الرباط ـ العرب اليوم
استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس بالقصر الملكي في الرباط، مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية، الذي يقوم بزيارة رسمية للمغرب.
وذكر بيان للديوان الملكي أن هذه الزيارة، التي تأتي بعد أيام من تولي جمعة مهامه على رأس الحكومة التونسية الجديدة، تجسد الروابط الأخوية القوية التي تجمع بين البلدين.
وخلال هذا الاستقبال، يضيف البيان، كلف العاهل المغربي، جمعة، بإبلاغ تحياته الأخوية ومشاعر تقديره إلى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. كما جدد العاهل المغربي التعبير عن تهانيه الحارة لمجموع القوى الحية التونسية، التي برهنت، خلال هذه المرحلة المتميزة من تاريخ تونس، عن حس عال من المسؤولية، وعن تشبثها بفضائل التوافق وحرصها الدائم على الحفاظ على المصالح العليا لبلدها. وأضاف البيان «وما الإقرار الأخير للدستور الجديد للجمهورية التونسية إلا أسطع دليل على ذلك». وأكد ملك المغرب على الاستعداد التام للمملكة لتعميق التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع الميادين، وتعزيز التشاور، بما يساعد على انبثاق نظام مغاربي جديد، قائم على قيم الاحترام المتبادل والتضامن والانفتاح الديمقراطي وتحرير الطاقات، بما يعود بالنفع على الشعوب المغاربية الخمسة.
من جانبه، عبر جمعة، باسم الشعب والحكومة التونسيين، عن صادق شكره لملك المغرب على الوقوف البناء للمملكة إلى جانب تونس في انتقالها نحو التقدم والديمقراطية. وأطلع مهدي العاهل المغربي على السياق السياسي والاقتصادي والأمني الذي تعرفه بلاده حاليا، والأهداف التي سطرتها الحكومة بتشاور مع رئيس الجمهورية. كما أشاد بالاهتمام الخاص الذي تفضل العاهل المغربي بإيلائه لطلب الحكومة التونسية والمتعلق بتعزيز التعاون في المجال الديني، لا سيما في مجال تكوين الأئمة التونسيين بالمغرب، طبقا للمذهب المالكي المنفتح والمتسامح.
حضر هذا الاستقبال عن الجانب التونسي منجي الحامدي وزير الخارجية، وحاتم عطا الله المستشار الدبلوماسي لرئيس الحكومة، وشفيق حجي سفير تونس بالرباط، وعن الجانب المغربي صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون.
وكان عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، أجرى أمس في الرباط مباحثات مع نظيره التونسي. وأشاد ابن كيران وجمعة بمستوى علاقات الأخوة والتعاون التي تجمع بين البلدين، وعبرا عن عزم حكومتيهما العمل على تطوير التعاون الثنائي في جميع الميادين، خاصة المجال الاقتصادي، كما تدارسا آفاق انعقاد اللجنة المشتركة العليا التي ستشكل مناسبة للدفع بالتعاون الثنائي في العديد من المجالات.
وتطرق الجانبان، خلال هذا اللقاء الذي حضره عبد الله بها، وزير الدولة، وإدريس الازمي، الوزير المنتدب المكلف بالموازنة وسفير تونس في الرباط، إلى مجموعة من القضايا الجهوية والدولية.
وقال جمعة، في تصريح للصحافة عقب هذا اللقاء، إنه جرى بحث العلاقات الثنائية التي تتميز «بمستوى جيد وأخوي»، وسبل تطويرها، وذلك بالنظر للإمكانية التي يتوفر عليها البلدان في جميع المجالات، خاصة الاقتصادية. وأشار جمعة إلى أنه أطلع ابن كيران على الوضع الراهن في تونس والتحول الكبير والانفراج السياسي الذي عرفته البلاد عقب المصادقة على الدستور، معربا عن أمله في أن يشكل هذا الحدث منعطفا يتوج بإجراء انتخابات نزيهة ومتكافئة لجميع الأطراف أواخر 2014.
وأضاف أنه وجه دعوة لابن كيران من أجل عقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة التونسية - المغربية في العاصمة تونس، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين «متميزة وتضامنية، وتسير من حسن إلى أحسن». وقام جمعة برفقة الوزير الازمي، وعدد من مرافقيه، بجولة في شارع محمد الخامس في الرباط، بعد زيارته ضريح الملك الراحل محمد الخامس.
وفي السياق ذاته، تباحث صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، أمس، مع نظيره التونسي منجي الحامدي. وقال الحامدي في لقاء صحافي مشترك مع مزوار، إن الحكومة التونسية برئاسة مهدي جمعة حريصة على الرفع من مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما إذا كان قد جرى تحجيم دور الجماعات المتطرفة في تونس، وهل تتلقى دعما من جهات خارجية، قال الحامدي إن الحكومة تبذل جهودا كبيرة للحد من التطرف في البلاد، وإنها نجحت إلى حد كبير في هذا الأمر، وتبين ذلك بوضوح في الأيام الأخيرة، مشيرا إلى أن التصدي لهذه الآفة يتطلب جهودا مشتركة مع بلدان الجوار والبلدان الصديقة. وأضاف أنه لا علم له إن كانت هذه الجماعات تتلقى دعما خارجيا أم لا.
وحول الطلب الذي تقدمت به تونس إلى المغرب من أجل التعاون في المجال الديني وتكوين أئمة تونسيين، قال الحامدي إن المغرب معروف بالإسلام المتسامح والمعتدل، لذا ارتأينا الاستفادة من التجربة المغربية في الحقل الديني.
من جهته، قال مزوار إن التحول الديمقراطي الذي تعرفه تونس يؤكد على نضج المجتمع التونسي أحزابا ونقابات ومجتمعا مدنيا. وأضاف أن المغرب كان دائم الحرص على أن تسير تونس في اتجاه الأمن والاستقرار، لأن استقرارها جزء من استقرار وأمن المنطقة ككل، مشيرا إلى أن بلاده ستبقى إلى جانب تونس «لإنجاح هذه المحطة المهمة والدقيقة من حياتها الديمقراطية».
وأوضح مزوار أنه جرى الاتفاق على عقد اجتماعات لآليات التشاور والمتابعة تهيئة لاجتماع اللجنة العليا المشتركة في النصف الثاني من السنة الحالية، كما جرى الاتفاق على أن يضع المغرب رهن إشارة تونس تجربته في مجال المصالحة الوطنية في المرحلة الانتقالية وكذلك في كل ما يرتبط بالأمن والاستقرار، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية لأن تونس بحاجة إلى دعم في هذا المجال. وأكد مزوار على أن العلاقة بين البلدين ليست «ظرفية أو منفعية بل هي علاقة استراتيجية».
وردا على سؤال حول ما إذا كان من المرتقب عقد قمة مغاربية ترعاها تونس، قال مزوار إنه من المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول المغرب العربي اجتماعا غدا (السبت) في ليبيا بمناسبة الذكرى الـ25 لإنشاء الاتحاد، وسيكون فرصة لتبادل وجهات النظر حول الآليات الضرورية للدفع بالاتحاد. وأضاف أن المغرب وتونس كانا يعملان دائما في اتجاه دعم بناء أسس الاتحاد المغاربي، وأن الرئيس المرزوقي عندما دعا إلى عقد القمة المغاربية فذلك من منطلق قناعة راسخة بأن الاتحاد المغاربي هو ضرورة ملحة لأمن واستقرار المنطقة، وهو ما زال مستمرا في هذا التوجه.
أرسل تعليقك