عندما يبدأ الطفل المشي ويصبح قادرًا على الكلام، تبدو الـ«لا» كلمته المفضلة التي يعبّر من خلالها عن معارضته لوالدته، وعدم رغبته في الانصياع لها، يريد أن يقول «في استطاعتي تدبر أمري». وحين يدخل المدرسة تكثر لائحة الاعتراضات والتمرّد على قوانين المنزل، فهو لا يريد أن ينام في الوقت الذي حددته والدته، أو يرتدي الملابس التي اختارتها... وفي مرحلة المراهقة يتمرّد على بعض قوانين العائلة وتقاليدها، ولا يريد أن يكون على صورة والديه، بل يريد أن يشكل هويته الخاصة... فيتمرّد.
فلماذا يميل الطفل والمراهق إلى التمرّد على سلطة الأهل؟ وهل التمرّد مرحلة لا بد منها؟ وكيف على الأهل التعامل مع معارضة أبنائهم وتمرّدهم؟
عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الاختصاصية في التقويم التربوي الدكتورة لمى بنداق.
هل رفض الطفل الخضوع لأهله وعصيان أوامرهم هو تمرّد؟
بداية، يمكن تعريف التمرّد بأنه مجموعة من أنماط السلوك الاجتماعي الموجَّه إلى أشكال السلطة المختلفة ومظاهر النفوذ، للخروج عليها وإعادة بنائها.
وبالرجوع إلى المعجم نجد أن تفسير «ولد متمرد» يشير إلى ولد عنيد، وتفسير «تمرد على أهله» معناه عصاهم وتجاوز طاعتهم. ويمكن القول إن التمرّد عند الطفل يأخذ مظهر المعارضة، فهو يعارض الراشدين تلقائيًا، ويدرك أنه لا يريد الخضوع لوالديه، ويبتزّهما باستعمال كلمة «لا» كي يعبّر عما يشعر به. ومراحل المعارضة هذه مرهقة بالنسبة إلى الوالدين، ولكنها ضرورية للطفل، فمن خلالها يبني شخصيته.
وتظهر مرحلة المعارضة هذه خلال مراحل التعليم الكبرى مثل المشي والنظافة، وكلما تعلّم الطفل تدبر أموره وحده، صعبت السيطرة على رغبته في حرية التصرف، فهو يريد اكتشاف العالم، وممنوعات أهله تعيقه عن التحرك كما يريد. وفي المقابل، فإن المعارضة بالنسبة إلى الطفل وسيلة للتكيف خلال مرحلة الانقلابات الكبرى، لا سيّما مع مجيء شقيق صغير أو الانتقال من منزل إلى آخر.
إذًا، الطفل يتمرّد أو يعارض لإثبات نفسه والتأثير في الآخرين، ويلجأ إلى التمرّد في حال الغيرة من أطفال آخرين، وفي حال اتباع الأهل أسلوب الضرب لمعاقبته، فإن الطفل يتمرد ويتحداهم أكثر فأكثر... الخ.
والملاحظ أن غالبية الأطفال المتمرّدين بمعنى المعارضين يكونون في قمة الذكاء. لذا ينصح الأهل بمحاولة استثمار ذكاء طفلهم وتوجيهه إلى الطريق الصحيح.
هل للتربية دور أساسي في تعزيز التمرّد لدى الأطفال؟
يمرّ الطفل خلال تطوره الحركي واكتسابه الاستقلالية بمراحل عدة من المعارضة. وعلى الأم التحلي بالصبر والابتكار كي يعبر هذه المرحلة.
إذ نجد الكثير من الأطفال يكبرون وهم لا يدركون أبسط الأشياء مما يفضلون أو يحبون أو يكرهون، ومن أبسط الأمثال اللون المفضل والطعام المفضل.
ولهذا نقول إن دور التربية أساسي في بناء شخصية متوازنة ومتفائلة، وفي حال وجود تمرّد يجب احتضانه إذا كان إيجابيًا ومراعاته وتوجيهه، وفي حال كان سلبيًا يجب تداركه وتوجيهه ليصبح إيجابيًا.
فتمرّد الطفل لا علاقة له بإغاظة أهله، بل هو تطور أساسي في شخصيته، وعندما يفرض الأهل رأيهم ويجبرون الطفل على تنفيذ طلبهم فإنه يشعر بالحزن لأنهم لم يفهموه، فالكف عن قول «لا» والخضوع الأعمى لهم يعتبران بالنسبة إليه طمسًا لولادة هويته والاستمرار بصفة طفل والديه.
