي في مدينة الموصل من أجل التفاوض بشأن انتشار القوات الأمنية العراقية في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد ،ويحضر الاجتماع وفد يمثل الجانب الأميركي، في وقت دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة المجتمع الدولي والحكومة العراقية إلى التحقيق في حالات انتهاك حقوق الإنسان في العراق من قبل التحالف الدولي والجيش العراقي.
وأشارت معلومات من مصادر مطلعة إلى أن من المقرر أن تطرح في الاجتماع عدد من المقترحات الجديدة بشأن هذا الانتشار، ويأتي الاجتماع بعد أن انتقدت وزارة شؤون البيشمركة الخميس بيان قيادة العمليات المشتركة العراقية الذي اتهم قيادة إقليم كردستان بمحاولة شراء الوقت بهدف تحريك قواتها وبناء دفاعات جديدة لعرقلة انتشار القوات الاتحادية، واعتبرت أنه يظهر عدم اهتمام بغداد بالتفاوض مع أربيل للتوصل إلى اتفاق.
وذكر البيان أن مسؤولي البيشمركة قدموا اقتراحًا إلى الحكومة الاتحادية يتكون من خمس نقاط، هي:وقف إطلاق النار على جميع الجبهات؛ استمرار التعاون الأمني والعسكري بين قوات البيشمركة والجيش العراقي في الحرب الدائرة ضد تنظيم "داعش"؛ الدفع بقوات مشتركة في جميع المناطق المتنازع عليها حتى يتم تطبيق نصوص المواد الدستورية المتعلقة بهذه المناطق؛ وكانت حكومة إقليم كوردستان قد نفت الأربعاء التوصل إلى اتفاق من أجل نشر القوات الاتحادية في مناطق متنازع عليها، وذلك بعد أن اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سلطات الإقليم بعرقلة الاتفاق.
وأصدرت قيادة العمليات المشتركة الأربعاء بيانًا أيدت فيه حديث العبادي عن تراجع الكورد عن "مسودة اتفاق"،وقالت إن هذا "لعب بالوقت والإقليم يقوم طوال فترة التفاوض بتحريك قواته وبناء دفاعات جديدة لعرقلة انتشار القوات الاتحادية وتسبيب خسائر لها"، وبدأ الطرفان عملية تفاوض إثر هدنة أعلنتها بغداد الأسبوع الماضي، غداة معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمدفعية بينهما، وسيطرت القوات العراقية في الفترة الماضية على الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة الكرد منذ 2014، بالمقابل دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة المجتمع الدولي والحكومة العراقية إلى التحقيق في حالات انتهاك حقوق الإنسان في العراق من قبل التحالف الدولي والجيش العراقي.
وجاء في التقرير المشترك لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "ندعو السلطات العراقية لإجراء تحقيق مفصل وفعال وسريع ومستقل في كل حالات الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي في مجال حقوق الإنسان، التي ارتكبت من قبل أطراف النزاع، ومعاقبة المسؤولين وضمان نشر نتائج هذا التحقيق"، وأشار التقرير إلى مقتل 461 مدنيًا على الأقل في الموصل بسبب الغارات الجوية خلال أكثر فترات الأعمال القتالية كثافة، مضيفًا أنه في غالبية الحالات، لم يتمكن الخبراء من تحديد من تسبب في القصف الجوي.
وذكرت الأمم المتحدة الخميس، أن تنظيم "داعش" قام بإعدام 741 مدنيًا خلال المعركة على مدينة الموصل العراقية، متهمة التنظيم المتطرف بارتكاب "جرائم دولية" أثناء الحملة العسكرية التي استمرت تسعة أشهر لتحرير المدينة، وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تقرير أن 2521 مدنيًا قتلوا في الموصل، معظمهم في هجمات لتنظيم "داعش" خلال المعارك بين التنظيم والقوات العراقية المدعومة دوليا، التي انتهت في يوليو/تموز الماضي بهزيمة التنظيم، وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إنه "يجب على الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال أن يحاسبوا على جرائمهم الشنيعة".
واستولى تنظيم "داعش" على الموصل ثاني أكبر المدن العراقية في العام 2014 لتصبح عاصمة لدولة "الخلافة" التي أعلنها، وقالت المفوضية إن تقريرها الذي تم إعداده بعد هزيمة التنظيم يتضمن "إفادات الشهود المباشرة ويوثق عمليات الاختطاف الجماعي للمدنيين واستخدام آلاف الأشخاص كدروع بشرية والقصف المتعمد للمناطق السكنية المدنية والاستهداف العشوائي للمدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من المدينة"، وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش إن "التقرير يوثق الأدلة بشأن ارتكاب تنظيم "داعش " جرائم وحشية بحق المدنيين"، مؤكدًا أنه "على الرغم من أن التنظيم اعتبر الموصل بحد ذاتها عاصمته، إلا أنه سعى في الواقع إلى تدميرها نهائيًا وعلى نحو متعمد".
وحث التقرير "السلطات العراقية على التحقيق في الإدعاءات بشأن الانتهاكات والإساءات لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية والقوات التابعة لها خلال العملية العسكرية"م ووثق التقرير "مقتل 461 مدنيًا نتيجة الغارات الجوية خلال المرحلة الأكثر عنفًا من الهجوم الذي قادته قوات الأمن العراقية ابتداءً من 19 فبراير/شباط "، لكن الأمم المتحدة ذكرت أنه "في كل الحالات تقريبًا"، لم تستطع تحديد الطرف المسؤول عن تنفيذ الغارات الجوية.
ودعت المفوضية الحكومة العراقية إلى قبول "اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة إلى الحالة المحددة التي يواجهها العراق كخطوة فورية"، وأفاد التقرير أنه "بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية في الموصل، فإن السلطات العراقية سترسل بذلك رسالة إلى الشعب العراقي الذي قاسى المعاناة، بغض النظر عن الزمان والمكان، مفادها أن العدالة قد تم تأمينها أخيرًا".
أرسل تعليقك