أعلن التحالف الدولي القضاء على 3 قياديين بارزين في تنظيم "داعش" خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في العراق وسورية، فيما تخطط واشنطن لإبقاء قواتها في قواعد عسكرية عراقية إلى وقت أطول بعد إعلان الحكومة هزيمة "داعش" في البلاد. وجاء في بيان للتحالف، اليوم الثلاثاء، أنه "تم بنتيجة غارات التحالف القضاء على 3 قياديين بارزين في "داعش" بالعراق وسورية، خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة".
وأضاف البيان أن "القضاء على هؤلاء المتطرفين البارزين يلحق أضرارا بقيادة "داعش" ونشاطه لنشر المعلومات، ويحد من قدرات المتطرفين على التخطيط لعمليات إرهابية في سورية والعراق وفي الخارج، وتنفيذها".
وأوضح التحالف أنه قتل القيادي أبو فيصل ونائبه أبو قدامة العراقي في غارة جوية على منطقة حوض الفرات يوم 1 كانون الأول/ديسمبر الجاري. كما تم القضاء على المدعو مصطفى كمال جاسم محمد الزاوي بالقرب من الشرقاط في العراق يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وبحسب أطراف سياسية، فهناك أسباب مختلفة تساعد على هذا التواجد، أبرزها استمرار تهديد التنظيم المتطرف للمدن المحررة. ولاتستبعد بعض الجهات العراقية أن تكون القوات الأميركية افتعلت وجود تنظيمات إرهابية جديدة في شمال البلاد، لإطالة زمن تواجدها. ووصلت قوات أميركية إلى كركوك، التي تشهد توترات أمنية منذ شهرين، لكن الحكومة العراقية تنفي ذلك.
ووصل عديد القوات الأميركية في كركوك، بحسب مسؤولين، إلى أكثر من 500 عنصر. ويتوقع ان تنتشر القوات في باقي المناطق المتنازع عليها. ولم تعلق الحكومة العراقية حتى الآن على مصير قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة بعد إعلان النصر على داعش قبل نحو أسبوعين. وتفترض لجنة الأمن في البرلمان أن تقف الحكومة ضد أي تحرك أجنبي خارج القانون أو البقاء في قواعد عسكرية لأمد أطول، فيما لاتزال هناك قوات تركية في شمال الموصل منذ عامين.
وكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، قبل 9 أشهر، مقالاً في صحيفة (واشنطن بوست)، أكد خلاله أن العراق يحتاج للمساعدة الأميركية على كل المستويات في مرحلة ما بعد داعش في إطار الاتفاق الذي تم توقيعه بين البلدين عام 2008.
ومقالة العبادي جاءت بعد أيام من زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن ولقائه بالرئيس دونالد ترامب في آذار/مارس الماضي. إذ قال العبادي في مقالته "نحتاج لخبرة الولايات المتحدة، نريد شراكة تتضمن كل أشكال التعاون السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني والتربوي والثقافي".
وعلى ضوء ذلك، قال عبدالرحمن اللويزي، النائب عن نينوى، إن"العبادي استخدم سياسة ناعمة في تعامله مع التواجد الأميركي في العراق، بهدف عدم استفزاز شركائه في دولة القانون الذين يرفضون التواجد الأميركي".
وتصر الحكومة منذ سنوات، على أن القوات الأجنبية المتواجدة في العراق، غير قتالية وتنحصر مهامها بتقديم الاستشارات العسكرية. ويرى اللويزي، أن الولايات المتحدة ستبقى لوقت أطول في القواعد العسكرية، إذا ما قررت تعزيز وجودها بعدد أكبر من القوات الحالية لتنفيذ ستراتيجيتها التي اعلنت عنها لمواجهة إيران ونفوذها في العراق".
وكشفت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، الشهر الماضي، عن ضغوط تمارسها السعودية على العبادي للموافقة على إبقاء القوات الأميركية. واشارت الصحيفة إلى أن الرياض تحاول ان تختار لنفسها جبهات جديدة تحارب فيها إيران. وقال رئيس الوزراء، في الشهر ذاته، إن"العراق ليس المكان المناسب للصراع الأميركي الإيراني". واكد أنه لن يسمح لأن يصبح العراق ساحة للولايات المتحدة أو إيران. وبحسب وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون)، فهناك 5262 عنصراً من القوات الأميركية في العراق.
