استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأحد، في مكتبه في قصر اليمامة، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والوفد المرافق له. ونقل فابيوس، خلال الاستقبال، تحيات وتقدير الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بينما حمَّله الملك سلمان تحياته وتقديره إلى الرئيس الفرنسي. كما جرى استعراض مستجدات الأوضاع في المنطقة، وبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين.
حضر الاستقبال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان.
كما حضر سفير فرنسا لدى المملكة برتران بزانسنو، والسكرتير العام المعاون في وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية ريمي ريو، ومدير قسم أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية جان فرانسو جيرو، والمستشار الدبلوماسية لوزير الخارجية الفرنسي آن كلير لوجاند.
وفي السياق ذاته، شدد الفيصل على أن قوات تحالف "عاصفة الحزم" جاءت رغبة في عودة الشرعية إلى اليمن، بعد استنجاد رئيسها الشرعي عبدربه منصور هادي بالسعودية؛ لوقف الجماعات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بالانقلاب على الشرعية.
وذكر الفيصل: "لسنا في حرب مع إيران، والرئيس اليمني الشرعي طلب من السعودية المساعدة لوقف الحرب، التي أعلنها الحوثيون وأعوان صالح، وجاءت "عاصفة الحزم" بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية وبدعم من الكثير من الدول الصديقة، لعودة الشرعية إلى الرئيس هادي.
وأوضح الفيصل أن حملة التحالف الدولي للدفاع عن الشرعية في اليمن، تسير بشكل جيد وفق الأهداف المرسومة لها، وعلى مساريها العسكري والإنساني، وذلك من خلال استهداف الجماعات الحوثية وقوات الرئيس السابق والقوات المتمردة على الشرعية، مبينًا استمرار الحملة في جهودها الإنسانية لحماية المدنيين وإجلاء الجاليات وتقديم المساعدات الإغاثية، والتعاون في ذلك مع المنظمات الدولية المعنية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي.
وعبر وزير الخارجية السعودي عن إدانته واستهجانه استمرار جماعات الحوثي في تطرف وترويع المدنيين الآمنين بالمدفعيات الثقيلة والدبابات داخل المدن، وهو الأمر الذي تسعى جهود "عاصفة الحزم" إلى إيقافه.
وبدأ الفيصل حديثه بنعي أبناء الوطن وأبطاله الذين قتلوا على يد الغدر والخيانة، ورفع أصدق التعازي والمواساة إلى الملك سلمان وأسر الضحايا وذويهم، والشعب السعودي، داعيًا الله أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته.
وأكد الفيصل أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى السعودية، تأتي في إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين، مؤكدًا أن التنسيق والتشاور مستمران بين البلدين تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبطبيعة الحال كان أهم حدث في هذه الزيارة لقاء وزير الخارجية الفرنسي بخادم الحرمين، وتلقيه رسالة من هولاند.
وتابع الأمير سعود الفيصل بقوله: عقدنا جلسة مباحثات موسعة مع وزير الخارجية الفرنسي والوفد المرافق له، استطيع أن أصفها بالمثمرة والبناءة، ولا بد لي أن أشيد بمستوى التطور الذي تشهده العلاقات الثنائية، من خلال آلياته المتمثلة في اللجنة السعودية المشتركة المعنية ببحث التعاون على المستوى الحكومي، وكذلك مجلس رجال الأعمال المعني بتفعيل التعاون على مستوى القطاع الخاص، وهو الأمر الذي أسهم في إبرام الكثير من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات، وتطوير المشاريع المشتركة التي بلغت 186 مشروعًا برأسمال يقترب من 33 مليار ريال.
وأضاف "بحثنا أيضًا مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية ومستجداتها، وكذلك الجهود القائمة لمحاربة التطرف في ظل شراكتنا المثمرة لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسورية، والدعم الكبير من فرنسا والعالم للتحالف العربي الدولي للدفاع عن الشرعية في اليمن، وما أبدته فرنسا من استعداد لتقديم كل ما تحتاجه المملكة من جميع النواحي، وترى السعودية أن التحالفين يشكلان جهدًا متوازيًا لمكافحة التطرف بأشكاله وصوره كافة والأيديولوجيا التي تقف وراءه".
واستطرد الفيصل قائلاً: "المحادثات تناولت مفاوضات برنامج إيران النووي والاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه، ونحن متفقون على أهمية أن يفضي الاتفاق النهائي عن الشروط الواضحة والمُلزمة وبما يضمن عدم تحول البرنامج النووي إلى برنامج عسكري، وتأمل المملكة أن يسهم هذا الاتفاق في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وضمان خلو منطقة الشرق الأوسط والخليج من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها السلاح النووي وبما ينسجم مع قرار الجامعة العربية في هذا الشأن، كما تؤكد السعودية أن بلوغ أهداف الأمن والاستقرار في المنطقة، يتطلب أيضًا الالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية واحترام سيادتها".
وبشأن المأساة السورية، ذكر الفيصل "نرى أن إطار الحل السلمي واضح ومتفق عليه من قِبل المجتمع الدولي، والمتمثل في مبادئ إعلان جنيف 1 وما اشتمل عليه من ترتيبات لنقل السلطة، وترى المملكة أن استمرار تدفق الأسلحة إلى بشار الأسد وزمرته بجميع أنواعه المدمرة إلى سورية وشعبها، من شأنه تعطيل الحل السلمي المنشود، وسنستمر من جانبنا بالتصدي لها والدفع بالحل السلمي بكل السبل المتاحة".
وأضاف "ناقشنا أيضًا النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي ومستجداته، وأود أن أبارك انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية عضوًا كاملاً فيها، وهذا الإجراء يشكل اعترافًا آخرًا من المجتمع الدولي بفلسطين الدولة والسلطة والسيادة، ونأمل أن يتم ترجمة هذا التوجه على الأرض بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة، وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، ومبادرة السلام العربية، من خلال تصدي المجتمع الدولي لسياسات التعنت "الإسرائيلية" في إطالة أمد النزاع بكل ما يحمله من مآسٍ إنسانية، وأود أن أبلغكم أن وزير الخارجية الفرنسي أطلعني على أفكار فرنسا لتحريك عملية السلام، وهذا يتفق مع موقف فرنسا الدائم بضرورة إحلال السلام في فلسطين، ونشكر فرنسا على هذا الموقف".
أرسل تعليقك