أفادت صحيفة “النهار” اللبنانية بأن جميعة المصارف اللبنانية في اجتماعها الأخير لم تحدّد موعداً لعودة فتح الفروع، لتبقي القرار رهن خطة أمنية تقول إن الأجهزة الأمنية وعدت بأن تطبّقها مطلع الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك مع تأكيد وزير الداخلية والبلديات مراراً في الأيام الماضية أنه لن يسمح بوضع العسكر في وجه المواطنين، مطالباً المصارف باتخاذ الإجراءات الأمنية والإدارية الكفيلة بانتظام العمل في الفروع.
وذكرت الصحيفة اللبنانية في تقرير لها أن موظفي المصارف يرفضون العودة إلى عملهم خوفاً من تجدد الاقتحامات التي شهدتها الفروع الأسبوع الماضي، وما تعرض له هؤلاء من شتائم وإهانات وتعديات من المودعين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مصرفية، قولها إن المخاطر ما زالت محدقة بموظفي المصارف وزبائنها الموجودين داخل الفروع في ظل استمرار ما تصفه هذه الأوساط بالجوّ التحريضي الذي يقف وراء هذه المخاطر والتهديدات، وغياب أية إجراءات أو حتى تطمينات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافة بهدف تأمين مناخ آمن للعمل.
وقالت المصادر: “حتى الساعة لا قرار واضحاً من جمعية المصارف وموظفي المصارف بالعودة الى فتح الفروع بشكل طبيعي، رغم المعلومات المؤكدة أن الأجهزة الأمنية اتخذت قراراً بتشديد الإجراءات الكفيلة بضبط الأمن، خاصة حول الفروع المصرفية، فيما لم تتمكن جمعية المصارف من الحصول على ضمانات من الأجهزة الأمنية بمنع أي اقتحامات محتملة للفروع، مع الأخذ في الاعتبار حساسية الموضوع وإصرار وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي على عدم الوقوع في فخ المواجهة بين العناصر الأمنية والمودعين”.
كما لم تستبعد المصادر المصرفية أن تلجأ بعض المصارف إلى اعتماد ما يمكن وصفه بالحماية الذاتية من خلال الاستعانة برجال أمن بكامل عتادهم لحماية الفروع.
وتابعت المصادر : "يصر موظفو المصارف على تأمين الأمن في مراكز العمل، ولا سيّما أن التهديد باقتحام المصارف بقوّة السلاح ما زال يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي وتعود مصادره لتذكر بما نشره تجمّع المودعين في المصارف اللبنانية "نصيحة لكل المودعين الخميس يوم الهجوم على البنوك، اهجم حارب قاتل وحرّر أموالك، من يمتلك الشجاعة يحق له تحرير أمواله وله الأولوية".
وكانت نقابات موظفي المصارف عادت لتطالب الأجهزة الأمنية بمُلاحقة مُطلقي هذه التهديدات التي توتّر الأجواء العامة وتشجّع على ارتكاب مُخالفاتٍ للقانون واستخدام السلاح لترويع العاملين في القطاع المصرفي، فيما يؤكد موظفو المصارف أنهم سيتحركون في الشارع مع التأكيد أن العودة إلى العمل مشروطةٌ بإقرار خطةٍ أمنيةٍ تضمن سلامة العاملين في القطاع المصرفي.
وأردفت المصادر قائلة: “عموماً تستمر المصارف، برغم إقفال فروعها، في تأمين الحد الأدنى من الخدمات المصرفية عبر الصرافات الآلية من خلال تأمين السيولة والسحوبات ضمن الكوتة الشهرية لكل مودع، حيث يقوم مسئولو الفروع بتغذية الصرافات الآلية كل صباح بالسيولة بالليرة اللبنانية وبالدولار النقدي مع إتمام عمليات صيرفة عبر الصرافات”.
واستطردت: “كما تُجمع الشيكات التي يجري إيداعها في هذه الصرّافات ولكن دون تحصيلها حتى الساعة مع توقف المقاصة بين المصارف نتيجة الإضراب”.
