يدخل العراق عام 2018 وفي الجعبة آمال بالحفاظ على النصر العسكري وأن يكون هذا العام عام الانفراج الاقتصادي والمالي، فيما ينتظر مغادرة القوات الأميركية العراق ، حيث بدت الصورة خلال الاحتفال برأس السنة عنوانا لحقيقة ما أُنجز وتحقق. وقال رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي مهنئاً بالعام الجديد "سيبقى عام النصر خالداً في تاريخ شعبنا".
وتقدم العبادي بأحر التهاني والتبريكات وأطيب الأمنيات لأبناء الشعب الكريم وخصوصا المسيحيين منهم وللبشرية جمعاء لمناسبة حلول العام الميلادي الجديد. وأشار إلى أن عام النصر الكبير سيبقى خالداً في تاريخ شعبنا تتجدد ذكراه كل عام. وأضاف "نتطلع للعمل معا من اجل الحفاظ على النصر والوحدة والمضي بنفس الهمة والعزيمة من أجل إعادة الاستقرار والإعمار وإكمال عودة النازحين إلى ديارهم".
والعبادي بعث برسائل أهمية أن يكون عام 2018 عام سلام واستقرار لشعوب منطقتنا والعالم أجمع وقال بوجوب "أن تتوقف فيه النزاعات والحروب وتتحقق فيه تطلعات الإنسانية بمستقبل افضل". ولفت النائب محمد الصيهود أن هذا العام سيكون عام انفتاحا اقتصاديا واختزل ذلك بتهنئة قصيرة " وذهبت السبع سنبلات العجاف بإذن الله (2011 - 2017) وبدأت سبع سنبلات خضر بالظهور".
وقال الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي "من عاش ليلة أمس في بغداد أو البصرة أو الناصرية أو الموصل أو اربيل أو السليمانية، يقف على مفارقة دقيقة في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ الدولة العراقية، أن غالبية الشعب، لديه الحد الأدني من المناعة الفكرية بالضد من التطرّف الديني، فالمناعة من السلوك المتشدّد تأتي من التربية المنزلية، وليس فقط من التبني الحكومي أو الإعلامي لها".
وأعرب نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي عن ثقته بقدرة العراقيين على الحفاظ على الانتصار وتحقيق التقدم والازدهار لافتاً إلى أن الاستحقاق الانتخابي الذي سيشهده عام ٢٠١٨ ينبغي أن يكون "عرساً حقيقياً" للتغيير والإصلاح وتُهيّأ له جميع ظروف واسباب النجاح.
وقال علاوي في بيان لمناسبة العام الجديد 2018 "نتمنى أن يكون العام الجديد عام امنٍ وخيرٍ وراحة ورفاهية تُلبّى فيه تطلعاتهم وتُحقق فيه امانيهم"، مضيفا "ودعنا عاماً بأفراح النصر، ونود أن نستقبل العام الجديد بتهيئة الاسباب الموضوعية للحفاظ عليه".
وشدد علاوي على ضرورة أن يشهد العام المقبل "حسماً لملف النازحين بتسريع إعادتهم إلى ديارهم وإعمار مناطقهم"، موضحاً أن "هذا الأمر سيكون ركيزةً أساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المناطق المحررة". وأعرب رئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني عن أمله أن يسود الأمن والاستقرار في الإقليم في العام الجديد، مشددا على أنهم يستطيعون اجتياز العقبات التي تعترض طريقهم بالتوحد.
وكتب بارزاني على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تغريدة بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد، هنأ فيها الشعب الكردستاني، معربا عن اعتقاده بأنه بالمقاومة ووحدة الشعب سيتمكن اجتياز جميع العقبات التي تعترض طريقه. وأضاف بارزاني أنه يتمنى في السنة الجديدة الأمان والاستقرار لكردستان والعالم أجمع.
وكتب النائب مشعان الجبوري في صفحته بتويتر "كان عام ٢٠١٧ عام النصر على "داعش" في العراق وسورية بفضل تضحيات الشهداء والجرحى وكل المقاتلين من أجل القيم المدنية ونامل أن يكون عام ٢٠١٨ عام السلام لهما ويعود النازحون واللاجئون خلاله إلى مدنهم وأن يشارك الجميع في إعادة إعمار ما دمرته الحرب". وأعلن مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، إسكندر وتوت، عن عزم اللجنة توجيه سؤال رسمي من البرلمان إلى الحكومة عن مصير القوات الأميركية في البلاد، ومناقشة جدوى بقائها، مبيناً، في تصريحات لتلفزيون محلي، أنه سيتم عقد اجتماع مع رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بشأن ذلك.