وهذا يتعارض مع الانفتاح على الحياة التي تدفعه إلى الانفصال عن العلاقة الانصهارية مع الراشدين ليسير نحو الاستقلالية. وبهذا المعنى فإن الطفل الذي يفرض معارضته في مواجهة رغبة الراشدين يتمتع بصحة نفسية جيدة.
ما هي أهم أسباب تمرّد الأطفال؟
هناك أسباب أساسية لتمرد الطفل:
يرغب في الحصول على القوة والتحكم والاستقلالية.
لإثبات أن ليس في مقدور الأهل التحكم فيه «الاعتماد على النفس».
لتلقي رد الفعل، أي يعارض ويتمرّد ليعرف رد فعل أهله وما إذا كان في إمكانه تجاوز الحدود التي يضعونها.
للانتقام. مثلاً عندما تمنعه الأم من مشاهدة التلفزيون، لأن لديه واجبات، فإن هذا الطفل يماطل في إنجاز واجباته كي يغيظ والدته، وهذا نوع من الانتقام.
للحصول على رضا الأقران واحترامهم. حين يتمرد على قوانين الصف للاستحواذ على إعجاب زملائه.
للاستحواذ على الاهتمام حتى لو كان سلبيًا.
لاختبار مدى حب الأهل له.
لماذا يتمرّد المراهق؟
من المعلوم أن المراهق يسعى إلى تحديد هوّيته وينتابه قلق عميق تجاه مستقبله، فهو يريد الخروج من قمقم الأهل والتبعية للسلطة الأبوية، وبناء نفسه كشخص فعّال. في هذه المرحلة صار لديه قدرة على التفكير المجرّد، ويحاول توقع الأمور، فيضع الفرضيات أمامه ويفكّر في النتائج المحتملة.
وبالتالي فإنه يرفض أن يملي عليه أهله وجهة نظرهم في ما يتعلق بمستقبله، لذا فهو يعلن تمرّده، ولن يكون تابعًا مشلول التفكير، ينصاع لرغبات والديه وإن كان غير مقتنع بها، بل يريد أن يثبت لهما أنه أصبح مستقلاً وقادرًا على اتخاذ القرارات الصائبة، خصوصًا في ما يتعلّق بمستقبله الأكاديمي أو العملي. وهذا لا يتعلّق فقط بمحيطه العائلي بل بالمجتمع حوله.
فأثناء البحث عن الذات والهوية الخاصة به يحاول أن يتجانس مع المجتمع الذي يتعرف إليه وينطلق نحوه... مما يعني أن لديه طاقة ونشاطًا ولكن الأهل لا ينتبهون إليهما، إلا إذا تصرف بشكل غير اعتيادي أو غير مسؤول في نظر الأهل.
فهو يدرس ويمارس النشاطات في المدرسة، وهذه النشاطات فيها مهارة الاندماج مع المجموع والتعاون مع الآخرين، ويتعلم كيف يعمل في المجتمع من خلال النشاطات الاجتماعية، وفي الوقت نفسه يلاحظ ويميز بين الظلم والعدالة الاجتماعية.
وبالتالي يطمح الى المثاليّة، لأنه لم يختبر الكثير من عوائق الحياة بعد... كما يلاحظ في مرحلة المراهقة أن تمرّد المراهق على كل ما يراه غير عادل. وهذا ما يعرف بالتمرّد الإيجابي.
ما هي أسباب تمرّد المراهق؟
أبرز أسباب التمرّد ما يأتي:
أ ـ ممارسة بعض الآباء للديكتاتورية المفرطة في التعامل مع الأبناء، ومصادرة إرادتهم، والتدخل في شؤون الأبناء، كشؤون الدراسة، والزواج، والعمل، والحياة اليومية، والصرف المالي، بل ونوع اللباس ...الخ.
فمن الخطأ أن يحاول الآباء أن يفرضوا على الأبناء قناعاتهم، ونمط تفكيرهم، وطريقة حياتهم الخاصة التي ليس لها مبرر مشروع.
