اندهش نجل شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوي، والذي أطاحت به الثورة الإسلامية في 1979، من سماع اسم جده في الاحتجاجات الأخيرة في شوارع إيران، حيث صرخ المحتجون باسمه، وللمرة الأولى منذ عقود يعود اسم الشاه إلى أفواه الإيرانيين وعقولهم، على الأقل لدى بعضهم. واستخدم المحتجون شعارات مثل "رحم الله الشاه رضا"، "ارتكبنا خطئا فادحا بالمشاركة في الثورة"، "أعيدوا الشاه"، حتى في مدينتي مشهد وكوم، أكثر المدن قدسية في البلاد، رفع القليل منهم صورة الشهاه.
ومن جانبه قال نجله والذي يدعى رضا بهلوي "يشبه الأمر حين تحجب السحب الشمس لبعض الوقت، ولكن فجأة يتكشف الضوء". وترك ولي العهد السابق، البالغ من العمر 57 عاما، البلاد حين كان مراهقا بعد إطاحة الثورة بوالده، والآن يقود حركة معارضة من منزله في الولايات المتحدة الأميركية تحديدا في ولاية ميريلاند.
ويرى بهلوي أن الزمن والانطباع أعادوا الذكريات القديمة الخاصة بالشاه، قائلا "أكثر الأشياء شيوعا اسمعها من الإيرانيين الذين اتحدث إليهم، هو إلقاء اللوم على عائلاتهم لما حدث في 1979، حيث وضعوهم في الفوضى القائمة الآن، وأغلبهم يخبرني أنهم لن يكرروا نفس الخطأ الذي أرتكبه آبائهم". وولد أكثر من ثلثي التعداد الحالي للسكان بعد 1979، ولا يذكرون ما حدث، كما ليس لديهم خبرة بزمن ما قبل الثورة، حين رفضت إيران الدستور الملكي العلماني لتحل محله الحكم الإسلامي.
وقالت إحدى الخبيرات الإيرانيات، إن الجيل الصغير لا يميل إلى رؤية الشاه كما كان، ولكنهم يحتاجون إليه، فهو يمثل كل شيء لا يمثله المرشد الأعلى آيه الله خامنئي، وهذا جيد بما فيه الكفاية. وقادت ديكتاتورية بهلوي إلى شن حملات ضد الإسلاميين والشيوعيين، حيث تعذيبهم وإعدامهم، وعدم السماح لهم بالتعبير عن آرائهم السياسية، وقد وصف هذا الحكم في بعض الأحيان بالديكتاتورية الملكية، كما أن الولاء لبعض القوى الأجنبية والفساد، ونفوذ أسرته وثروتها، التي قدرت بنحو 20 مليار دولار، دفعت الطبقة المتوسطة للغضب.
ويقول حسين محرزاد، والذي غادر طهران متوجها إلى فرنسا في 1979" الناس الذين عاشوا خلال فترة حكم الشاه سيتذكرون الحديث عن الألف أسرة، حيث ذهاب كافة ثروة البلاد من النفط إلى ألف أسرة فقط جميعهم على صلة بالشاه". ويرى مؤيدو الشاه في إيران أن البلاد تحت حكمه كانت أكثر تقدما، وتتمتع بعلاقات جيدة مع الغرب، وذات نمو صناعي سريع، واقتصاد قوي.
وعبر الكثير من الشباب الإيرانيين عن رأيهم للمرة الأولى عن ما حدث في بلادهم من خلال الوصول إلى التكنولوجيا، حيث يقول غولانز إيصفاندياراي، صحافي إيراني ومحلل في مجموعة فريدوم هاوس الأميركية " أعتقد أن الشباب يشهدون عصرا ذهبيا، حين كانت إيران تحظى باحترام في العالم، ولم يدرها الشيوخ، ولا يبدو أن الشباب يرون الشاه ديكتاتورا، ولكن شخصا ارتقى بالبلاد".
ويعد عدد الأشخاص الذين نادوا بعودة الشاه في الاحتجاجات أقلية، وتشير وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للدولة إلى أن عصر الشاه كان بمثابة "استبدادي". وفي هذا السياق، يقول أندرة سكوت كوبر، مؤلف كتاب سقوط الجنة "إعادة تاكيد النظام على صورة النقاشات بشأن بهلوي تؤثر على الشباب الإيراني داخل البلاد وتثير به الفضول حول ما لا يعرفونه"، مؤكدا أنه هذه الاحتجاجات تختلف عن احتجاجات الحركة الخضراء في 2009، فحينها طالب المحتجين بتغيير بعض المسؤولين، ولكن الآن يصرخون بموت الديكتاتور.
ويشير السيد بهلوي "منذ بداية الطريق أداروا الانتخابات بطريقتهم، واختاروا المرشحين الموافقين عليهم مسبقا، والرؤساء من علي أكبر رسفنجاني إلى محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني، وجميعهم يختارهم محرك العرائس آية الله".
ولا يتوقع السيد بهلوي عودة النظام الملكي، ولكنه يدعو إلى الابتعاد عن النظام الثيوقراطي الحالي، والتوجه إلى النظام العلماني. ويؤكد السيد بهلوي على أن ما يهتم به اليوم هو قيادة حركته في إتجاه الثورة والتخلص من النظام الحالي، موضحا أن العملية الديمقراطية وحدها يمكنها إصدار القرار والشكل النهائي للحكومة الجديدة التي ستتولى السلطة.
وليس واضحا من سيتولى حكم إيران في المستقبل، فالكثير من المتظاهرين ألقي القبض عليهم في الاحتجاجات، ولا توجد قيادة واضحة تلوح في الأفق. ولكن يرى السيد بهلوي أن الجني أصبح خارج الزجاجة ومن غير السهل إعادة إدخاله، قائلا " أنا متأكد أنها بداية ثورة، ولكن الثورات لا تحدث بين ليلة وضحاها، أنظروا إلى ثورة 1979، أخذت عاما كاملا لتخرج، فالحركات تتقدم وتتأخر، ولذلك علينا التحلي بالصبر، وأنا بالفعل أنتظر منذ 38 عاما".
أرسل تعليقك