تكثفت الاتصالات مساء الثلاثاء بين أقطاب المعارضة السورية وممثلي مجموعة "أصدقاء سورية" مع بدء الاجتماع الموسع للمعارضة المعتدلة في الرياض صباح الأربعاء لتوفير أرضية مشتركة بين وفد الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق وإصدار وثيقة إعلان مبادئ مشتركة، ووفد موحّد في ختام هذا المؤتمر الذي تشارك فيه أكثر من 100 شخصية سياسية وعسكرية من أطياف المعارضة كافة.
وأوضح رئيس الائتلاف خالد خوجة أن هناك توافقا على الرؤية حول حل سياسي، وأهم هدف من هذا اللقاء هو الخروج بوثيقة مشتركة، مضيفا أن من بين المواضيع التي ستُناقش تشكيل فريق تفاوض.
وسارت موسكو خطوة إضافية نحو تعزيز قدراتها العسكرية في سورية، بإعلانها انضمام الغواصة "روستوف نا دانو" المزوّدة صواريخ "كاليبر" المجنّحة، إلى القطعات العسكرية الروسية المرابطة قرب السواحل السورية.
وتزامن ذلك مع تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تصر على إقامة مناطق آمنة في شمال سورية والتنفيذ السريع لمقترحات بتدريب المعارضة السورية المعتدلة وتجهيزها، فيما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن نيويورك قد تستضيف في 18 كانون الأول / ديسمبر الجاري اجتماعًا دوليًا بشأن سورية، وأوضح أن الاجتماع يعتمد في جزء منه على نتيجة مؤتمر الرياض لممثلي المعارضة السورية.
وأبدت الأمم المتحدة قلقها على مصير 12 ألف لاجئ سوري تقطّعت بهم السبل على الحدود السورية الأردنية في أوضاع متدهورة، وناشدت الحكومة الأردنية السماح لهم بالدخول.
وعلى صعيد مؤتمر الرياض، عُقِدت جلسة الثلاثاء بين ممثلي مجموعة "أصدقاء سورية" الموجودين في شكل غير رسمي، باعتبار أن السعودية حرصت على ترك المؤتمر للسوريين كي يقرروا وثائقهم ووفدهم، وكان بين الحاضرين ممثلو أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والإمارات وتركيا، وعقد لقاء بين الائتلاف وهيئة التنسيق، فيما جاء السفير الروسي في الرياض إلى مقر انعقاد المؤتمر للقاء شخصيتين من إعلان القاهرة.
وتأكد أن رئيس مركز الخليج للدراسات عبد العزيز صقر سيدير المناقشات بين المشاركين السوريين في المؤتمر الذين سيحلّون في أحد فنادق الرياض وفق الترتيب الهجائي لإعطاء فرصة لهم للتحدُّث مع بعضهم بعضًا، خصوصًا السياسيين والعسكر، إضافة إلى ترك المجال واسعًا لعقد لقاءات ثنائية بين المشاركين الذين زاد عددهم على 105 أشخاص، إذ أُضيفت في اللحظة الأخيرة بسمة قضماني بالتزامن مع تراجع الرئيس السابق لالائتلاف معاذ الخطيب عن اعتذاره.
وأظهرت المناقشات أن وثيقتي المبادئ الأساسية حول التسوية السياسية ذات الـ13 بندًا ومحددات الحل السياسي اللتين بحثهما الائتلاف وهيئة التنسيق سابقًا ستكونان مرجعية في نقاشات المشاركين.
وطلب مبعوثو دول غربية اعتماد لغة لا تُغلق الأبواب مع الجانب الروسي إزاء دور الرئيس بشار الأسد، لكن الوثيقتين واضحتان في ذلك، إذ تقول الأولى إن هدف المفاوضات الأساس هو تنفيذ بيان جنيف بكل بنوده بالموافقة المتبادلة بدءا من تشكيل هيئة الحكم الانتقالية التي تمارس كامل السلطات والصلاحيات التنفيذية، بما فيها سلطات رئيس الجمهورية وصلاحياته على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة التي تشمل الجيش والقوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات وفروعها والأمن والشرطة، وأن غاية العملية السياسية هي تغيير النظام السياسي في شكل جذري وشامل بما في ذلك رأس النظام ورموزه وأجهزته الأمنية.
ونصّت ورقة المحدّدات على أن رحيل الرئيس بشار الأسد وزمرته أمر حاسم، أي عملية انتقالية غير ممكنة في ظل وجوده في السلطة في شكل مباشر أو غير مباشر.
وشدد القائد السابق للجيش الحر اللواء سليم إدريس على أهمية أن يخرج مؤتمر الرياض بوثيقة مكتوبة ورؤية واضحة متّفق عليها أثناء المفاوضات المقبلة، كي لا تحدث انقسامات في صفوف المعارضين وليتمكّنوا من مواجهة الخبرة الإيرانية المتمرّسة في هذا المجال، ودعم روسية و"حزب الله" وفد النظام في المفاوضات.
