واشنطن ـ يوسف مكي
بدأت تظهر مؤشرات على انتهاء "شهر العسل" بين واشنطن وبكين، مع توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات شديدة اللهجة للصين التي اتهمها بأنها لا تفعل ما يكفي لدفع كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي، بالتزامن مع فرض عقوبات أميركية على بنك صيني اتهم بالتعامل مع كوريا الشمالية وتبييض أموال لصالحها. ومما زاد الطين بلة، أن الولايات المتحدة تخطط لبيع أسلحة لتايوان بقيمة 1.42 مليار دولار ضمن أول صفقة من نوعها في ظل إدارة ترامب وفي خطوة من المؤكد أن تغضب الصين.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الجمعة، نفاد صبر بلاده حيال كوريا الشمالية بسبب مشروعها النووي، وذلك أثناء استقباله الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية مون جاي - إن في إطار محادثات في البيت الأبيض. وفيما يعتبر الرئيس الكوري الجنوبي أن الحوار مع كوريا الشمالية أفضل الطرق لكبح برنامجيها النووي والباليستي، أوضح ترمب أنه ليس في أجواء مواصلة الدبلوماسية مع نظام اتهمه بعدم احترام الحياة البشرية.
ومع إعلان الرئيس الكوري الجنوبي أن ترامب قبل دعوته لزيارة "سيول" هذا العام، لم يحدد الرئيسان إطار أي استراتيجية مشتركة للتصدي لتهديد القيادة الكورية الشمالية. وقال ترامب بعد اللقاء: "معاً نواجه خطر النظام الخطير والعنيف في كوريا الشمالية. ويستدعي البرنامجان النووي والباليستي لهذا النظام رداً حازماً"، وأضاف أن "الديكتاتورية الكورية الشمالية لا تعلق أي أهمية على أمن شعبها وجيرانها ولا تكن أي احترام للحياة البشرية". وتبدي الإدارة الأميركية تبرماً متزايداً إزاء النظام الكوري الشمالي الذي نفذ سلسلة تجارب صاروخية في الأشهر الأخيرة، كما ساد الغضب الولايات المتحدة بعد إفراج بيونغ يانغ عن الطالب الأميركي أوتو وارمبير الذي أوقف أثناء رحلة سياحية قبل 18 شهراً، وأعادته إلى بلاده في غيبوبة سرعان ما توفي إثرها.
وصرح ترامب في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الكوري الجنوبي في البيت الأبيض بالقول: "انتهت فترة الصبر الاستراتيجي مع النظام الكوري الشمالي. بكل صراحة، لقد نفد الصبر". وإذ تجنب انتقاد مقاربة ضيفه، أوضح ترامب أنه لا يرغب في التحاور مع كوريا الشمالية، معتبراً العقوبات أفضل طريقة للمضي قدماًز وتابع أن "الولايات المتحدة تدعو القوى الإقليمية الأخرى وجميع الدول المسؤولة للانضمام إلينا في تطبيق عقوبات ومطالبة النظام الكوري الشمالي باختيار مسار أفضل وبسرعة لمستقبل أفضل لشعبه الذي يعاني منذ فترة طويلة".
وتنشر واشنطن التي تضمن أمن كوريا الجنوبية، أكثر من 28 ألف جندي في البلاد للتصدي لخطر جارتها الشيوعية في الشمال التي تكثف تجاربها الصاروخية، وأنجزت 5 تجارب منذ تنصيب مون في 10 مايو/أيار. وأكد مون ألا خلاف بين حكومته وإدارة ترمب على طبيعة التهديد الكوري الشمالي، وقال إن أخطر التحديات أمام أمتينا هو التهديد النووي والصاروخي الكوري الشمالي، مضيفاً: قررنا والرئيس ترمب وضع معالجة هذه المسألة في أعلى سلم أولوياتنا والتنسيق الوثيق في السياسات ذات الصلة.
وأدانت بكين أمس الجمعة، الموافقة على بيع أسلحة أميركية إلى تايوان، وطلبت من واشنطن وقف أي صفقة أسلحة مع الجزيرة التي تعتبرها جزءاً منها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ للصحافيين إن الصين أرسلت احتجاجاً رسمياً إلى واشنطن وحثت الحكومة الأميركية على احترام التزامها المعلن بمبدأ الصين الواحدة. وقال المتحدث إن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين ونحن نعارض بشدة صفقة الأسلحة هذه إلى تايوان. واحتجت سفارة الصين في واشنطن على الصفقة ووصفتها بأنها خطوة خاطئة من شأنها إلحاق الضرر بالعلاقات بين البلدين. وقالت السفارة، في تصريحات أوردتها الوكالة الفرنسية، إن الخطوة الخاطئة التي قام بها الجانب الأميركي مخالفة للتفاهم الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين في مارالاغو والزخم الإيجابي الذي شهدته العلاقات الصينية - الأميركية. وأضافت أن من شأنها إلحاق الضرر بالثقة المتبادلة والتعاون بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.
كما انتقدت الصين أمس الجمعة قرار وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على «بنك أو دان دونغ» الصيني بناء على تعاملات مزعومة مع كوريا الشمالية. وأعلنت الولايات المتحدة العقوبات أول من أمس الخميس، وذلك للضغط بأقصى صورة ممكنة على كوريا الشمالية بشأن برامج تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والأسلحة النووية. وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن مونشن، أمس، إن البنك الصيني عمل كقناة للنشاط المالي غير الشرعي لكوريا الشمالية، وأضاف أن المحققين في إدارته يعتبرون البنك مصرفاً أجنبياً يمارس غسل الأموال بشكل رئيسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لو كانغ، في إيجاز صحافي في بكين، إن الصين تعارض فرض عقوبات خارج إطار عمل مجلس الأمن الدولي، لا سيما عندما تقرر دول أخرى فرض عقوبات على منظمات وأفراد صينيين.
وأضاف، كما تناقلت تصريحاته الوكالة الألمانية، أن الصين ستتعامل مع أي شركة أو مواطن صيني انتهك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بكوريا الشمالية وتحث بشدة الولايات المتحدة الأميركية بتصحيح قرارها الخاطئ.
وتابع: نحن جادون بشأن تعهدنا والتزامنا تجاه القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية ويلاحظ الجمهور العام جهودنا.
أرسل تعليقك