ردت حكومة إقليم كردستان على اتهامات كانت قد وجهتها منظمة حقوق الإنسان الدولية لقوات الأسايش بشأن احتجاز وإخفاء مصير 350 معتقلاً من العرب السنّة في كركوك بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش"، خلال عمليات تحرير مناطق جنوبي وغربي المحافظة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد اتهمت حكومة إقليم كردستان، في ختام العام الماضي، باعتقال 350 شخصاً من العرب السنّة في كركوك، بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش".
وقالت لجنة الرد لحكومة إقليم كردستان، إن"منظمة العفو الدولية أصدرت في الـ21 من كانون الاول 2017، تقريراً بعنوان (إقليم كردستان العراق..إخفاء 350 معتقلاً)، تحدثت فيه عن عدد من المعتقلين المنتمين لداعش الذين تم احتجازهم في المعتقلات الرسمية وغير الرسمية بالمؤسسات الأمنية لحكومة إقليم كردستان في مدينة كركوك، وعدم معرفة مصيرهم بعد أحداث الـ16 من تشرين الأول وهجوم الجيش العراقي على كركوك والمناطق المتنازع عليها، كما يتحدث التقرير عن مطالبات الأهالي بالكشف عن مصير ذويهم".
وأوضحت اللجنة الكردية"حتى يوم الـ 16 من تشرين الأول الماضي، لم يكن هناك أي معتقل محتجز لدينا في أمن (أسايش) كركوك، باستثناء سجن مؤقت في قضاء الدبس لاستقبال المرحلين من الحويجة الذين كانوا يأتون إلى الدبس قبل انطلاق عملية تحرير الحويجة، وكان من بينهم أعضاء في "داعش" أو ممن ساندوا التنظيم، حيث كانوا يقومون بتسليم أنفسهم للقوات الأمنية في إقليم كردستان وجميعهم كانوا من العرب السنّة، وعددهم كان يقارب الألف، ومن ثم نقلوا جميعاً إلى أمن أربيل ومديرية الأمن العامة، بسبب عدم وجود اي معتقل في كركوك، وكانت مهام الجهات الأمنية بكركوك فقط المساعدة في نقلهم وكانت العملية تنفذ بأمر من المسؤولين العسكريين في محور كركوك، وكانت قوات الأسايش ومكافحة الإرهاب هي من تتولى مسؤولية نقلهم".
وأكدت اللجنة الكردية "الإفراج عن الأبرياء أو الذين لم تثبت الاتهامات ضدهم وإحالة المتورطين من أعضاء "داعش" إلى القضاء بعد إجراء التحقيقات معهم، مع التمتع بجميع الحقوق القانونية". واستدركت بالقول إن"طريقة اعتقال هؤلاء الـ350 معتقلاً المنتمين إلى "داعش" تختلف عما ورد في تقرير العفو الدولية، لأنهم هم من سلّموا أنفسهم للقوات الأمنية بعد هروبهم من الحويجة، واعترفوا بانتمائهم لداعش والانفصال عن عوائلهم، وأنهم لم يسلّموا أنفسهم للجيش العراقي، لكن عائلاتهم نقلت إلى مخيمي جعيدة أو الجدعة الواقعين تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، لذا لم يتم التمكن من إخبار عائلاتهم باعتقالهم".
وأوضحت لجنة الرد الكردستاني بالقول إن"أعداد المعتقلين في كركوك بتهم ارتباطهم بداعش كانت بالشكل الآتي: اعتقل 115 شخصاً في عام 2014، واعتقل 182 شخصاً عام 2015، واعتقل 83 شخصاً في عام 2016، وخلال الأشهر الستة الأولى لعام 2017 تم اعتقال 19 شخصاً".
وفي ما يخص أعداد المعتقلين الذين خضعوا للتحقيق، فكانوا 33شخصاً في عام 2014، و78 شخصاً في عام 2015، و20 شخصاً في عام 2016، و6 أشخاص في الأشهر الستة الأولى من عام 2017".
وبشأن الأحكام القضائية الصادرة بحق المعتقلين من عناصر "داعش"، أكدت اللجنة الكردستانية أن"الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام كانت على النحو الآتي: 5 أشخاص في عام 2014، و23 شخصاً في عام 2015، و7 أشخاص في عام 2016"، نافية صدور أحكام قضائية خلال الاشهر الستة الاولى من العام الماضي، مشيرة الى"تمييز الأحكام الصادرة بحق 36 شخصاً خلال تلك الفترة".