ب ـ المدرسة: للمدرسة دورها الفاعل في هذا المجال، بما فيها من نظام وطريقة تعامل قاسية، تُشعر الطالب بأنها تعدٍ على شخصيته وطموحه الدراسي، أو لا تنسجم مع الظرف الواقعي له، فينساق بهذه الاسباب وغيرها الى تحدي النظام المدرسي، وإحداث المشاكل، مما قد يؤدي إلى ترك الدراسة. هنا يتحوّل التمرّد إلى سلوك سلبي يكون نتيجة كبت طموح المراهق وأحلامه.
ج ـ طبيعة المراهق وتكوينه النفسي والسلوكي: للطبيعة النفسية والعصبية، ومستوى التعليم والثقافة للمراهق، أثرها البالغ في التمرد والرفض والتحدي.
فمرحلة المراهقة هي مرحلة الاحساس بالغرور والقوة، وهي مرحلة الاحساس بالذات، والانفصال عن الوالدين، لتكوين الوجود الشخصي المستقل، وهي مرحلة تحدي ما يتصوره عقبة في طريق طموحاته، على مستوى الأسرة والدولة والمجتمع. لذا ينشأ الرفض والتمرد السلبي، كما ينشأ الرفض والتمرّد الايجابي.
هل يمكننا اعتبار التمرد الإيجابي سلوكًا جيدًا على الأهل دعمه؟
يجب أن نعتبر منذ البداية أن سلوك المعارضة هو مؤشر على صحة الطفل النفسية وحسن نموه الفكري والذكائي وتطور شخصيته، ودور الأهل والمجتمع يكمن في رعاية هذا النمو والتطور المحققين عنده وتأمين الإطار السليم لهما.
وبالطبع تقويم هذا السلوك في حال كان سلبيًا ليصبح إيجابيًا. وفي حال كان هذا التمرد إيجابيًا، يجب التعامل معه برفق ودعمه، لأننا عندها نبني شخصية متميزة، وناجحة، ومستقلة، ومبدعة تتحلى بالثقة بالنفس والنظرة الإيجابية الى الذات التي لديها كل مقومات التفكير، والتخطيط، وتحديد الأهداف، وتملك القدرة والإصرار على النجاح والتميز والإبداع.
ما هي أهم النصائح التي يمكن إعطاؤها للأهل حول طريقة التعامل مع تمرّد المراهق؟
الحوار هو أساس التواصل بين الأهل والأبناء بغض النظر عن سنّهم. على الأهل أن يتحدّثوا إلى ابنهم المراهق أو ابنتهم المراهقة عن خبرتهم في الحياة والمنافع التي اكتسبوها وتنبيههما إلى الأخطار الممكنة، أو الناجمة عنها من دون وعظ وترداد.
وعليهم أن يتذكّروا مراهقتهم، ويتذكّروا تمرّدهم. إذ لا يمكن أن نمنع الخبرات عن المراهق، وننتظر منه أن يصبح ناضجًا، فمنعه لن يسمح له باكتساب خبرة الحياة التي تساعده في أن يكون جاهزًا لكل ما يواجهه في المستقبل، وهم عندما يمنعونه من خوض أي تجربة في الحياة لا تشكل خطرًا على حياته مثل المشاركة في نشاطات اجتماعية أو فنية أو خيرية، فإنهم يحبطونه ولا يعززون ثقته بنفسه، وبأنه قادر على التصرف بشكل صحيح، لأنهم يمنعون عنه خبرة مهمة، خصوصًا إذا كانت واضحة المعالم والأهداف.
السماح له بالتعبير: أنصح الأهل بأهمية أن يتيحوا لأبنائهم المراهقين التعبير عن آرائهم وأفكارهم التي قد يرونها غريبة وغير واقعية. ولكن عليهم أن يضعوا في بالهم دائمًا أن المراهقة مرحلة التناقضات والتفاعلات التي يمر بها ابنهم المراهق على المستويين النفسي والبيولوجي. على المستوى النفسي بدأ يقلق على مستقبله ويعمل على تحديد هويته، وتكوين شخصيته بعيدًا عن قمقمهم، ولا ينفك يطالب باستقلاليته فيبدو متمرّدًا عليهم وعلى مجتمعه. على المستوى البيولوجي تقلقه صورة جسده الذي تغير بسرعة. كل هذه الأمور تدفعه لخوض غمار التجارب والمجازفات. هو عازم على فهم كينونته وتقرير مصيره، ولا يستسلم بسهولة، وهذا يفسّر تمرّده على قوانين العائلة والأهل.
