تتباين التوقعات والتحليلات السياسية والاستراتيجية حول المصادر التي يتحصل منها التنظيم المتطرف "داعش" على أسلحته , والتي على ما يبدو فإنها في جانبي الكم والنوعية, مما خلق تساؤلات على مستويات متعددة حول طبيعة لوجستية التنظيم والتي تسمح له باقتناء هذا العدد الكبير من الأسلحة.
وأوردت وكالة "أسوشيتد فرانس برس" في هذا الإطار، تحقيقًا تناولت فيه التقرير المنشور من قبل "منظمة العفو الدولية" والذي أكد حقيقة ربما كانت غائبة حتى وقت قريب عن الوسط الإعلامي والاستراتيجي في الشرق الأوسط, حيث شدد تحقيقها على أن أحد أكبر المصادر الرئيسية للسلاح الداعشي ومنذ نشأة التنظيم, هو العراق, لما يعتري نظامه القائم من سلبيات مستمرة منذ سقوط النظام عام 2003 وإلى الآن.
وأكدت المنظمة خلال تقريرها, أن سنوات من التصدير غير المسؤول للسلاح للعراق من قبل الدول المصنعة, وانعدام وجود أي قوانين داخلية ناظمة لتوزيع واقتناء هذه الأسلحة, خلق سوقًا مفتوحًا للتنظيمات المتطرفة للاستحواذ على هذا السلاح, سواء بالاستيلاء كما تم في مناطق واسعة بعد سيطرة التنظيم على مدينة الموصل, ثم مراكز الشرطة والجيش في تكريت وديالى والرمادي, أو بالشراء عن طريق وسطاء من داخل البلاد, وبالتعامل مع تجار السوق السوداء في البلاد.
وأورد تقرير المنظمة أيضًا, أن نوعية السلاح الذي يستخدمه "داعش" وطبيعة كمياته, تؤكد ما ورد في التقرير, حيث يستخدم "داعش" أنواعًا عديدة من الأسلحة, وبالشكل الرئيسي فإن بندقية "كلاشينكوف" روسية الصنع هي السلاح الأكثر شيوعًا في العراق ودول محيطه, وبالتالي لدى تنظيم "داعش", في الوقت الذي أكدت فيه أيضًا, أن البحث في طبيعة اقتناء التنظيم للأسلحة الخفيفة قد أثبت أن التنظيم يستخدم عادة بندقية الكلاشينكوف, من أصول ما يزيد عن 25 بلدًا مصنعًا, فيما تتنوع تلك الأسلحة بشكل كبير لتكون ممتدة من بنادق "تبوك" العراقية إلى "بوش ماستر" الأميركية, وكذلك "السي كيو" الصينية وبعدها تأتي الــ "جي 36" الألمانية والــ "إف أي إل" البلقانية.
وأشار التقرير إلى أن أغلب تلك الأسلحة المتواجدة سواء بيد التنظيم, أو في السوق السوداء العراقية, هي لا تأتي فقط من مصادر التصدير غير المسؤول من قبل الدول المصنعة بعد عام 2003, وإنما هي تعود لسنوات الثمانينات وحتى عام 1998, والتي وصفها التقرير بأنها "فترة انتعاش كبيرة لسوق الأسلحة الحديثة العالمي", فيما أغرق العراق بعد عام 2003 بالمزيد من الأسلحة الأميركية بدون أي اعتبار لقوانين التصدير والاقتناء المعمول بها عالميًا.
يأتي هذا في الوقت الذي شدد فيه تقرير المنظمة, على أن ستة دول مصدرة للسلاح وعضوة دائمة في مجلس الأمن الدولي, كانت على علم بسلبيات هذه الصادرات, ورغم ذلك فإنها استمرت في تصدير السلاح للعراق, حيث صرّح الباحث في المنظمة "باتريك ويلكن" خلال مؤتمر صحفي عقدته للإعلان عن صدور تقريرها بالقول "إن الترسانة الهائلة من الأسلحة التي يستخدمها التنظيم وأمثاله هو مثال بسيط لما قد يؤدي إليه التهور في تصدير الأسلحة من تغذية الأنظمة الاستبدادية على نطاق دولي", مؤكدًا أن هذه المعطيات يجب أن تكون "صرخة استيقاظ" توجه إلى الدول المصدرة للتوقف عن أفعالها هذه, مشيرًا أيضًا إلى "أن إرث التصدير المتهور للأسلحة وعدم التحكم في مرورها واستخدامها في العراق والدول المحيطة قد أدى إلى تدمير حياة الملايين من الأبرياء وما زال".
ويذكر أن المنظمة قد شددت في نهاية تقريرها على ضرورة تفعيل دور اتفاقية تجارة الأسلحة الدولية, وأن تجبر الدول التي لم تدخل فيها على أن تكون جزءًا منها الآن, حيث لم تنظم كل من "الولايات المتحدة , وروسيا والصين" هذه الاتفاقية.
ودعت منظمة "العفو الدولية" إلى وضع قوانين صارمة وشروط واضحة على تصديرالأسلحة إلى العراق, وفرض حظر لتصدير الأسلحة إلى سوريا.
أرسل تعليقك