ويعتقد النائب عن نينوى أن "الولايات المتحدة ستستغل الوضع في سورية للبقاء في قواعد عسكرية في إقليم كردستان والقريبة من الحدود العراقية". وتعمل قوات التحالف في العراق منذ 2014 بدعوة وموافقة رسمية من قبل بغداد لمواجهة داعش. وعلى الرغم من إعلان الحكومة، في 10 كانون الأول/ديسمبر الجاري، النصر على داعش، إلا أن النائب إسكندر وتوت، عضو لجنة الامن البرلمانية، يقول ان"العراق مازال يحتاج للقوات الامريكية بسبب استمرار وجود الخلايا النائمة في الانبار وديالى".
وأكد وتوت، ان"العراق بحاجة الى الاستطلاع الجوي، وأميركا لديها تصوير جوي لامثيل له في العالم". ويتوقع عضو لجنة الامن ان تبقي واشنطن بعد داعش على"مجموعة من الخبراء في الاستطلاع، لكن الامر مرهون بموافقة رئيس الوزراء". وبدأت القيادة الأميركية بإرسال قطعات عسكرية تدريجيا الى العراق، ابتداءً من منتصف عام 2014 وحتى نهاية عام 2016.
واستقبل العراق الدفعة الأولى من القوات الأميركية التي كانت بواقع 170، في حزيران 2014. ثم اعلنت واشنطن عن إرسال 1300 عسكري في كانون الاول من العام نفسه، كان بينهم 1000جندي لتدريب 12 لواءً عراقياً شكلت حديثا لمحاربة داعش. وفي 25 آذار/مارس 2015 أرسلت واشنطن 450 عسكريا الى الانبار، ثم تلا ذلك وصول 50 مستشارا أميركيا الى قاعدة عين الاسد في الانبار، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام.
وفي نيسان/إبريل 2016 وصل (100-200) من قوات المارينز، الدلتا الى معسكر مخمور شمال الموصل. وفي 29 حزيران/يونيو من العام نفسه أرسلت واشنطن 600 عسكري استعداداً لمعركة الموصل. ووصل عشرات المهندسين والفنيين في أيلول/سبتمبر 2016 لإعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية قرب الموصل بعد استعادتها من"داعش". وعلى خلفية الاحداث التي شهدتها كركوك منتصف تشرين الأول/اكتوبر الماضي، دفعت القوات الأميركية عدداً من جنودها إلى المدينة، لمنع الانتهاكات ضد الكرد، بحسب مسؤولين كرد.
وقال نيازي أوغلو، النائب التركماني، هناك بين 400 الى 600 أميركي في كركوك"، وكانت أنباء تحدثت عن انتشار مماثل في قاعدة الصديق قرب قضاء طوزخرماتو. ويعتقد أوغلو، وهو عضو في لجنة الأمن البرلمانية، أن"الولايات المتحدة تعيد انتشارها في المناطق الغنية بالنفط، للإعداد للمرحلة المقبلة".
ويتهم النائب التركماني القوات الأميركية بـ"دعم بعض المسلحين في جنوب كركوك لإثارة الفوضى هناك". وأردف ان"أميركا تلمم ما تبقى من داعش لتجد مبرراً لبقائها في العراق". ويؤكد عضو لجنة الامن"هناك شهود عيان أكدوا نزول طائرات (شينوك) أميركية الى مناطق تواجد المسلحين خلف جبل طوزخرماتو، وبقوا هناك لمدة ساعتين".
وظهرت تهديدات من جماعة مسلحة تطلق على نفسها (الرايات البيضاء)، في مناطق التماس بين القوات الاتحادية والبيشمركة قرب كركوك. وأعرب النائب إسكندر وتوت عن قلقه من انتشار القوات الأميركية في كركوك. ويقول"هناك تجاوز على قرار البرلمان بفرض السلطة الاتحادية. يجب على الحكومة إيقاف ذلك".
وكشفت صحيفة (واشنطن تايمز)، في أيار/مايو الماضي، عن بدء مفاوضات"سرية جادة"بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحكومة العراقية لإبقاء القوات الأميركية في البلاد. وفي هذا السياق، يعلق غازي الكعود النائب عن الانبار بالقول إن"الولايات المتحدة إذا أرادت البقاء في العراق، فلن يقف احد بوجهها. ستجد حججا كثيرة للبقاء". ويرى الكعود، ان"العراق لايحتاج الى قواعد عسكرية فالبلاد تحررت بالعراقيين وليس بجهات اخرى". ويردف النائب بالقول"نحن في الانبار لانرحب بقوات أمريكية، لكن نحتاج الى جهود دولية لإعادة الإعمار".
أرسل تعليقك