شنت عناصر تابعة لتنظيم "داعش" ، هجوما على قوات الشرطة العراقية جنوب ناحية قره تبه التابعة لمحافظة ديالى، فيما كشف مصدر أمني مطلع عن حصول اشتباكات عنيفة بين الجانبين. وقال المصدر إن "داعش" شن هجوما قرب قرية (گيام) جنوب ناحية قره تبه، مستهدفين قوات الشرطة العراقية بقذائف الار بي جي 7 والهاونات.
وأضاف المصدر أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجانبين، منوها إلى أنه لم يتسن معرفة الخسائر بين الجانبين لحد الان. وتمكنت القوات المشتركة، التي تنفذ حملة تفتيش منذ 3 أيام في مناطق الحويجة وجنوب غرب طوزخرماتو بحثاً عن فلول داعش، من قتل واعتقال العشرات من المسلحين المختبئين في المستنقعات الكثيفة.
وتشارك قوات من الجيش والحشدين الشعبي والعشائري بالاضافة إلى الطيران العراقي والتحالف الدولي، في الحملة الجديدة التي تمتد على مساحة آلاف الكيلومترات المربعة. وتستمر العملية، التي جاءت بعد 3 أشهر من تحرير الحويجة، إلى أكثر من أسبوع، فيما يتوقع مسؤولون أن تكون الحملة من دون سقف زمني، وبأنها ستنتهي عند تحقيق الأهداف المرسومة. وتبحث القوات المشتركة عن مجموعة من الأسماء، يعتقد بانتمائها إلى تنظيم داعش، تتخفى بين السكان وآخرين عادوا الى الوظائف الخدمية بعدة استعادة المدينة.
وحصلت القوات على تلك القوائم من متعاونين في تلك البلدات، فيما يرى مسؤولون أن المصادر، التي اعتمدت عليها الحملة، "غير موثوقة". وتسرب الهاربون من داعش الى الحويجة، بحسب مسؤولين، بعد أسابيع من تحريرها في 5 تشرين الاول الماضي، بشكل تدريجي بعد أن قاموا بحلق لحاهم وارتداء ملابس مدنية. ويؤكد مسؤول محلي في الحويجة أن السلطات في كركوك كانت قد "حذرت من سقوط المدينة مرّة أخرى بيد داعش بسبب عدم تنفيذ عمليات تدقيق بعد التحرير".
وقال المسؤول، "طالبنا مراراً بتنفيذ حملات أمنية لمنع عودة المسلحين الى الحويجة تحت أغطية سياسية من بعض الجهات".وكانت شرطة كركوك قد أعلنت، نهاية العام الماضي، عن مقتل 45 شخصا في هجمات شنها عناصر داعش بعد شهرين من إعلان استعادة الحويجة. والخميس الماضي، أعلنت العمليات المشتركة بدء حملة أمنية "لفرض الامن والنظام في مناطق الحويجة والرياض والرشاد والزركة"، بمشاركة قطعات الفرقة المدرعة التاسعة/ جيش، وقيادة العمليات في كركوك.
ويرى المسؤول المحلي، المقرب من العمليات العسكرية، أن "القرار جاء متأخراً، فالحكومة في بغداد اكتشفت بعد عدة أشهر بأنها لم تحرر الحويجة".
ويلوم مسؤولون في كركوك الحكومة الاتحادية على الأحداث الأخيرة التي شهدتها الحويجة، التي أبعدت قوات البيشمركة عن المدينة من دون تنسيق مسبق. ويلفت المسؤولون الى أن البيشمركة كانت على اطلاع كافٍ بأسماء عناصر التنظيم والمتعاونين معهم في الحويجة. وانسحبت القوات الكردية، في منتصف تشرين الاول/اكتوبر الماضي، بعد انتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها.
ويؤكد المسؤول المحلي أن "القوات الأمنية حصلت على قوائم بأسماء المطلوبين من الأهالي في الحويجة والمناطق التابعة لها"، لكنه اعترف بأن "بعض الأهالي يتسترون على المسلحين العائدين إلى مناطقهم". وتابع المسؤول "ضغطت القوات على السكان، بعدما خيرتهم بين الكشف عن الاسماء أو تحمل مسؤولية ما يحدث بعد ذلك في مناطقهم".
لكنه بالمقابل يعتقد أن العملية لن تنهي تواجد المسلحين بشكل نهائي، ويؤكد "ربما حجب السكان بعض الاسماء خوفاً من المسلحين أو للتغطية على بعض المقربين منهم". ويقدر المسؤول "مقتل 40 مسلحاً واعتقال العشرات خلال العملية العسكرية حتى الآن". وكانت أغلب العمليات العسكرية السابقة، التي نفذت في الحويجة، تنتهي بعدم الإمساك بالمسلحين، الذين يعودون للظهور بعد ذلك.
ويعتقد مسؤولون أن فلول التنظيم لديهم اطلاع مسبق بأغلب عمليات المداهمات، مع وجود شكوك باختراقهم الدوائر الأمنية عبر موظفين يعملون في النهار مع الحكومة ويتعاونون مع التنظيم مساء. ويؤكد المسؤول المحلي أن "بعض المتعاونين مع داعش بدأوا يستخدمون دوائر الدولة بعدما عادوا الى الوظائف، ولديهم كهرباء بعدما أضيف للحويجة 80 ميغاواط بعد ان كانت 20 ميغا قبل التحرير".
وتبلغ مساحة الحويجة 9 آلاف كم مربع. وهي مساحة كبيرة بحسب أحمد خورشيد، القيادي في حشد الحويجة، الذي يؤكد ان العملية العسكرية الجديدة امتدت الى مناطق في جنوب غرب طوزخرماتو. ويتوقع خورشيد، ان "يطول أمد العملية الى أكثر من أسبوع، وربما ستأخذ وقتا أطول حتى تنتهي القوات من تنظيف المنطقة بالكامل".
ويؤكد القيادي في الحشد أن "عمليات البحث تجري في مناطق زراعية كثيفة بالاشجار والاحراش"، مشيراً إلى أن "بعض الجهات في كركوك اقترحت سابقا حرق تلك المزروعات لمنع المسلحين من الاختباء". ويقدر مسؤولون وجود نحو 1000 مسلح مازلوا طلقاء في أطراف الحويجة وباقي أطراف كركوك الغربية والجنوبية. وتراوحت أعداد جثث مسلحي داعش التي عُثر عليها بعد تحرير الحويجة بين 800 – 1000 جثة، من أصل 3 آلاف كانوا يسيطرون على المدينة، بحسب التقديرات التي سبقت العملية العسكرية.
وفي سياق متصل يقول النائب عن كركوك شوان الداودي "هناك هجرة عكسية بدأت تحدث في الحويجة، بسبب الحوادث الامنية التي جرت مؤخرا". ويضيف الداودي، "بعض الاهالي الذين عادوا الى المدينة بعد التحرير قرروا العودة الى مخيمات النازحين خوفاً من القتل". وأعلن قائد عمليات كركوك اللواء فاضل عمران، نهاية العام الماضي، عودة نحو 4 آلاف عائلة الى مناطق الحويجة والرشاد والرياض، بعد أن كانت خالية تقريبا من السكان.
ويرى الداودي، وهو نائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، أن "الحلول العسكرية وحدها لن تحل المشكلة في الحويجة او المناطق التي شهدت ولادة القاعدة ثم داعش". ويؤكد "علينا الاعتراف بأن هناك معارضة مسلحة يجب التعامل معها واحتواؤها".
أرسل تعليقك