أعلنت الحكومة السودانية عن تقديم طلب إلى البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور "يوناميد"، بإعداد خطة خروج من البلاد وإنهاء مهمتها في دارفور، واتهمت دوائر في الأمم المتحدة والبعثة، لم تسمها بالاسم، بأنها تخطط لشيء ما يستهدف السودان، مستغلة تقارير إعلامية عن ممارسة اغتصاب جماعي في إقليم دارفور.
ونفى وكيل وزارة الخارجية السودانية عبد الله الأزرق، اتهام الجيش السوداني بممارسة عمليات الاغتصاب الجماعي ضد نساء في منطقة "تابت" في ولاية شمال دارفور، وأرجع الاتهام إلى مخططات تدبرها بعض الجهات داخل المنظمة الدولية، والبعثة "يوناميد" من أجل استهداف حكومة السودان.
وأوضح الأزرق للصحافيين، عقب اجتماعه بسفراء الدول الغربية المعتمدين في الخرطوم والمنظمات الدولية الجمعة، أنَّه شرح للسفراء وجهة نظر حكومته فيما يتعلق بملابسات اتهامات الاغتصاب الجماعي التي وجهت للقوات المسلحة السودانية، في منطقة "تابت" شمال دارفور، ووصفها بأنها "مفبركة".
وكشف الأزرق عن شكوك من قبل حكومته تجاه "بعض الدوائر في الأمم المتحدة" تستهدف السودان؛ لأنَّه طلب رسميًا من البعثة "إعداد خطة خروج" من البلاد وإنهاء مهمتها، مما أثار حفيظة تلك الدوائر، والجهات المستفيدة من استمرار ولاية "يوناميد" على السودان، وأضاف بهذا الخصوص "أوضحنا للسفراء أنَّ لدينا شكوكًا في بعض الدوائر بالأمم المتحدة، لأنَّ السودان طلب رسميًا من "يوناميد" أن تعمل على استراتيجية خروج من البلاد".
واتهم السفير الأزرق من أطلق عليهم "المستمتعون بالعيش الرغيد في "يوناميد"، بالوقوف وراء ما يحاك ضد السودان، موضحًا "لو أنفق ما يصرف من أموال على "يوناميد" في دارفور، في إعادة الإعمار والتنمية لأحالت دارفور إلى منطقة متطورة، لكن بعض الأوساط تريد أن تستمتع بعيش رغيد باستمرار العمل في "يوناميد"، مضيفًا "لكن رغم هذا نحن مستعدون للعمل مع "يوناميد" وفقا للمرجعيات المتفق عليها". مؤكدًا "لقد طلبنا منهم استراتيجية الخروج، وهي عملية تأخذ وقتا وتحكمها نظم وإجراءات، والسودان ليس البلد الوحيد الذي توجد به قوات دولية، ولا البلد الوحيد الذي طلب استراتيجية خروج".
ونفى الأزرق أن يكون لطلب إعداد استراتيجية مغادرة البلاد مرتبطًا بمزاعم الاغتصاب الجماعي، مشيرًا إلى أنهم أخطروا البعثة مرتين، مرة عند انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة للأمم المتحدة، وقبل أسبوعين من بروز أزمة "تابت".
وتهكَّم وكيل الخارجية من أداء بعثة "يوناميد" بسبب مصاحبة جنود سودانيين فريق التحقيق الخاص بها، وقولها بأنَّ ذلك سيؤثر في شفافية التحقيق، قائلًا "يوناميد أصبحت عبئا على جيشنا، فتفويضها هو حماية المدنيين، لكنها نفسها محتاجة لحماية".
واستمر ساخرًا "أحيانًا تهاجمها مجموعات قطّاع طرق، فيسلبون ملابسها العسكرية وأحذيتها وأسلحتها، مما يثير دهشة قواتنا، إذ كيف تهاجم مجموعة قليلة وحدة عسكرية كاملة وتجردها من ملابسها وأسلحتها بهذه السهولة، مما يجعل قواتنا تشكك في وجود ترتيبات لتسليح المتمردين عبر "يوناميد" وبهذه الطريقة".
وكانت إذاعة "دبنقا" التي تبث من هولندا، تقارير عن اغتصاب كتيبة تابعة للجيش 200 امرأة وقاصر، في منطقة "تابت"، التي تبعد 45 كيلومترًا غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وسرعان ما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة شهادات لضحايا زعمن أنهن من بلدة "تابت"، ونظّم ناشطون حملة واسعة ضد القوات الحكومية تطالب بإجراء تحقيق دولي محايد وشفاف.
لكن الجيش السوداني نفى هذه اتهامات قيامه بعلميات اغتصاب جماعي، أو تورط أي من عناصره في ارتكاب تلك الجريمة، ووصف إمكان حدوثها بالمستحيل، بسبب كبر أعداد النساء التي زعمت التقارير أنهن اغتصبن، مقارنة بالقوة العسكرية الموجودة في المنطقة.
فيما أعرب رئيس مجلس الأمن الدولي، غاري كوينلان، عن قلقه البالغ من تلك المزاعم التي تناقلتها وسائل الإعلام في القرية، ودعا في بيانٍ الحكومة السودانية للإيفاء بالتزاماتها وفقا لاتفاق "يوناميد"، وإتاحة الحرية غير المقيدة لحركة البعثة في أنحاء دارفور لتتمكن من إجراء تحقيق "كامل وشفاف ودون تدخل".
وكانت السلطات السودانية قد منعت بعثة "يوناميد" في الرابع من الشهر الجاري، من الوصول إلى القرية للتحقيق في مزاعم الاغتصاب، بيد أنها عادت وسمحت لها بالتقصي بعد 9 أيام من الحادثة وتحت مراقبة قوات حكومية، ثم عادت ومنعتها من الدخول مجددًا الأحد من الأسبوع الماضي.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإرسال فريق من "يوناميد" للمرة الثانية إلى البلدة، لإجراء تحقيق جديد، على الرغم من أنَّ تقرير البعثة الأول أكد عدم وجود دليل على عمليات الاغتصاب الجماعي، وطبقا لذلك أعلن نائب رئيس يوناميد أبيدون باشوا، رغبة بعثته في إجراء تحقيق آخر شامل، وهو ما رفضته الخرطوم بشدة.
ونصحت المتحدثة السابقة باسم البعثة عائشة البصري، مجلس الأمن بإجراء تحقيق حول إخفاقات بعثة "يوناميد" في التعامل مع الحادثة؛ لأنَّ شروط تقصي مزاعم الاغتصاب الجماعي لن تتوافر بعد مضي أسبوعين، لاستحالة إثبات الاعتداء الجنسي.
أرسل تعليقك