وبالنسبة للرواتب والأجور والمساعدة الاجتماعية التي تم تحويلها، بينت المصادر أن المصارف صرفت هذه الاموال للمستفيدين منها ضمن السقوف الشهرية المسموح بها، ولكن المشكلة تكمن في رواتب القطاع الخاص الموطّن والفواتير الموطنة التي يجب تسديدها ولا يمكن إنجازها عبر الصرافات الآلية، وهذا الأمر أيضاً يشمل أقساط المدارس والجامعات التي يجب تسديدها نقداً في الفروع المصرفية في العديد من الأحيان.
وتنفذ المصارف وإداراتها بعض الحوالات التي تتم أونلاين والتحاويل بين حسابات الشركات كما تستمر المصارف بإنجاز العمليات المالية مع مصرف لبنان، خاصة فيما يتعلق بمنصة صيرفة وتأمين الدولارات للسوق، ما سمح باستمرار تأمين الدولارات.
ولم ينعكس إقفال المصارف ارتفاعاً كبيراً على سعر الدولار في السوق السوداء، ولا يزال الكلام على لسان المصادر المصرفية.
وأكملت المصادر حديثها: “ورغم إتمام هذه العمليات، فإن ما يحصل حالياً هو ترقيع لتمرير الوقت، فلا يمكن استمرار إقفال المصارف وفروعها رغم تواجه عدد محدود جداً من الموظفين داخل هذه الفروع يعملون وراء الأسوار الحديدة خوفاً من اقتحامها، ومن الضروري الإسراع في معالجة موضوع الودائع في القطاع المصرفي وإعطاء الضمانات اللازمة للمودعين على اختلاف حجم ودائعهم والتوقّف عن إطلاق خططٍ تعفي الدولة من تحمّل مسئولياتها”.
وتعليقاً على آخر التطورات، قالت المستشارة القانونية لجمعية "أموالنا لنا" المحامية مايا جعارة، إن سياسة تمرير الوقت لتذويب أموال المودعين معطوفة على خطة تعافٍ يبدو أنها تطمح لشطب جزء كبير ممّا بقي، هي التي أوصلت إلى هذا التأزم المفتوح على جميع الاحتمالات.
ورأت “جعارة” أن توقف المصارف عن الدفع أصبح واقعاً لا يمكن تجاهله، ودراسة قانون لإعادة هيكلة المصارف لا يبدو أنه سيبصر النور قريباً نظراً للعراقيل التي يتعرّض لها.
وتضيف: “لذلك توجهنا لإقامة دعاوى توقف عن الدفع عملاً بالقانون 2/67 التي من شأنها إيصالنا الى إعادة الهيكلة واستعادة أموال بعض من أصحاب القرار في المصرف الذين تبيّن ارتكابهم أخطاءً جسيمة وتوظيفات خاطئة ومتهوّرة طمعاً بالربح السريع والكبير، مما قد يساعد على استعادة أكبر قدر من أموال المودعين”.
كما اعتبرت أن الطريق الإلزامي لبداية حلّ المشكلة يكمن في إقرار جمعية المصارف بحقوق المودعين كدينٍ عليها وإقرار جدولة لإعادة أموال المودعين بعملة الإيداع تتّسم بالشفافية والوضوح والمدى الزمني المحدّد.
ولفتت “جعارة” الى أن المودعين لا يريدون تكبّد خسائر إضافية بعد اليوم، ولا سيما أن القدرة الشرائية باتت معدومة، فلبنان في المرتبة الاولى على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء.
كما اقترحت “جعارة” أن يصار إلى حين صدور خطة التعافي وسلّة القوانين الإصلاحية التي طال انتظارها، البدء منذ الآن بدفع مبلغ لا يقلّ عن 1000 دولار بعملة الإيداع لكلّ مودع، وذلك من شأنه تخفيف الاحتقان.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك