تونس - أزهار الجربوعي
أعلنت وزارة الداخلية التونسية، مساء الأحد، فتح تحقيق إداري في حادثة رفع شعار "ارحل" في وجه رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي (البرلمان)، من قبل أمنيين خلال موكب تأبين شهيدي الحرس الوطني في مقر ثكنة في العوينة، محذرة رجالها من المس برموز الدولة والانزلاق في التجاذبات السياسية، في حين توعّد رئيس الحكومة
علي العريض بتتبع قضائي ضد النقابات الأمنية المتسببة في الحادثة، إلا أن الأخيرة اعتبرت "تهديدات الحكومة احتقارا لأرواح شهداء الأمن"، مشددة على أنها ستمهل الحكومة 10 أيام لتمرير قانون يحمي رجال الأمن ويُجرّم الاعتداء عليهم، مطالبة الدولة بموقف رسمي واضح من الإرهاب.
وأعلنت وزارة الداخلية، مساء الأحد، فتح بحث إداري للتحقيق في حادثة رفع عبارة "ارحل" في وجه رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، بعد أن عبّر عدد من رجال الأمن وقياديين في نقابات أمنية، عن رفضهم لحضور الرؤساء والسياسيين في موكيب تأبين ضابطين من الحرس قتلا من قبل مجموعة مسلحة قالت وزارة الداخلية إنها تنتمي لتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي المحظور.
وأكدت وزارة الداخلية أنّها مع "العمل النقابي المسؤول والملتزم بقواعد الانضباط الذي يدافع عن الحقوق المادية والاجتماعية" والمعنوية للأفراد كافة، إلا أنها حذرت في بيان لها مساء الأحد، "من مغبّة الانزلاق في أتون التجاذبات السياسية بما يتنافى مع التطلّع إلى أمن محايد جمهوري يقف على مسافة واحدة من الجهات والأحزاب والمنظمات لاسيما وأن البلاد على أبواب توافق وطني، على رجل الأمن حفظه لا إرباكه، وحفظ المؤسسات واحترام رموز الدولة".
واعتبرت الوزارة أن ماحدث من محاولة طرد للرؤساء الثلاثة في ثكنة الحرس الوطني في العوينة يتناقض مع مبدأ حياد رجال الأمن، معلنة فتح بحث إداري بشأنه.
ودعت وزارة الداخلية التونسية أعوانها كلهم إلى مواصلة الجهد والعمل لحماية الوطن والمواطنين، لا سيما ضد "الإرهاب والجريمة المنظمة".
وأعرب رئيس الحكومة علي العريض عن شديد غضبه مما حدث في ثكنة الحرس الوطني في العوينة في تونس العاصمة خلال موكب تأبين شهيدي منطقة قبلاط، حيث تم رفع عبارة "ارحل" في وجه الرؤساء الثلاثة، وسط احتجاجات من قبل عدد من رجال الأمن الذين رفعوا شعارات مناوئة للحكومة تطالب بقوانين تحميهم وتدعو إلى استقلال الحرس الوطني (الدرك)، في مشهد اعتبره مقربون من الحكومة وبعض رموز الأحزاب السياسية "تمردا على الدولة".
ودان رئيس الحكومة علي العريض الحادثة، مبينا أنه لا يمكن قبول مثل هذه التصرفات في دولة القانون والمؤسسات.
وقال العريض إنه سيتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية اللازمة ضد مرتكبي الفعلة، لافتا النظر إلى أن الموضوع تحت الدرس.
وأعرب رئيس الحكومة عن تفهمه وتقديره لما يشعر به رجال الأمن، مستنكرا ما وصفه بـ" الإعداد المسبق لمثل هذا الأمر وإعداد اللافتات والمس من حرمة جنازة رسمية وطنية".
وأشارت مصادر مقربة من الحكومة التونسية أن رئيس الوزراء علي العريض قرر اتخاذ إجراءات حازمة بشأن ما تم اعتباره "حالة تمرّد إثر رفع عدد من أفراد الحرس شعارات ضدّ الحكومة والسلطة وطرد الرؤساء الثلاثة وما رافقه من حالة احتقان واحتجاجات أجبرت الرؤساء على الانسحاب قبل تأبين شهيدي الحرس الذين قضوا على يد مجموعة مسلحة وحالت دون إشراف رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي على إجراءات توسيم الشهيدين وتكريمهما.
وأعلنت مصادر مقربة من الحكومة أنه سيتم التنسيق مع القائد العسكري لكي يعوّض أعوان الجيش كلّ متخلّف عن النداء من سلكي الشرطة والحرس، إلى جانب اتخاذ قرار بالإيقاف الفوري لكلّ فرد أمن نظامي أو مدني لا يمتثل للأوامر، وقد تمّ التنسيق مع المحكمة العسكرية للنظر استعجاليا في حالات العصيان ومخالفة الأوامر وتشديد أقصى العقوبات العسكرية على من يثبُت تورّطه في تسييس العمل الأمني أو يتلقّى أموالا مقابل ذلك، وفق المصادر ذاتها.
وفي ردها على الإجراءات الحازمة التي من المنتظر أن تتخذها الحكومة ضدها، اعتبرت النقابة التونسية لقوات الأمن الداخلي تهديدات الحكومة بالتتبع القضائي والإداري ضد الأمنيين المشاركين في عملية الاحتجاج ضد الرؤساء، "تحقيرا لشهداء الأمن يكشف عن حقد دفين ضد المؤسسة الأمنية".
واتهم الناطق الرسمي باسم نقابة قوات الأمن الداخلي شكري حمادة الرؤساء الثلاثة وآمر الحرس الوطني بعدم احترام مراسم التأبين التي تأخرت لأكثر من ساعة ونصف، مطالبا المنظمات الراعية للحوار الوطني والأحزاب السياسية بالخروج بموقف مُشرف وتاريخي من أجل محاربة الإرهاب.
وطالبت نقابة قوات الأمن الداخلي الحكومة بمراجعة موقفها والتخلي عن تهديداتها ، مشيرة إلى "أنها (الحكومة) لو تعاطت مع الإرهاب والتكفير بالحزم ذاته لجنبت البلاد سقوط المزيد من الشهداء".
وطالبت نقابة قوات الأمن المجلس التأسيسي (البرلمان) والحكومة والمنظمات المدنية بموقف واضح من "الإرهاب"، مُمهِلة الحكومة 10 أيام للتعجيل بتمرير قانون التعويض عن حوادث العمل وقانون تجريم الاعتداء على أفراد الأمن.
كما دعت النقابة الحكومة إلى تعميم منح الإرهاب على الأمنيين كافة، إلى جانب دعم الوحدات الميدانية بالتجهيزات اللوجيستية الضرورية للقضاء على الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة.
وتباينت ردود الأفعال بشأن حادث طرد أمنيين لرؤساء تونس من موكب تأبين شهيدين من قوات الحرس، حيث اعتبرها زعيم حزب التيار الديمقراطي المعارض محمد عبو "إهانة للدولة التونسية"، وقال عبو إن ما أقدم على فعله عدد من الأمنيين قد تم الإعداد له مسبقا، واصفا الحادثة بـ "الكارثة والفوضى" التي لا تخدم أي طرف، مضيفا أنه "من الكوارث أن يقدم فرد أمن وسلاحه في جيبه على مهاجمة رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، في حين دافعت قوى سياسية وأحزاب أخرى على موقف نقابات الأمن متهمين الحكومة بالفشل في مكافحة الإرهاب والتقصير في توفير ضمانات قانونية ولوجيستة تحمي رجال الأمن
أرسل تعليقك