الرباط ـ أ.ف.ب
وثائقي تلفزيوني على قناة "بي بي سي" البريطانية يفضح الواقع الصعب الذي تعيش فيه آلاف الأمهات العازبات في المجتمع المغربي المحافظ الذي تحكمه حكومة إسلامية. شهادات وصور قاسية لأمهات يعانين صعوبة الوضع الذي يعشن فيه مع نظرة المجتمع الذي يغلق أمامهن جميع الأبواب.
ينشر بالاتفاق مع هسبريس
عادت قضية الأمهات العازبات في المغرب إلى الواجهة الإعلامية من جديد من خلال برنامج "صادم" بثته قناة "بي بي سي" البريطانية، رصدت من خلاله حالتين للأمهات العازبات، وما يعانينه من وصم وتعنيف مادي ومعنوي من طرف الأسرة والمجتمع والدولة.
أم عازبة من الدار البيضاء، لم يتجاوز عمرها العشرين عاما، سردت للبرنامج الذي أذيع مساء الأربعاء، فصولا من معاناتها بعد اكتشاف الأسرة لحملها، وقالت "كان الناس ينظرون إلي نظرة احتقار بعد اكتشاف حملي بعد أن تخلى عني الرجل الذي تسبب في الحمل".
ونقلت القناة حوارا بين الفتاة ووالدها حيث قالت إن والدها كان يضربها بشكل عنيف وفي مرات متكررة بعد اكتشاف حملها، "ضربتيني بالمقلة ديال الزيت لوجهي ملي كنا كانفطرو فرمضان"، في حين لم يستطع الوالد تكذيب ابنته التي تركت البيت وتوجهت للاشتغال كعاملة نظافة بالدار البيضاء.
بين الشغل والولادة
معاناة الشابة البيضاوية لم تتوقف عند المعاملة السيئة التي لاقتها من أسرتها، بل حكت أنها تشتغل لساعات طويلة في شوارع العاصمة الاقتصادية، معاناة نقلتها كاميرا القناة التي صورت جزء من يوميات عمل الشابة في جمع الأزبال من الشوارع.
وقالت الأم العازبة إن الشركة التي تستخدمها تلزمها بالعمل لأزيد من 12 ساعة في اليوم دون تعويض عن الساعات الإضافية، خاصة في الحالات التي يزور فيها مسؤولون المدينة.
وبخصوص تفاصيل حملها، قالت الفتاة إنها تقدمت بشكاية لمصالح الأمن إلا أن المسؤولين لم يعيروها اهتماما، واتهمت الشابة رجال الأمن بتلقي رشاوى من الشخص الذي تسبب في حملها لإقبار الشكاية، وهو الأمر الذي حدث بالفعل حسب روايتها التي يؤكدها الأب.
وسردت المتحدثة وقائع من الألم والمأساة التي صاحبت وضعها لجنينها، حيث قالت إنها كانت تقيم في مركز استقبال لإحدى الجمعيات، وأنه عندما باغتها المخاض طلبت من المسؤولة نقلها إلى طبيب، إلا أن الأخيرة رفضت ولم تعرها أي اهتمام، وظلت ليلة كاملة تعاني من الألم قبل أن يتم نقلها على متن سيارة أجرة لأحد المستشفيات.
في المستشفى ستتلقى الأم العازبة معاملة أسوأ، حيث تروي أمام كاميرا القناة البريطانية أن الطبيبة المسؤولة وجهت لها كلاما قاسيا مفاده: "كاتعرفو غير تصاحبو وتولدو... ودابا صبر ماعندنا مانديرو ليك الحمارة".
المتحدثة أوردت أن حالتها استوجبت عملية قيصرية لوضع الجنين، حيث طلب منها أن تتوجه إلى مصحة خاصة، إلا أنها لم تكن تتوفر على مال لتغطية التكاليف، لذلك كانت مضطرة للولادة على يد ممرضات بمستشفى عمومي، وهي الولادة التي تمت بشكل لا إنساني" حسب رواية الأم العازبة.
وتحكي الشابة التي عملت كخادمة بيوت قبل أن تعثر على عمل قار بشركة جمع النفايات، أن الطبيبة كانت تضغط بقوة على بطنها وتشتمها، وأضافت أنها بقيت من السادسة صباحا حتى السادسة مساء دون رتق جراحها" وفق كلامها.
طريق الدعارة
الحالة الثانية التي جاءت في برنامج القناة البريطانية تهم شابة احترفت "الدعارة" بعد أن طردتها أسرتها، فتاة في بداية العشرينات، كانت على علاقة بشاب وعندما اكتشف أنها حامل منه، واجهها بالقول "واخا يتسالاو النسا من العالم وتبقاي غير نتي مانتزوجك" حسب ما روته لقناة بي بي سي.
حينها قرت الفتاة الخروج إلى العمل كخادمة بيوت، وتروي أنها عملت عند زوجة قاض في بيتها، حيث كانت هذه الأخيرة تعاملها معاملة لا إنسانية، وتمنعها من الاستحمام وحتى من تغيير ملابسها.
المعاملة السيئة التي لاقتها الشابة، وهي أم لطفلين آخرين من زواج سابق، جعلها تتحول إلى "الدعارة"، مجال أدخلها لعالم الإدمان "كانشرب ونكمي لحشيش والقرقوبي وكل أنواع المخدرات باش ننسا" تقول الشابة التي كانت تلف لفافة حشيش أمام الكاميرا بعد أن تيقنت أن لا أحد سيهتم لحالها وصحتها.
ومن المشاهد المؤثرة التي نقلتها القناة حوار دار بين الأم وابنها الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، حيث تقول الأم لطفلها "ملي تكبر تخدم عليا وتهزني" ويجيبها الطفل ببراءة "نعم نخدم عليك أماما"، بعدها تقول الشابة إنها تعامل معاملة دونية من طرف المجتمع، ومن طرف المؤسسات لأنها عاهرة" حسب تعبيرها.
الوثائقي الذي نقل صورة قاتمة عن وضعية الأمهات العازبات بالمغرب، تضمن اتهامات صادمة لمصالح الأمن والقضاء بالتواطؤ، وكشف النقاب عن جوانب حالكة في الحياة اليومية لهذه الفئة الهشة من قاع المجتمع المغربي.
أرسل تعليقك