وأكّد إدريس أن من المعوقات التي تواجه فصائل المعارضة عدم وجود رؤية واضحة لديها، وهناك جهات تعتبر نفسها صاحبة الحق في تقرير مصير الشعب.
وأردف: "العوائق الأساسية تتمثّل في عدم وجود رؤية واضحة لدى المعارضة حول طبيعة الحل مع النظام، إضافة إلى أن كل جهة تعتبر نفسها أصل المعارضة، وهي صاحبة الحق في تقرير وضع سورية. كما أنه لم يتم العمل على كتابة رؤية واضحة للحل لدى المعارضة".
وأشار إلى أن المعارضة تعاني من ترهل وانقسام، وعدم توحُّد الكلمة، وعدم وجود رؤية إستراتيجية للحل، وعدم وجود منهجية ورؤى مكتوبة تُطرح على طاولة المفاوضات.
وأبدى إدريس تخوُّفه من جهات معارضة بدأت تخاف من روسيا وتخطب ودّها قبل بدء المفاوضات، وأضاف: "المعارضة ككل متفقة على رحيل الأسد، وإننا لسنا ضد الأقليات، بل إن كل مكوّنات الشعب السوري لها الحق في حياة حرة كريمة في بلد حر ديمقراطي".
وسعى المعارضون السوريون الذين يبدؤون مؤتمرهم بشكل رسمي في الرياض الأربعاء، إلى التوافق حول مبادئ الحل السياسي، وتشكيل وفد للمشاركة في مفاوضات محتملة مع النظام، بحسب ما ذكر مصدر مشارك في اللقاءات التحضيرية.
وأفادت المصادر بأن بنود البحث ستركز على التوافق حول الحل السياسي وتشكيل وفد من المختصين يمثل الأبعاد السياسية، العسكرية والأمنية والمجتمعية والقانونية، لموازاة وفد النظام في لقاء ترغب الدول الكبرى بعقده بينهما بحلول الأول من كانون الثاني / يناير، ويرجح أن يراوح عدد الوفد ما بين 20 و40 شخصًا.
وبيّنت أن انطلاق المؤتمر سيكون الساعة التاسعة من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي، على أن تعقد على مدار يومين جلسات متتابعة مدة كل منها ساعة ونصف ساعة، يديرها رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر كجهة مستقلة، وستُبحث في اليوم الأول بنودًا تشمل الثوابت الوطنية للتسوية، مفهوم التسوية السياسية، العملية التفاوضية، والمرحلة الانتقالية، على أن يركز اليوم الثاني على التطرف، وقف إطلاق النار، وإعادة بناء سورية، بحسب المصدر المطلع على جدول الأعمال المبدئي، ويتوقع بأن يصدر في نهاية المؤتمر بيان ختامي.
وبدأ المدعوون بالوصول تباعًا إلى العاصمة السعودية منذ الاثنين، وسيكون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية صاحب الحصة الكبرى من الدعوات، مع قرابة 20 شخصًا من أصل إجمالي المدعوين الذي يقارب 100.
وكانت السعودية أعلنت دعوتها إلى مؤتمر الرياض كل شرائح المعارضة السورية المعتدلة، بهدف حشد أكبر شريحة من المعارضة السورية لتوحيد صفوفها واختيار ممثليها في المفاوضات وتحديد مواقفها التفاوضية.
وبحسب مصادر معارضة وصحف سعودية، فإن الدعوة شملت إضافة إلى الائتلاف، هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المقبولة من النظام، وشخصيات من مؤتمر القاهرة الذي يضم معارضين من الداخل والخارج.
ودعي ممثلو فصائل مسلحة غير مصنفة متطرفة، كالجبهة الجنوبية وجيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإسلامية، وأكد جيش الإسلام مشاركة عضوين في مكتبه السياسي في مؤتمر الرياض، في حين لم تعلق أحرار الشام على تداول اسمها.
واستثنت الدعوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب التابعة له، والتي اضطرت إلى عقد مؤتمر مواز في الشمال السوري، ومن المشاركين في مؤتمر الشمال السوري، هيئة التنسيق الوطنية، وتيار "قمح" برئاسة هيثم مناع الذي اعتذر عن المشاركة في مؤتمر الرياض.
وتأمل الرياض من خلال المؤتمر توحيد صفوف المعارضة بمكوناتها السياسية والعسكرية قبل المفاوضات المحتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد، وكان مصدر في وزارة الخارجية السعودية أكد أن بلاده ستوفر كل التسهيلات الممكنة لتتمكن المعارضة السورية من إجراء المفاوضات فيما بينها وبشكل مستقل والخروج بموقف موحد.
أرسل تعليقك