عمان ـ إيمان أبو قاعود
كشفت دراسة تحليليّة شملت الدستور وتشريعات العمل الأردنيّة والممارسات الفعليّة ومعاييّر العمل الدوليّة والاتفاقات الصادرة عن منظمة العمل الدوليّة والتي صادق عليها الأردن، عن عدم إنصاف النساء الأردنيات في الأجور عن الأعمال ذات النوع والقيمة المتساويّة بشكل يتعارض مع حقوقهن في العمل وبالحصول على أجور متساوية مع الذكور عند القيام بأعمال ذات قيمة متساويّة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، إلى أنّ الفجوة في الأجور بين الجنسين تتسبب في خسائر مال للنساء تقدر بالملايين سنوياً، مما يحول دون تعزيز فرصهن الاقتصاديّة ويحد من تمكينهن وقدرتهن على مواجهة الأعباء الاقتصاديّة والتحديات المستقبليّة.
وخلصت الدراسة التي قامت بها اللجنة التوجيهيّة الوطنيّة الأردنيّة للمساواة في الأجور والتي أنشئت عام 2011، إلى مجموعة من النتائج والتوصيات لمواجهة التحديّات وإزالة المعيقات العمليّة، أمام حصول النساء على حقوقهن في العمل، واتخاذ الإجراءات والتدابير بما فيها تعديل التشريعات لضمان سد الفجوة في الأجور بين الجنسين.
وتعتبر مصادقة الأردن على الاتفاق رقم 100 الخاصة بالمساواة في الأجور عند تساوي قيمة العمل لعام 1966، والاتفاق رقم 111 الخاص بالاستخدام والمهنة لعام 1963، والصادرين عن منظمة العمل الدوليّة يعتبران أرضيّة صلبة للمضي قدماً في إجراء التعديلات القانونيّة والتي تم اقتراحها من لجنة الإنصاف في الأجور بعد عدة لقاءات ومشاورات مع الجهات ذات العلاقة.
وبينت الدراسة إلى، أنّ هنالك تمييزاً بين الجنسين في التوظيف، وانتهاكات ومخالفات متكررة في بعض القطاعات، كقطاع التعليم الخاص مما تؤثر على تعزيز حمايّة الأجور للنساء، وضرورة حماية الأمومة والعمال أصحاب المسؤوليات العائلية.
وأوصت الدراسة، بتعديلات على بعض نصوص قانون العمل الأردني خصوصًا المواد (4-27-29-45-46-52-67-70-72) كما وأوصت بإلغاء المادة 69 والمتعلقة بحظر تشغيل النساء في بعض الأعمال والصناعات، والأوقات التي لا يجوز عمل النساء فيها ليلاً.
وتشدد "تضامن" على حقيقة أنّ العادات والتقاليد المسيئة سبباً مهماً من أسباب التمييز وعدم المساواة بين الجنسين، وأنّ أوجه هذا التمييز تبدأ منذ الولادة حيث يكون تفضيل المواليد الذكور على الإناث، وأمتد التمييز ليشمل تحديد جنس المولود بفضل التقدم التكنولوجي والطبي.
وتؤكد "تضامن"، أنّ الطفلة داخل الأسرة في معظم الأحيان لا تتم معاملتها كأخيها من حيث الاهتمام والرعاية والتعليم والصحة، كما أنّ الأعمال المنزلية الملقاة على عاتقها تفوق كثيرًا تلك المطلوبة من أخيها الذكر، وتصبح العديد من الأعمال والأفعال والنشاطات خارج المنزل حكرًا على أخيها، وتبدأ الأسرة "بإدراك أو دون إدراك" ترسيخ وتمتين التمييز بين الجنسين، فما أنّ يكبر كل منهما ليجد نفسه/ نفسها في مجتمع قائم على أسس غير سليمة قوامها التمييز وعدم المساواة.
وأوضحت "تضامن"، أن أحد أهم أوجه التمييز بين الطفل والطفلة يكمن في الأمور الماديّة خصوصًا المصروف الشخصي، فالطفل يحصل على مصروف يفوق ذلك الذي تحصل عليه الطفلة وقد يصل إلى أضعاف ما تحصل عليه، مما ينجم عنه آثارًا مدمرة، كاعتقاد الطفل بأنّه أفضل من أخته، وترسيخ دونيّة الطفلة "المرأة مستقبلاً" حتى مع حقيقة أنّها تعمل أكثر من أخيها داخل المنزل، أو أنّها أفضل منه تعليمًا ومهارة وموهبة. وتنشأ بينهما علاقة تنافر وتضارب وتستمر معهما لتنعكس على المجتمع بأسره.
وتدعو "تضامن"، جميع الجهات المعنيّة وذات العلاقة إلى دراسة جديّة ومعمقة لمختلف العادات والتقاليد المسيئة والسائدة في المجتمع، والعمل على التخلص منها بنشر التوعيّة لدى الرأي العام والأسر تحديدًا، خصوصًا من قبل صانعي القرار ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات والمؤسسات المعنية بالأطفال والنساء والأسرة، لمنع أشكال التمييز بين الطفل والطفلة للوصول إلى مجتمع خالٍ من العنف والتمييز وعدم المساواة بين الجنسين بما فيها المساواة في الأجور عن قيمة الأعمال المتساويّة.
أرسل تعليقك