دخل استخدام الأراضي اللبنانية في الحرب الدائرة في سورية مرحلة جديدة أول من أمس الأحد، مع المواجهة التي دارت بين "حزب الله" والمجموعات المسلحة السورية خصوصًا "جبهة النصرة"، في جرود بلدة بريتال في البقاع الشرقي، بعد المواجهة التي دارت بين "النصرة" و"داعش" من جهة، والجيش اللبناني من جهة ثانية في بلدة عرسال مطلع آب/ أغسطس) الماضي.
انشغل الوسط السياسي اللبناني غداة عطلة عيد الأضحى المبارك بتداعيات ونتائج المعارك التي جرت وأدت إلى مقتل 10 من "حزب الله" وفق قول مصادر قريبة منه لوكالة "رويترز"، فيما أشارت وسائل إعلامية قريبة من الحزب إلى أن عدد قتلى المسلحين السوريين الذين اخترقوا الحدود اللبنانية لمهاجمة عدد من مواقعه داخل الأراضي اللبنانية بلغ زهاء 16 قتيلًا إضافة إلى عدد من الجرحى في صفوف الطرفين.
واعتبرت أوساط سياسية أن هذه المعارك دليل على قرار المجموعات المسلّحة السوريّة توسيع النطاق الجغرافي للمواجهة بينهم وبين "حزب الله"، عبر نقلها إلى الأراضي اللبنانية، ما يرتّب تداعيات على إمكان تجدّد المواجهات في المرحلة المقبلة.
وفيما تمكن مقاتلو "حزب الله" من صدّ الهجوم بعد اختراق المسلّحين السوريّين الأراضي اللبنانية، بضعة كيلومترات، وصولًا إلى موقع عين الساعة للمراقبة، وموقع النبي سباط في جرود بريتال، الذي يضمّ قاعدة عسكرية للحزب يتجمّع فيها مقاتلوه تشمل حقل تدريب، وصولًا إلى جرود منطقة القاع، فإن الحزب لم يصدر أي بيان رسمي بالحصيلة، فيما بثّت "النصرة" شريط فيديو على حساب باسم "مراسل القلمون" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أظهر اقتحام موقع المراقبة وجاء فيه أن 11 قتيلًا سقطوا للحزب فيما قتل عنصر واحد لـ "النصرة" وجرح آخر.
لكن مواقع إخبارية بثّت صورًا لقتلى المسلحين نشرت إحداها "الحياة" أمس الاثنين.
وأطلقت "النصرة" على الهجوم الذي نفّذته اسم "غزوة الثأر لإخواننا اللاجئين الذين أُحرقت خيمهم في عرسال"، وساد الهدوء مناطق الاشتباكات أمس الاثنين.
وسيطر اللغط على تفاصيل العملية والغموض في شأن مرجعياتها، فيما اعتبرت المواقع الإخبارية المقرّبة من الحزب أن هدفها إحداث ثغرة في الحدود مع لبنان بعد تضييق الخناق على المسلّحين عبر تدابير الجيش في عرسال للحيلولة دون أيّ منفذ من القلمون إلى البلدة، مقابل إطباق الجيش النظامي السوري وقوّات الحزب على طرق التواصل بين القلمون ومنطقة الزبداني السوريّة، وأنّ هجوم "النصرة" هو محاولة لإعادة وصل المنطقتين، وتأمين طرق إمداد للمؤن والمواد الطبيّة عبر منافذ بقاعية أخرى.
وذكرت هذه المواقع أن الهجوم كان مباغتًا للحزب لكنه كان حضّر خططًا لمواجهة احتمال كهذا واستخدم كثافة نيران رشاشة وصاروخيّة لصدّ الهجوم.
وبينما أشارت وسائل إعلام "حزب الله" إلى أن الجيش شارك في قصف المسلحين بعد تقدّمهم، فإنّ مصادر عسكرية نفت ذلك، مؤكّدة أن مواقع الجيش بعيدة أصلًا عن المنطقة التي وقعت فيها الاشتباكات ولم يشارك أبدًا فيها.
وتبادلت مواقع إخبارية مقرّبة من "حزب الله" مع "النصرة" بثّ معلومات وصورٍ عن حصيلة المواجهة في ما يشبه الحرب الإعلامية.
ونعى "حزب الله" بعد الظهر ثمانية من مقاتليه بأسمائهم وبدأ بتشييع بعضهم في مدينة بعلبك في حضور الوزير حسين الحاج حسن.
وتزامن هذا التطور أول من أمس الأحد، مع تزايد الأخبار عن فشل جديدٍ في التفاوض مع "النصرة" و "داعش" لإطلاق العسكريّين المخطوفين لديهما.
وصعّد أهالي المخطوفين إجراءات قطع الطرقات، فأقاموا سواتر ترابية في منطقة ضهر البيدر وقطعوا طريق ترشيش - زحلة، وطريق بيروت - طرابلس عند منطقة القلمون الساحلية، لبعض الوقت في إطار تحرّكهم للضغط على الحكومة كي تسرّع في مقايضة الإفراج عن أبنائهم بتحقيق مطالب الخاطفين، مهددين بإقفال طريق مطار رفيق الحريري الدولي.
واتصل الجندي المخطوف علي البزال بذويه مطالبًا إياهم بقطع مزيد من الطرقات، مضيفًا "وضعنا في خطر إذا لم يتحرّك أحد".
وكشفت مصادر مواكبة للمفاوضات أن الوسيط القطريّ غادر بيروت لأنه لم يحصل على رد من الحكومة اللبنانيّة على مطالب الخاطفين.
وأضاف قيادي في "النصرة" لوكالة أنباء "الأناضول" أن المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم "اشترط إفراجنا عن 3 عسكريين رهائن لدينا ليسمح بإدخال أحد مقاتلينا إلى عرسال لتلقّي العلاج فرفضنا".
وكانت أنباء ترددت منذ الخميس الماضي عن فتح خط تفاوض مع "داعش" عبر قناة غير الوسيط القطري لمبادلة تحرير 3 عسكريين لمناسبة عيد الأضحى، بإخلاء سبيل أحد المقاتلين المنتمين إلى "داعش" الذين اعتُقلوا أثناء معركة عرسال في 2 آب/ أغسطس الماضي، لكن الجانب اللبناني لم يعطِ جوابًا حول هذه المبادلة.
وأوضحت المصادر المواكبة للمفاوضات أن قادة المسلحين يطالبون بالإفراج عن جميع المسلحين الأسرى لدى الجانب اللبناني.
أرسل تعليقك