وبشأن محاكمة المتهمين بقضايا إرهابية وتسليمهم إلى الحكومة الاتحادية، أشار تقرير اللجنة إلى أن"حكومة إقليم كردستان مستمرة بالتعاون مع الحكومة الاتحادية بشأن تسليم معتقلي "داعش"، وبناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء والتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وخاصة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، فإن التنسيق مستمر بشأن مصير المعتقلين بتهم الانتماء لـ"داعش" والمدانين بهذه التهم".
واستدركت اللجنة بالقول"لكنّ الحكومة الاتحادية لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بشكل رسمي لتسليم المعتقلين بتهم إرهابية في إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية".
وفي ذلك الاثناء وبعد مرور أكثر من شهر على إعلان الحكومة النصر على "داعش" ما تزال أجزاء من العراق بضمنها مدينة الموصل ذات التنوع الإثني والعرقي غير آمنة بعد عودة أبناء الطائفة المسيحية والاقليات العرقية الاخرى.
وخلال حديثه أثناء جلسة مناقشة في مجلس اللوردات البريطاني حقوق الأقليات الدينية والعرقية في العراق، وصف عضو المجلس اللورد كرستوفر كوكسورث، الوضع الحالي بوجود تمزق كبير في النسيج الاجتماعي العراقي، مؤكداً أهمية إعادة ترميم النسيج الاجتماعي لضمان الاستقرار والنجاح في العراق في مرحلة مابعد "داعش".
وقال اللورد كوكسورث، انه إضافة إلى المسيحيين فإن الإيزيديين والكرد والتركمان والصابئة المندائيين والشبك، لم يتمكنوا أيضا بعد من العودة إلى الموصل، وهي المدينة التي يصفونها بأنها كانت يوما وطنهم.
ونقلا عن تعليقات أدلى بها له قس آشوري من دهوك، قال اللورد كوكسورث ان المدارس ووسائل الإعلام لها دور حيوي تلعبه في تعزيز قدرات طبقة واسعة من شباب العراق في خلق ثقافة تفاهم واحترام جديدة عبر التربية.
وذكر القس الآشوري بالقول "ربما قد لا نستطيع استرجاع ديمغرافية تواجدنا السكاني المسيحي الذي كنا عليه في السابق هناك، ولكن بإمكاننا الحفاظ على تواجد ودور للمكون المسيحي في مجتمعنا، وسنكون قادرين عبر مدارسنا وخبراتنا ومستشفياتنا تقديم خدمة لجميع سكان هذا الوطن".
وبدورها قالت البارونة أنيلاي خلال الجسلة "داعش لم يعد يستولي على أراضٍ مهمة هناك ولكن في الوقت الذي هزم فيه "داعش" فإنه لم ينته بشكل كامل ومايزال يشكل تهديداً للعراق". وأشارت البارونة إلى زيارة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي الأخيرة للعراق في كانون الأول الماضي التي أقرت فيها الحاجة إلى حل ومعالجة المشاكل التي تسببت بظهور "داعش".
وأضافت البارونة "علينا أن نعترف بأن التحديات التي تواجه الأقليات لم تبدأ بقدوم "داعش" ولن تنتهي بهزيمة "داعش" فقط. يجب أن تكون هناك حلول تتصدى لمشاكل وقضايا عالقة منذ زمن تتمثل بالتمييز والإقصاء والتهميش". وبخصوص استهداف تنظيم "داعش" الوحشي للأقليات الأيزيدية والمسيحية في العراق الذي أقرت الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية، وما يحدث الآن من معاناة للكرد فقد ذكرت البارونة هودغسون، في حديثها "أنه رغم حصول بعض التحسن في الوضع هناك فإنه ما يزال بعيداً عن تحقيق الاستقرار الدائم".
وأضاف اللورد كوكسورث بقوله "إذا استمرت الظروف المؤاتية لعودة التنظيم الإرهابي على حالها في البلد، فإن الاقليات العرقية في العراق متخوفة من حال عدم اجتثات مسببات ظهور العنف فإنه سيعود مرة أخرى وتكون الأقليات العرقية كالسابق أول ضحاياه".
وأشار إلى الفوضى التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق عام 2003 والتي أدت بحلول العام 2014 إلى تقلص عدد السكان المسيحيين في العراق بنسبة 75%، وتسببت موجات العنف المتكررة السابقة بتجريدهم من الأمن وأجبرت الجيل السابق على الفرار.
أرسل تعليقك