كشفت بيانات حديثة عن غاز ساخن يحيط بثقب أسود هائل في قلب مجرة ضخمة ويظهر على شكل حرف H اللاتيني باللون الوردي.
ويبلغ طول الهيكل 40 ألف سنة ضوئية، ما يجعله يقارب نصف عرض مجرتنا بأكملها، درب التبانة.
وتم الكشف عن شكل الحرف H في صورة الأشعة السينية للغاز الذي يحيط بالثقب الأسود في المجرة الإهليلجية "مسييه 84" ((M84، الواقعة على بعد نحو 60 مليون سنة ضوئية من الأرض في كوكبة العذراء.
وتُظهر ملاحظات M84، التي التقطها مرصد شاندرا للأشعة السينية (Chandra X-ray) التابع لناسا وKarl G، تأثير الجاذبية للجسم الفائق الكتلة.
وأعطى هذا علماء الفلك الانطباع بأن بعض الثقوب السوداء هي "أكَلة انتقائية"، حيث يبدو أن النفاثات المنبعثة من الثقوب السوداء مثل هذه تحد من كمية الغاز التي يمكن أن تتغذى عليها من اتجاهات معينة.
ويتم التقاط الغاز في الصورة من خلال تأثير الجاذبية للثقب الأسود الهائل. وفي حين أن بعض هذه المواد ستسقط على سطح الثقب الأسود، الذي تبلغ كتلته نحو 1.5 مليار مرة من كتلة الشمس، فإن بعضها سوف ينفجر على شكل دفقات من الجسيمات. ويمكن لهذه النفاثات إزالة التجاويف في الغاز الساخن المحيط بالثقب الأسود.
ويمكن رؤية هذه التجاويف في صورة شاندرا ما يؤدي إلى إنشاء شكل H نتيجة لاتجاه نفاثات الجسيمات إلى الأرض. ويمتد الغاز الساخن الذي يمثله اللون الوردي الساخن في الصورة على بعد نحو 100 سنة ضوئية من الثقب الأسود وحقيقة أنه يشع عند درجات حرارة تصل إلى عشرات الملايين من الدرجات تعني أنه يتجلى في الأشعة السينية ما يجعله مرئيا لشاندرا.
وبالإضافة إلى بيانات الأشعة السينية التي جمعتها شاندرا، تتميز الصورة أيضا ببيانات الطول الموجي الراديوي التي تم جمعها بواسطة VLA، وهو مرصد علم الفلك الراديوي في جنوب غرب الولايات المتحدة. وتظهر بيانات VLA باللون الأزرق وتظهر النفاثات تتسابق بعيدا عن الثقب الأسود.
وقدر علماء الفلك أن المادة التي تتساقط نحو الثقب الأسود الهائل من الشمال على طول النفاثات كل عام تبلغ كتلتها نحو 500 ضعف كتلة الأرض.
وفي حين أن هذا يبدو وكأنه كمية هائلة من المادة، فإن 25% فقط من كتلة المادة يتم تغذيتها إلى الثقب الأسود من الاتجاهات التي لا يكون فيها التدفق النفاث موجها، مثل الشرق والغرب.
وهذا يعني أن التجاويف التي أحدثتها النفاثات أثناء انفجارها للخارج من شمال وجنوب الثقب الأسود ترفع المواد بعيدا، وبالتالي تبطئ معدل سقوطها على الثقب الأسود.
ولاختبار الفرضية، طبق الفريق نموذجا لتغذية الثقب الأسود، يعرف باسم نموذج بوندي والذي يفترض أن جميع المواد الواقعة على مسافة معينة من الهيكل تسقط على سطحه بنفس المعدل.
ووجد علماء الفلك أن تغذية الثقب الأسود الهائل في قلب M84 لا تتطابق مع نموذج بوندي، حيث أن المادة لا تتساقط أو تتراكم بالتساوي في جميع الاتجاهات، ولكنها تشكل بدلا من ذلك الشكل H المرئي في صور شاندرا.
وبطبيعة الحال، فإن الهيكل العملاق H المرئي في صورة شاندرا لـ M84 ليس نتيجة محاولة ثقب أسود للانخراط في بعض أعمال الكتابة في السماء، بل هو مثال على "الباريدوليا" (pareidolia)، وهي ظاهرة نفسية ترى أن أدمغتنا تصنع صورا متماسكة أو صورا من بيانات عشوائية. ويمكن أن تؤدي الظاهرة إلى رؤية البشر للحيوانات في السحب، أو في بعض الأمثلة المتطرفة رؤية وجوه على الأجسام الجامدة، مثل الخبز المحمص.
أحد الأمثلة الفلكية الشهيرة لباريدوليا كان ما يسمى بـ "الوجه على المريخ". عندما كانت المركبة الفضائية Viking 1 التابعة لناسا تلتقط صورا للمريخ في عام 1976، ورصدت ما بدا أنه تشابه غامض لوجه بشري، يبلغ طوله ميلين ويقع في منطقة تسمى سيدونيا.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الثقوب السوداء العظمى تنمو بسرعة أكبر من مجراتها
أرسل تعليقك