كشف مسؤول محلي في محافظة ديالى، عن تعرض عائلات عربیة إلى تھديدات بسبب رفضھا تأيید استفتاء إقلیم كردستان، فیما أشار إلى "موقف حازم" ستتخذه عشائر ديالى تجاه إبعاد أي أسرة عربیة، فيما أقدمت قوات البيشمركة الكردية و"الأسايش" (قوة أمنية كردية خاصة)، على تهجير عشرات العائلات العربية والتركمانية من محافظة كركوك شمال العراق، عقب إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق في 25 أيلول/ الماضي، من دون سبب يذكر.
وقال قائممقام قضاء الخالص، (15كم شمال بعقوبة)، عدي الخدران ، إن "لدينا معلومات مؤكدة عن تعرض عوائل عربیة إلى تھديدات من قبل أحزاب كردية في كركوك بسبب رفضھا استفتاء إقلیم كردستان". وأضاف الخدران، أن "إبعاد أي أسرة عربیة قسريا من كركوك سیشعل فتیل أزمة خطیرة للغاية وتفتح الباب أمام تظاھرات لا يمكن التحكم بھا"، مؤكدا "سیكون لعشائر ديالى موقف حازم من أي اجراءات تعسفیة للأحزاب الكردية في كركوك أو أي منطقة اخرى".
وتابع الخدران أن "إبعاد العوائل العربیة قسريا تحت أي ذريعة سیكون للأھالي في ديالى لاتخاذ رد فعل وھذا ما نحذر منه مبكرا، وندعو العقلاء إلى ضرورة العمل على إفشال مخطط الاستفتاء، باعتباره مؤامرة بالأساس لتقسیم العراق ونھب ثرواته". في وقت أقدمت قوات البيشمركه الكردية و"الأسايش" (قوة أمنية كردية خاصة)، على تهجير عشرات العائلات العربية والتركمانية من محافظة كركوك شمالي العراق، عقب إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، من دون سبب يذكر.
وقطعت 58 عائلة "هجّرت قسراً" من كركوك، مسافة نحو 174 كم إلى الجنوب من المحافظة، قبل أن تصل إلى قضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى، طبقاً لمصادر مطلعة في مفوضية حقوق الإنسان. وتختلف العائلات المهجّرة من كركوك من حيث العدد والأعمار، غير أنها تتشابه في أسباب التهجير، والوضع المعيشي الصعب. وقال مصدر يعمل في المنظمة الإنسانية، توجه فريق لتقصي الحقائق، وإجراء زيارة إلى قضاء المقدادية للوقوف على حقيقة الموضوع، واللقاء بهذه العائلات".
ونقل المصدر عن مسؤول في الجهة المعنية بملف النزوح والتهّجير القرسي في الحكومة المحلية، قوله إن "تلك العائلات نزحت من ثلاثة أحياء في محافظة كركوك (العروبة، والنصر، والعسكري) إلى قضاء المقدادية، إضافة إلى عائلات أخرى نزحت من ناحية قره تبة في محافظة ديالى إلى القضاء (المقدادية) نفسه". واختار أهالي كركوك النازحون قضاء المقدادية كـ"ملاذ آمن" نظراً "لما تتمتع به المنطقة من استقرار أمني". على حدّ قول المصدر.
وكشف المسؤول المحلي عن تسجيل "58 عائلة نازحة رسمياً في قضاء المقدادية، موزعة في عدة قرى أبرزها (إمام طالب، نوفل، العبارة، حي المصطفى)، فضلاً عن عائلات أخرى تسكن (الحي العسكري)، لم يتم تسجيلها حتى الآن بشكل رسمي"، لافتاً إلى أن "جميع هذه العائلات تتشابه من حيث أسباب النزوح والحالة الاقتصادية والإنسانية".
وتابع المصدر الأممي: "التقينا في قرية (إمام طالب) 11 عائلة نازحة من كركوك ، أغلبهم من النساء ،بينهن حوامل، والأطفال، بحاجة إلى رعاية صحية سريعة، خصوصاً وهم يفتقرون إلى مصادر الدخل، ويعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة". ولاحظ الفريق أيضاً، أن بعض الأطفال من طلبة المدارس، كانوا مسجلين في محافظة كركوك، غير أنهم لا يمتلكون كتب نقل لغرض انتسابهم إلى مدارس ديالى.
وحسب المصدر المحلي، فإن "هذا الأمر لا يمكن حسمه إلا بعد انتهاء مشكلة الاستفتاء. إما بعودتهم إلى مناطقهم أو جلب كتب نقل إلى محافظة ديالى". وأخبرت العائلات النازحة المصدر، أن السيطرات الأمنية التابعة لمحافظة كركوك منعتهم من اصطحاب ممتلكاتهم الخاصة، وأجبروا على تركها في بيوتهم، الأمر الذي منع الكثير من العائلات من الخروج من محافظة كركوك".