من جهته، أوضح نائب رئيس لجنة الأمن في البرلمان، نايف الشمري، أن "العراق ليس بحاجة لوجود قوات أميركية برية أو بناء قواعد لها"، معتبراً أن "القوات الأميركية لم يكن لها حضور فعلي خلال المعارك التي حصلت طيلة الفترة السابقة ضد تنظيم "داعش"، بل اقتصر دورها على الإسناد الجوي والدعم اللوجستي"، وذكر أن "الأميركيين لم يقدموا أي ضحية خلال المعارك لعدم وجودهم بالأصل ضمن خطوط القتال كقوات برية".
ودعا الشمري إلى "بقاء الحضور العسكري الأميركي الجزئي في العراق، إلى حين استكمال القوة الجوية العراقية بالشكل الكامل وتطويرها بما ينسجم مع التحديات الراهنة".
ويواجه العراق 3 معضلات رئيسة في 2018، رغم إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أخيرا انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة "داعش"، بهزيمة التنظيم المتطرف، وتتمثل تلك المعضلات في مواجهة جيوب التنظيم، واحتواء "الحشد الشعبي" إضافة إلى المعضلة الثالثة والأبرز على الإطلاق ألا وهي الفساد. وبعد نحو عام من انطلاق العمليات العسكرية من الموصل شمال العراق، أعلن رئيس الوزراء العراقي في 9 ديسمبر/كانون الأول 2017 سيطرة القوات العراقية "بشكل كامل" على الحدود السورية العراقية، مؤكداً "انتهاء الحرب" ضد تنظيم "داعش" رسمياً.
لكن يبقى التحدي الأكبر في مواجهة جيوب التنظيم حيث ينشط عناصره بين فترة وأخرى ويقومون بتنفيذ عمليات انتحارية، وهو ما قد يضاعف من التحديات التي تواجهها القوات العراقية.
من ناحية أخرى، تبرز إلى الواجهة العام المقبل، مسالة سلاح "الحشد الشعبي"، خاصة أن العبادي يسعى إلى "حصر السلاح بيد الدولة". أما المعضلة الثالثة وهي الفساد أو "الديناصور"، كما يطلق عليه بعض النواب، حيث يحتل العراق المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر فساداً في العالم، بينما ينتهي المطاف بالمتورطين بقضايا فساد إلى الهرب إلى الخارج أو إلى خارج القضبان بعد حصولهم على عفو.
ولأن الفساد يمثل أزمة كبيرة بالنسبة للعراق، أقر العبادي بأن المعركة ضد الفساد ستكون قاسية وأن الإجراءات تسير على قدم وساق وهناك قوائم قيد التحقيق "وسنفاجىء الفاسدين"، وجاء حديثه قبل إعلان النصر النهائي على "داعش"، مطلع ديسمبر. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم السلطة القضائية القاضي عبد الستار بيرقدار أن "هناك فاسدين دينوا بقرارات قضائية وصدرت أحكام عقابية بحقهم وفق القانون، ولكن شملهم قانون العفو العام الذي شرعه مجلس النواب".
وبين هؤلاء الذين تمكنوا من الفرار من البلاد، أخيرا، محافظ البصرة ماجد النصراوي. وتشكل أزمة كردستان العراق المعضلة الرابعة، وهي الأزمة التي تفاقمت بين بغداد والأكراد عقب إعلان نتيجة استفتاء استقلال كردستان عن العراق نهاية سبتمبر الماضي، فيما رفض المجتمع الدولي الاعتراف بالاستفتاء.
في غضون ذلك، أعلنت القوات العراقية فرض سيطرتها على منشآت نفطية وأمنية مهمة في كركوك بعد أيام قليلة من انطلاق عملية عسكرية ضد الأكراد تحت شعار "حفظ أمن المدينة". وقد أثر التناحر الداخلي بين الطرفين سلبًا على خطوات إعادة الإعمار ومحو آثار تنظيم "داعش" من المدن. ولعل ما ساعد في احتواء الأزمة قليلاً تنحي مسعود بارزاني من رئاسة الإقليم رغم اشتداد المعارك بين بغداد وكردستان خلال أكتوبر، نظرًا لأهمية الإقليم الاقتصادية للعراق.
أرسل تعليقك