أشاد البنك الدولي بإصلاحات الحماية الاجتماعية، في العراق رغم الصراع الدائر منذ سنوات" واصفاً إياها بـ"قصة نجاح"، وجاء في تقرير للبنك على الرغم من التحديات التي واجهها، تمكن العراق من تنفيذ برنامج شامل لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية، مما ساهم في دعم تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتعزيز الصمود على مستوى المجتمعات المحلية".
وأضاف، ان "العراق قام بالتوسع في تنفيذ أنشطة الحماية الاجتماعية من أجل تنفيذ برامج مستهدفة بشكل كفء، تدعم سبل كسب الرزق في المجتمعات الهشة" مشيرا الى ان "آليات الإشراك الفعال للمواطنين تعد بالغة الأهمية في تنفيذ برامج التنمية المجتمعية من اجل تعزيز الترابط الاجتماعي وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة".
وتابع التقرير انه "وخلال أوقات الصراع أو بعد انتهاء المعارك، تزداد أهمية الاستجابة للاحتياجات الملحة والناشئة للسكان الذين عانوا من الصراع، من أجل بناء الصمود ودعم جهود التعافي لدى الأسر المحرومة، وتساهم هذه الجهود في أداء دور مهم أيضاً، ألا وهو تعزيز الترابط الاجتماعي وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة".
ولفت الى ان "العراق يُقدم مثالاً جيداً على كيفية القيام بذلك، فعلى الرغم من البيئة المليئة بالتحديات، بما في ذلك الحملة العسكرية التي انتهت مؤخرا لاستعادة مساحات واسعة من الأراضي التي استولى عليها داعش، تمكن العراق خلال السنوات القليلة الماضية من تنفيذ برنامج شامل لإصلاح الحماية الاجتماعية، مما أسهم في تحقيق الاستقرار المجتمعي".
وبين ان "هذا البرنامج العراقي تضمن إعداد خارطة الطريق الاستراتيجية للحماية الاجتماعية في العراق، واستراتيجية الحد من الفقر، وبرنامج للتدخلات السريعة في المناطق المحررة مؤخراً بهدف التخفيف من أثر الصراع على السكان الحاليين والعائدين".
وكان البنك الدولي "شريكاً استراتيجياً ورئيسياً للحكومة العراقية في إطار جهودها على هذا الصعيد"، وقام وفد عراقي رفيع المستوى بزيارة إلى مقر البنك الدولي لمناقشة تجربة العراق.
وكان أبرز محطات هذه الزيارة اجتماع عقد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني بقيادة وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني "عبر اتصال فيديو من مكتب البنك الدولي في بغداد"، ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم.
واستعرض وزير العمل الاصلاحات المهمة التي تم إدخالها على صعيد الحماية الاجتماعية في العراق وعرض تصوراً للدعم الذي لا يزال العراق يحتاجه من البنك الدولي من اجل تحقيق رؤيته لنظام شامل للحماية الاجتماعية يشمل شبكات الأمان الاجتماعي، والتامين الاجتماعي، وسياسات سوق العمل، وكلها ستساعد في بناء القدرة علي الصمود وتخفيف اثر الصدمات في المستقبل.
وعلى هامش الاجتماع، أشاد السوداني بدعم البنك "كأداة اساسية في تحقيق الإصلاحات التي تشتد الحاجة اليها"، وأضاف "نحن بصدد تحضير عدة مشاريع لتوسيع نطاق أنشطتنا وتنفيذ برامج استهداف كفؤة لدعم سبل كسب الرزق في المجتمعات الهشة."
وقال الوزير السوداني، انه بالاضافه إلى برامج الحماية الاجتماعية فان الحكومة تعمل علي إيجاد سبل لتعزيز خلق فرص العمل، ويخطط العراق "للترويج لبرنامج تنشيط العمل كسبيل للخروج من الفقر لجميع العراقيين".
من جانبه، أعاد نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم التأكيد على التزام البنك الدولي بدعم الحكومة العراقية لتوفير استجابة مباشرة للاحتياجات الناشئة للسكان في المناطق المحررة مؤخراً، مشدداً على أهمية هذه الجهود في "تعزيز الترابط الاجتماعي".