واستمرت العائلات النازحة بالاتصال مع أٌقربائهم وبعض الجيران، لمعرفة تطورات الأحداث في كركوك، وعلموا أن "السيطرات الأمنية في كركوك (التابعة لقوات البيشمركه والأسايش) بدأت بمنع العائلات العربية من الخروج مؤخراً". ونقل المصدر عن العائلات النازحة، عند سؤالهم عن الأسباب الحقيقية التي دفعتهم إلى النزوح، قولها إن "الانتشار الكثيف لقوات الأمن الكردية (الأسايش) ملحوظ ومفاجئ في مناطقهم"، إضافة إلى تعرضهم لمضايقات متكررة من قبل قوات الأمن الكردية، حيث "تعرضوا لعمليات مداهمة مستمرة واعتقال الشباب بتهم مجهولة، وسرقة بعض الأموال والمصوغات الذهبية، فضلاً عن استخدام الألفاظ البذيئة من هذه القوات".
ومن بين الأسباب الأخرى التي تدفع عرب كركوك إلى ترك المدينة، هي "الخوف" من تداعيات الأوضاع في مناطقهم ما بعد الاستفتاء، وخشيتهم من حدوث "مواجهات عسكرية" بين القوات الاتحادية وقوات الإقليم. كما أنهم (عرب كركوك) لم يشملوا بأي تعيينات حكومية أو مناصب إدارية تمثلهم كقومية عربية في محافظة كركوك، ناهيك عن منعهم من بيع وشراء العقارات "بين العرب" وعدم السماح لهم بتسجيل أي أملاك لدى دائرة التسجيل العقاري، وحتى العائلات التي تمتلك وثيقة تعداد 1957 تم منعهم من التملك أخيرا، وفقاً للمصدر الأممي.
وأكد المصدر أن "ذوي شهداء ضحايا الإرهاب (من العرب) لم يتسلموا أي حقوق أو امتيازات، المنصوص عليها بالقانون رقم 20 لسنة 2009، حيث لم يتم منحهم مبالغ التعويض والرواتب التقاعدية وقطعة الأرض". وكشفت العائلات العربية النازحة من كركوك عن قيام قوات الأمن الكردية بأخذ نسخ من مستمسكات العائلات المهجرة، التي تسكن في كركوك، وإجبارهم على التوقيع على أوراق تبين فيما بعد أنها، تتضمن موافقتهم على إجراء الاستفتاء والمشاركة فيه، فضلاً عن قيام قوات الأمن الكردية بوضع إشارة، حرف (ن)، باللون الأحمر على بيوت النازحين"، من دون معرفة إلى ماذا ترمز أو الغاية منها.
أما عن وضعهم في قضاء المقدادية، نقل المصدر عن العائلات النازحة قالها: "لم نتعرض إلى مضايقة. تم تسجيلنا بمراكز الشرطة والمجلس المحلي للقضاء من خلال استمارات تم توزيعها علينا". ورأى المصدر الأممي أن أبرز الحلول الواجب اتخاذها لإيقاف موجة النزوح من كركوك، هي مفاتحة مكتب القائد العام للقوات المسلحة لغرض نشر قوات أمنية تابعة للحكومة الاتحادية في المحافظة وبقية المناطق المتنازع عليها، لمنع حدوث أي موجات نزوح في المستقبل "يهدد بكوارث إنسانية"، إضافة إلى إيعاز الحكومة المحلية في ديالى إلى مديرية تربية المحافظة لغرض "قبول استضافة" أبناء هذه العائلات من الطلبة في المدارس، لحين جلب كتاب نقل من مدارسهم الأصلية أو رجوعهم إلى مناطق سكناهم الأصلية التي نزحوا منها، ناهيك عن شمول هذه العائلات بـ"المعونات الإنسانية".
المعلومات التي أدلت بها المصادر جاءت متطابقة لبيان صحافي لعضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان وحدة الجميلي، حذّرت فيه من خطورة استمرار "تهجير العائلات" من كركوك والمناطق المختلطة، من قبل قوات تابعة لجهات محلية، على السلم الأهلي. وطالبت القائد العام للقوات المسلحة بـ"نشر قوات اتحادية في تلك المناطق للحد من هذه الممارسات".
وأكدت أن العائلات النازحة من كركوك إلى ديالى "تعرضها لمضايقات وانتهاكات مستمرة من قبل قوات محلية مدعومة من جهات نافذة في الحكومة المحلية، والتي بلغت ذروتها في الأسبوعين الأخيرين لتهجيرهم من مناطقهم، مثل مداهمة منازلهم واعتقال أبنائهم بتهم كيدية، بالإضافة إلى الممارسات الأخرى".
أرسل تعليقك