عدم التركيز على التصرّفات المعارضة... بل على السلوكيات الإيجابية.
الابتعاد عن النعوت السلبية: مثل عنيد، يفرض رأيه، فإطلاق النعوت السلبية يلغي لغة التواصل بين الأهل والأبناء، وبالتالي يرتفع الجدار بينهم.
التعبير عن محبتهم: من يتمتع بقوة الشخصية لا يقبل أن يُفرض رأي عليه، غير أنه يلين ويهدأ لو استُخدمت معه لغة المشاعر، ويكون ذلك من خلال تعبير الأهل عن محبتهم لأبنائهم وشعورهم الإيجابي نحوهم، ورضاهم عن سلوكياتهم واختياراتهم، خصوصًا إذا كانت صائبة.
الهدوء: فالقلق الزائد على مستقبل الطفل أو المراهق يوتّر العلاقة بين الأهل والأبناء، وغالبًا يتصرف الأهل بقسوة نتيجة القلق على الأبناء.
النظر إلى تمرّده بشكل إيجابي: يعتبر تمرّد الطفل أو المراهق سلوكًا يطمئن القلب ويبهج النفس ويريح الذات، فالطفل المتمرّد، ونعني هنا التمرّد الإيجابي، لن ينجر وراء أصدقاء السوء... هذا ما تشير إليه دراسات حول هذا الموضوع. فهو لن يكون تابعًا لأحد، ولن يقبل برأي يفرض عليه من زميل له.
عدم مواجهة التمرد بتعنت: فكلما تعنت الأهل في موقفهم حيال ما يطلبه الابن، زاد عناده ومعارضته. ولذلك على الأهل الانسحاب الإيجابي من معارك كلامية قد تنشأ حول قضايا تافهة أحيانًا.
ماذا عن مرحلة ما قبل المراهقة؟
يقلّد الكثير من الفتيان في مرحلة ما قبل المراهقة شقيقهم الأكبر معلنين بطريقة غير مباشرة أنهم أصبحوا شبانًا يستطيعون اتخاذ قراراتهم المستقلّة، ويرفضون التعامل معهم كما لو أنهم لا يزالون أطفالاً. وفي المقابل لا يزال هؤلاء الفتية في نظر المحيطين بهم أطفالاً. إنهم يمرون بالمرحلة الملتبسة للمراهقة.
يرى اختصاصيو علم النفس أن السن التي تبدأ فيها مرحلة المراهقة تغيّرت. فقد أصبحت تبدأ في سن الحادية عشرة عند البنات والثانية عشرة عند الصبيان بعدما كانت تبدأ في سن الرابعة عشرة. أما أسباب ذلك فهي عديدة.
منها: التغذية الصحية السليمة وتطوّر أساليب الحياة من مظاهرها حيازة وسائل التكنولوجيا والاتصال مثل الهاتف الجوال. لذا أصبحت تصرفات الطفل المعاصر خصوصًا الذي تعدّى سن العاشرة أكثر نضجًا مما كانت عليه في الماضي، مما يعطي انطباعًا بدخوله السريع في مرحلة المراهقة، الأمر الذي قد يسبب له قلقًا.
وهذه بعض النصائح للتعامل مع هذه المرحلة
من الثامنة إلى الثانية عشرة مرحلة عبور يجب احترامها
تبدأ في سن الثامنة تغيرات جسدية بسيطة، و تحصل خلال هذه المرحلة العديد من الأمور في الوقت الذي يبدو فيه أن لا شيء تغير. صحيح أنه لا تظهر تقلّبات على الجسم، لكنها السن التي تتطور خلالها المخيّلة بحسب اختصاصيي علم نفس فهي المرحلة التي لم يعد فيها الطفل «طفلاً» وفي الوقت نفسه لم يصبح مراهقًا.
وهناك تباين بين تصرفات المراهق والطفل الذي يمر في المرحلة الملتبسة للمراهقة. فالمراهق ينتقد أسلوب حياة أهله، ويرفض القوانين التي يفرضونها عليها، في حين أن الطفل، في سن ما بين الثامنة والثانية عشرة، يقبل بكل ما يمليه عليه أهله ويتوقع منهم أن يضعوا له قواعد يلتزمها. ففي هذه السن التي ينفّذ كل طلبات أهله من دون اعتراض، ويحب أن يعيش ضمن روتين. إنها السن التي يتطوّر فيها ذكاء الطفل ويدرك جيدًا الحياة العائلية والمدرسية، ويطمح إلى التعرف إلى أهله و أساتذته ليفهم ماذا يتوقّعون منه.
