شكَّلت الحملة الانتخابية في الجزائر، المُقرر تنظيمها الخميس المقبل, فرصة سانحة لشخصيات سياسية, لإماطة اللثام عن أفكارها وتوجهاتها وشرح موقفها للرأي العام, وبرزت خلال هذه الفترة المؤشرات الأولى للصراع القائم حول الرئاسة داخل معسكر السلطة, بين رئيس حكومة الجزائر عبد المالك سلال والأمين العام لثاني قوة سياسية في البلاد أحمد أويحي, وأعادت الحملة الدعائية للواجهة صراعًا قديمًا بين أكبر حزبين داعمين للرئيس الجزائري, عبد العزيز بوتفليقة هما الحزب الحاكم والتجمع الوطني الديمقراطي.
وكانت الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية, فرصة أمام الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي, أحمد أويحي, للتخلص من واجب التحفظ وترك قبعة مدير ديوان الرئاسة على جنب, واستغل الأسابيع الثلاثة الماضية لشرح برنامج حزبه المستقل عن برنامج الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, ففي وقت سابق كان هذا البرنامج نسخة طبق الأصل عن برنامج القاضي الأول للبلاد, إلا أنه عمد خلال الانتخابات البرلمانية لتشكيل برنامج مستقل يحمل تصورات اقتصادية واجتماعية تتقاطع كثيرًا مع تصورات بوتفليقة وحكومة عبد المالك سلال, وكان هذا البرنامج بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس, بينه وبين رئيس حكومة الجزائر عبد المالك سلال والأمين العام لحزب الرئيس جمال ولد عباس, ودخل الثلاثي في مناوشات سياسية وكلامية مباشرة, ربطها الكثير من المتتبعين للمشهد السياسي بالموعد الرئاسي المقبل, الذي لا يفصلنا عنه سوى 24 شهرًا.
ودفع الحراك الكثيف للأمين العام لثاني قوة سياسية في الجزائر, أحمد أويحي, وعجز الأمين العام للحزب الحاكم, جمال ولد عباس, على منافسة, وصعوبة تسييره للحملة الدعائية بسبب الفضائح وموجة الغضب التي صاحبت مرحلة الإفراج عن القوائم الانتخابية, برئيس حكومة الجزائر, عبد المالك سلال إلى تكثيف جولاته الميدانية أثناء الحملة الانتخابية, وهو الأمر الذي لم يكن متوقعًا خلال هذه المرحلة.
وعلق الإعلامي الجزائري, والمتتبع للشأن السياسي في الجزائر, أحسن خلاص, مفسرًا خروجات سلال الميدانية والصراع الذي طفا إلى السطح بين رئيس حكومة الجزائر, عبد المالك سلال, ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي, قائلًا في تصريحات صحافية لـ " العرب اليوم" "واضح جدًا أن ظِل ما بعد بوتفليقة خيم على الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها الخميس المقبل".
وقرأ الإعلامي الجزائري, احسن خلاص, المناوشات الكلامية القائمة بين رئيس حكومة الجزائر ومدير ديوان الرئاسة, قائلا " المناوشات القائمة بين سلال وأويحي لا تعدو كونها جس نبض الشارع حول الشخصية التي ستقدمها السلطة في الرئاسيات المقبلة, فهي عبارة عن محاولة فرز تمهيدي ومعركة استباقية قبل أن تفرض المعارضة مرشحًا بإمكانه استقطاب أكبر عدد من المؤيدين ".
وأبرزت الانتخابات البرلمانية، منعرجًا حاسمًا بالنسبة للأحزاب السياسية المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر, التي قررت مراجعة خطابها السياسي تجاه السلطة بعد أن كانت في صراع كبير معها في رئاسيات 2014, وأكدت التصريحات التي أطلقها قادة التيار الإسلامي في الجزائر, مغازلتهم للجيش والسلطة معًا بهدف العودة إلى أحضان الحكومة, بعد أن قررت حركة مجتمع السلم, أكبر تنظيم لإخوان المسلمين في الجزائر فك ارتباطها بالتحالف الرئاسي عام 2012 الذي كان يضم الحزب الحاكم والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم.
وأوضح عضو مجلس شورى حركة مجتمع السلم, عبد الرحمان سعيدي, في تصريحات صحافية لـ " العرب اليوم " معلقًا على التغيرات التي طرأت على بيت إخوان المسلمين في الجزائر, قائلًا " الأمور واضحة وضوح الشمس, فالعديد من الأحزاب السياسية, انتهزت فرصة الحملة الانتخابية للتخفيف من حدة خطابها السياسي على رأسهم حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير".
وأكد عضو مجلس شورى حركة مجتمع السلم, مشاركة التيار الإسلامي في الحكومة القادمة, ورجح إمكانية تشكيل تكتل إسلامي قوي في الهيئة التشريعية القادمة, بدليل المفاوضات والمشاورات القائمة حاليا بين قيادات بارزة في القطب الذي يضم حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير والاتحاد الاسلامي الذي يضم ثلاثة أحزاب هي كل من حركة النهضة والإصلاح وجبهة العدالة والتنمية.
أرسل تعليقك