وأضاف غانم أن البنك يؤمن أن البرامج الخاصة بتنمية البلدان التي مزقتها الحروب أو النزاعات يجب أن تكون "منبثقة من المجتمع المحلي" وتشمل "آليات متينة لإشراك المواطنين"، وتوفر هذه الآليات "منصة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف وتعزيز الثقة بين المواطنين والدولة علي المدى الطويل".
لقد شرع العراق في إصلاحاته الاجتماعية باعتماد قانون جديد للحماية الاجتماعية في نيسان/ابريل 2014. ويهدف القانون إلى زيادة كفاءة مختلف برامج المساعدة عن طريق تغيير معايير استحقاق المساعدة النقدية من نظام الاستهداف الفئوي إلى نظام استهداف قائم على مستوى الفقر باستخدام اختبار مصادر الدخل البديلة التي تهدف إلى زيادة التغطية والحد من أخطاء الشمول والإقصاء.
وحيثما لا تتوافر بيانات عن دخل الأسر أو ثروتها، تستخدم هذه المنهجية مؤشرات أخرى، مثل حجم الاسرة، وظروفها المعيشية، وملكيتها لسلع معمرة، لتحديد أهليتها للاستفادة من المساعدة، وأنشأ القانون لجنة للحماية الاجتماعية للإشراف علي تنفيذ الإصلاحات.
وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، اعتمدت الحكومة العراقية خارطة طريق استراتيجية الحماية الاجتماعية 2015-2019.
وتتضمن الاستراتيجية توسيع نطاق البرامج الاجتماعية، وقد شملت حملة تواصل واسعة النطاق لتهيئة السكان لهذه التغييرات، وفي 2015، تم التعاقد مع حوالي 1.250 عامل اجتماعي وخضعوا لدورات تدريبية على إدارة الحالات. وقد تم إجراء زيارات إلى 900 ألف أسرة للتحقق من أهليتها.
وقد أدت عملية التحقق والتدقيق في البيانات إلى إقصاء 140 أسرة غير مستحقة، غير أن عدد الأسر المستفيدة ارتفع عموماً من 850 ألف أسرة عام 2016 إلى مليون و100 ألف عام 2017، ووتبلغ نسبة الأسر التي ترأسها نساء 55 في المائة.
وقد ارتفع مبلغ المساعدة النقدية الشهرية التي تلقاها الأسر المحتاجة من 70 دولاراً إلى 150 دولاراً في المتوسط، وزادت الميزانية الإجمالية للمساعدة الاجتماعية في العراق من 1.3 تريليون دينار عراقي إلى 1.9 تريليون دينار عراقي، كما تم وضع قاعدة بيانات للرعاية الاجتماعية، وسجلت فيها 1.5 مليون أسرة.
وهناك عدد من المبادرات الأخرى التي شملتها جهود إصلاح قطاع الحماية الاجتماعية ومنها، قانون تأمين اجتماعي متكامل يدمج معاشات تقاعد القطاعين العام والخاص لتحفيز الانتقال بين القطاعين، ويشمل إصلاحات معيارية للاستدامة المالية.
وأيضاً برنامج تحويل نقدي مشروط تجريبي أطلق في بغداد، وهو يوفر حوافز للأسر المعيشية للاستثمار في رأس المال البشري "الرعاية الصحية للأم والطفل والالتحاق والحضور المدرسي".
بالاضافة الى تقديم المساعدة النقدية والخدمات من خلال الإخصائيين الاجتماعيين لتقديم المساعدة العاجلة إلى المناطق المحررة مؤخراً والعائدين من المشردين داخلياً، وآليات لمعالجة التظلمات من أجل السماح للناس برفع الشكاوي عندما يواجهون خدمات أوانتهاكات سيئة، وبالمضي قدماً، سيتطرق عمل البنك الدولي إلى مسائل تتقاطع مع إصلاح الحماية الاجتماعية، مثل الفقر والنوع الاجتماعي والهشاشة، كما سيركز على تعزيز قدرة المؤسسات الحكومية على تنفيذ الإصلاحات.
أرسل تعليقك