لذا من الضروري أن يشرح له الأهل لماذا يُطلب منه احترام القوانين المنزلية. ويؤكد الاختصاصيون أن حوار الأهل مع الطفل في هذه السن في شكل مستمر يخفف الصراع الذي يظهر بينه وبينهم لاحقًا في المراهقة.
خطوة صغيرة نحو الاستقلالية
لا يجوز في هذه المرحلة، أي ما بين سن الثامنة والثانية عشرة، أن يطلب من الطفل القيام بأمور غير قادر على تحقيقها. فمن المؤكد أنه أصبح أكثر نضجًا في تصرفاته وأكثر قدرة على الإنجاز لكنه في حاجة إلى أن يشعر بأن أهله يساندونه.
فتعلّم الاستقلالية يجب أن يتم على مراحل. إذ يمكن الطفل هذه السن الذهاب وحده إلى الدكان لشراء الحلوى أو زيارة صديق له، لكن في الوقت نفسه لا يجوز للأهل أن يبتعدوا عنه بل يجب أن يكونوا حاضرين في حال حدوث أمر طارئ.
فالأوقات التي يمكن الطفل فيها أن يكون وحده يجب أن تكون قليلة، إذ يمكن الأهل السماح له بالذهاب للعب الكرة القدم مع أصدقائه لساعة أو ساعتين، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز أن يمضي كل فترة بعض الظهر وحده في الخارج.
الـ«لا» ضرورية في هذه السن
غالبًا ما يحاول الأطفال في هذه السن تقليد أشقائهم المراهقين في أمور كثيرة كطريقة لباسهم أو تصرّفاتهم... فمثلاً تطلب البنت الصغيرة من والدتها أن تشتري لها قميصًا يشبه قميص أختها المراهقة أو حذاءً ذا كعب عال.
وينصح الإختصاصيون الأم بألاّ تنفّذ رغبة طفلتها في تقليد شقيقتها المراهقة وتشرح لها سبب ذلك كأن تقول لها:«يمكنك انتعال حذاء ذي كعب عالٍ عندما تصبحين في سن كبيرة لأنه سوف يليق بك أكثر».
فتعويد الطفل على أن ليس كل شيء يمكنه الحصول عليه وتفسير الأسباب يجعلانه أكثر مرونة في تقبّل لائحة الاعتراضات التي سيواجهها في سن المراهقة.
ماذا تعنين بالتمرّد أو المعارضة الإيجابية، وما الفارق بينها وبين المعارضة السلبية؟
عندما يرفض الطفل مثلاً ارتداء اللون الذي اختارته له والدته أو اللعبة، أو يرفض تناول وجبة طعام، فإن سبب اعتراضه أو تمرّده أنه أصبح يدرك الأمور حوله، وأنه قادر على اتخاذ القرار، وبالتالي لا يجدر بالأهل أن يؤثروا في قراراته أو تصرفاته طالما أنها لا تتعدّى كونها إعلانًا عن استقلاليته. والطريقة المثلى هي التحدث إليه ومناقشته، ومن ثم تركه يأخذ القرار بنفسه، وبالطبع حسب عمره.
مثلاً تركه يختار رفاقه، أو تنظيم واجباته المدرسية، أو اختيار وجبته الغذائية، أو انتقاء موضوع بحثه المدرسي. وتصبح هذه المعارضة سلبية عندما تدوم بالزخم نفسه وتتنامى بعد السن الثالثة.
ويعتبر رفض السلطة بشكل منهجي مؤشرًا الى أن الطفل أصبح متسلطًا، وترافق هذا الرفض أعراض أخرى مثل تدني درجاته المدرسية، أو فشل مدرسي ذريع وانخفاض مستوى تقويم نفسه الذي يمكن أن يكون مؤشرًا لصعوبة نفسية، فضلاً عن أزمات الغضب التي تكون من دون تمييز أو سبب، فكل من حوله من المحتمل أن يكون السبب أو الضحية.
فعندما ينصاع الأهل لرغبات طفلهم بغض النظر عما إذا كانت واقعية ومنطقية أم لا، فإنهم يحوّلونه إلى متسلط، وبالتالي فإن معارضته أو تمرده يكون سلبيًا.
أرسل تعليقك