الرياض - عبد العزيز الدوسري
تأتي القمة الخليجية الـ 36 وسط ظروف وأحداث تعصف بالمنطقة، ما بين إعادة الشرعية لليمن، واستمرار النظام السوري في مجازره، والتدخل الروسي الإيراني في سورية، وقضايا التطرف في المنطقة، مستقبلة ملفات ساخنة بأوراقها المنعقدة في الرياض.
وتضع ملفات قمة الرياض في اليومين التاسع والعاشر من ديسمبر، نقطة فاصلة في كثير من القضايا المهمة لتمثل المشهد السياسي العالمي، خصوصًا أنها تحتل موقعًا يهيئ لها للعب دورٍ محوري في المنطقة، التي تتنازعها الخلافات والصراعات وأحداث تاريخية، ما فتأت تلقي بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي الخليجي.
ويعد ملف مكافحة التطرف الأهم في أجندة أعمال القمة الذي تبلي فيه دول التعاون بشكل جيد، من أجل درء خطره الداخلي والدولي، إذ استهدفت العمليات المتطرفة المملكة والكويت والبحرين، في وقت يعلو المشهد الدولي حالة ورغبة أكيدتين في محاربته بعد أن تمكن وبلغ العواصم الأوروبية، وما أدت إليه أحداث باريس من حالة استياء دولية عامة.
وتؤكد دول الخليج عزمها على التصدي للتطرف ومكافحته بشكل جماعي، وسعيًا لتعميق وتطوير التنسيق المشترك فيما بينها وتحقيق الشمولية والتكامل في مكافحة التطرف من خلال التعاون الأمني بين أجهزة أمن الخليج، في إطار المسؤولية الجماعية لها في المحافظة على الأمن والاستقرار ووقاية مجتمعاتها وشعوبها ومكتسباتها التاريخية ومنجزاتها الحضارية ومصالحها من خطر التطرف.
ويأتي ذلك في وقت كان وزراء داخلية الخليج قد أنهوا اجتماعهم الأخير في الدوحة وأكدوا فيه إصرار دولهم وتصميمها على محاربة التطرف واجتثاثه وتجفيف منابعه وقنوات تمويله من أجل حماية المجتمعات الخليجية من آثاره السلبية التي تهدد أمنه واستقراره، مشيدين في الوقت نفسه بالمستوى المتقدم الذي وصل إليه التعاون والتنسيق المشترك بين كل الأجهزة الأمنية في دول المجلس في مجال مكافحة الإرهاب، وما تبذله هذه الأجهزة من جهود حثيثة وملموسة في القضاء على المنظمات والخلايا الإجرامية، ومحاربة الفكر المتطرف.
ويحتل الملف اليمني مكانة مهمة كأبرز ملف تعاون عسكري خليجي لاستعادة الشرعية اليمنية، وما وصلت له دول التحالف العربي من تقدم وخصوصًا القوات الخليجية في تحرير عددٍ من المدن اليمنية من ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح، والتي تحاول دول الخليج إعادة الاستقرار لليمن بعد مشهد الانقلاب الذي قاد اليمن وشعبها إلى حافة الهاوية والتي كانت ستتحول لمحور تهديد على دول الخليج ومصالحها وأمنها من جراء التدخل الإيراني في اليمن عبر ميليشيا الحوثي، دول القمة وهي تتابع ما حققته دول التحالف فعين تتابع التقدم والجهد العسكري في ضبط الوضع اليمني واستعادة الشرعية فيما العين الأخرى تنظر إلى دعم الجهود الإنسانية التي تقدمها دول الخليج من مساعدات إنسانية وطبية للمواطن اليمني ولعل أبرزها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وباقي الأعمال الإغاثية التي تقوم به باقي دول المجلس وكذلك مطالبة المجتمع الدولي بتكثيف مساعداته الإنسانية من أجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني.
وتتطلع دول المجلس إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وذلك وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015)، مع الاهتمام بالجانب العسكري الميداني، والذي توج بانتصارات حققتها المقاومة الشعبية والجيش الموالي للشرعية ضد ميليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح، وتحرير عدن وعدد من المدن اليمنية، مؤكدين دعم ومساندة دول المجلس للحكومة الشرعية من أجل استعادة الدولة اليمنية وإعادة الأمن والاستقرار، كما أشاد المجلس الوزاري بالجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإيجاد حل للأزمة اليمنية.
ويأتي الملف السوري ضمن اهتمامات دول الخليج وخصوصًا السعودية؛ فالقمة الخليجية تناقش تطورات الأزمة وما تمخضت عنه اجتماعات فيينا، فالقادة الخليجيون دعوا المجتمع الدولي إلى اتخاذ كل الإجراءات القانونية لإنهاء الأزمة السورية المستمرة منذ ما يزيد على أربعة أعوام، واستمرار النظام السوري في قتل المدنيين بمختلف الأسلحة، بما فيها الأسلحة السامة المحرمة. وكذلك تتطلع لنتائج في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية المعتدلة والذي سيتم تهيئة هيئة سياسية تكون مهمتها إدارة الفترة الانتقالية في سورية، وتسعى لتقديم الحل السياسي في الأزمة السورية حيث إن مؤتمر الرياض سوف يضع خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية لما بعد نظام الرئيس بشار الأسد .
وتنظر دول الخليج إلى إيران وتدخلاتها المستمرة في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون وهو ما يرفضه مجلس دول الخليج ، كما ترفض محاولاتها المستميتة لبث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطنيها والإضرار بأمنها واستقرارها، ومصالح مواطنيها، سواء من خلال إيواء الهاربين من العدالة أو فتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية أو تهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دول المجلس، كما حدث أخيرًا في مملكة البحرين.
وسيشدد مجلس التعاون على دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية بضرورة تطبيق آلية فعالة للتحقق من تنفيذ الاتفاق والتفتيش والرقابة لكل المواقع النووية في إيران بما فيها العسكرية، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعّال حال انتهاك طهران لالتزاماتها طبقًا للاتفاق النووي الذي تم توقيعه في فيينا حزيران/يونيو الماضي.
أرسل تعليقك