جنين ـ صفا
تشهد معدلات الطلاق في الضفة الغربية المحتلة ارتفاعًا ملحوظًا في الأعوام الأخيرة، ووصلت النسبة إلى 20%، ما يشير إلى مستويات غير مسبوقة تتطلب العمل على معالجة أسبابها، للحد من الظاهرة ووضعها في الإطار المعقول.
ويشير التقرير السنوي للمحاكم الشرعية بالضفة الغربية الذي أصدره ديوان قاضي القضاة بتاريخ (26-1-2014) إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة الطلاق خلال عام 2013، وخاصة بين الأزواج الشابة.
وأوضح التقرير أنه تم إجراء أكثر من 24 ألف عقد زواج خلال العام الماضي، وفي المقابل فقد تم تسجيل ما يقارب أربعة آلاف حجة طلاق، حيث كانت نسبة الطلاق الإداري حوالي 16% خلال العام 2013م، بالإضافة إلى الحكم بما يقارب 1000 دعوى تفريق وفسخ وإثبات الطلاق، بنسبة تتجاوز 4%، ما يرفع نسبة الطلاق في فلسطين إلى حوالي 20%.
وتعتبر هذه نسبة مرتفعة وتحتاج إلى الوقوف عليها، خاصة أن نسبة وقوع حالات الطلاق بين الأزواج الشابة مرتفعة جدا وقاربت على 50% من مجمل حالات الطلاق، كانت أعلاها في محكمة رام الله والبيرة الشرعية وأدناها في محكمة جنوب الخليل الشرعية في الظاهرية.
ولا يخفي المواطن حسن ياسين الذي انفصل عن خطيبته بعد ثلاثة أشهر من الخطبة خلال حديثه لـ"صفا" أن العوامل الاقتصادية كانت السبب الرئيسي في فسخه لخطبته لعدم تفهم خطيبته وأهلها لأوضاعه المادية، بينما يعيد المواطن وائل جسار السبب في فسخه لخطوبته إلى تدخلات الأهل سيما سيطرة والدة خطيبته السابقة عليها.
أرقام ذات دلالة
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ يوسف ادعيس إن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي يبدي قلقا كبيرا من ارتفاع نسبة الطلاق، عازيًا السبب في ذلك إلى التسرع في إجراء عقد الزواج، خاصة لمن هم في سن مبكرة، وقال إن وقوع حالات الطلاق بين الأزواج الشابة وفي سن مبكرة يترك تأثيره على هؤلاء، خاصة وأنهم في مقتبل العمر.
بدوره، قال مفتي جنين الشيخ محمد أبو الرب لـ"صفا" إن حالات الطلاق تشهد ازديادا في السنوات الأخيرة، منوها إلى أن نسبة الطلاق ما قبل الدخول تشكل حوالي 70% من عدد حالات الطلاق، التي تسجل في المحاكم الشرعية.
وأكد أن ذلك يعود لعدة أسباب من أهمها جهل المقبلين على الزواج بأهمية العلاقة، واعتقاد البعض أنها مقتصرة على العلاقة الجنسية، دون الإلمام بأهمية رباط الزواج من الناحية الدينية.
وعزا الأمر كذلك إلى ارتفاع تكاليف الزواج، ومغالاة بعض أهالي الفتيات في شروطهم وطلباتهم من الزوج، ما يثقل كاهله، ويضطره للطلاق.
وأضاف أنه في ضوء التجربة فإن تدخل أهالي الزوج والزوجة يؤثر سلبياً في ترتيبات ما قبل الزواج، حيث كثيراً ما يكون الطلاق ناتجا عن خلافات بين مواقف الأهالي، وليس له علاقة بالزوجين، وتنتهي العلاقة لموقف من أحد أبناء العائلتين، وليس من قبل الزوجين أنفسهما.
علاقة ما قبل الزواج
وأكد أبو الرب أن عددا من الدراسات أظهرت ارتفاع حالات الطلاق في الزيجات التي تكون نتاج علاقة ما قبل الزواج، حيث أن نسبة الطلاق في أوساط الأزواج الذين يتزوجون بعد قصص حب وعلاقات ما قبل الزواج أعلى من حالات الطلاق في الزيجات التي لا تكون نتاج مثل هذه العلاقة.
ويشير الباحث الاجتماعي محمود منصور لـ"صفا" إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي تسهم في زيادة مستويات الطلاق حسب الدراسات، حيث أن مواقع التواصل الاجتماعي والمسلسلات الأجنبية لعبا دورا مهما في زيادة الخلافات الزوجية وارتفاع معدلات الطلاق مؤخرا.
ويشار إلى أن قاضي القضاة الشيخ يوسف ادعيس كان قال في تصريح صحفي في 29-2-2014 إن وسائل التواصل الاجتماعي أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق إلى 20% في السنوات الأخيرة بعد أن كانت بمتوسط 16% قبلها.
إجراءات مطلوبة
ويؤكد الباحث منصور أن جانب التوعية ضروري جدا سيما قبل الزواج، حتى يفهم الزوجين أن الزواج لا يعني مجرد علاقة جنسية بل بناء مؤسسة.
وأشار إلى أن التوعية تتم في الأهل والمدرسة والمسجد، بل قد يصل الأمر إلى اقتراح ألا يتزوج الشاب والفتاة دون أخذ دورة تدريبية عن مفاهيم الأسرة.
وأكد ضرورة تفهم الآباء والأمهات للأوضاع الاقتصادية للشباب من خلال تخفيض المهور والمتطلبات المادية، كما طالب الشباب بعد استسهال الطلاق لأنه يجب ان يكون استثناء وفي ظروف قاهرة.
أرسل تعليقك