غزة - وكالات
أوصت دراسة ماجستير بضرورة استحداث مركز فلسطيني متخصص في الدراسات الأميركية، يقوم برصد وتحليل وتفسير المواقف والسياسات الأميركية تجاه القضية الفلسطينية والمنطقة العربية، والتقاط كل جديد فيها ارتباطا بمصالحها القومية
الحيوية والإستراتيجية في هذه المنطقة الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية، وضرورة اهتمام وسائل الإعلام الفلسطينية، المرئية، والمسموعة، والمقروءة، بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وتوضيح معالمها الرئيسية.
جاءت تلك التوصية خلال مناقشة رسالة ماجستير في العلوم السياسية، للباحث أحمد محمود المصري بعنوان، اتجاهات طلبة جامعات قطاع غزة نحو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية: "دراسة تطبيقية" في برنامج الدراسات العليا لجامعة الأزهر بغزة، والتي بموجبها منحت له درجة
الماجستير من قبل لجنة المناقشة والتي تضم كل من أ.د. رياض علي العيلة مشرفاً ورئيساً، و د. أيمن شاهين مناقشاً داخلياً، و د. صلاح أبو ختلة مناقشاً خارجياً.
وهدف الباحث في دراسته إلى التعرف على اتجاهات طلبة جامعات قطاع غزة في فهم سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية, وإلى التعرف على أهم المنطلقات والمرتكزات السياسية للولايات المتحدة الأميركية تجاه المنطقة
العربية, مع توضيح أهدافها الدائمة, إضافة إلى التوقف أمام أهم المراحل التي مرت بها السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.
واعتمد الباحث على التحليل النقدي لسياسة الولايات المتحدة الأميركية، وقام بتصميم إستبانة لقياس اتجاهات مجتمع الدراسة نحو السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية, وطبق أداة الدراسة بعد التأكد من صدقها وثباتها على عينة مكونة من (600) طالب وطالبة من الجامعات الفلسطينية الثلاثة في قطاع غزة،
جامعة الأزهر، الجامعة الإسلامية، وجامعة الأقصى.
وأكد الباحث وجود اتجاهات سلبية لعينة الدراسة نحو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية ارتباطاً بمتغير النوع, والجامعة, ومكان السكن, والانتماء الفكري والسياسي لعينة الدراسة، باستثناء اتجاهات عينة الدراسة نحو البعدين الاقتصادي والأمني العسكري للسياسة الخارجية الأمريكية نحو القضية الفلسطينية اللذان تميزا بالإيجابية.
واستنتج الباحث أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية اتجاه المنطقة العربية اتسمت بالاستمرارية، والتطور، والتكامل، والشمول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، واستندت إلى عدة مرتكزات إستراتيجية ثابتة، تنبع من مقومات الوجود العربي في هذه المنطقة، وأهمها الوضع الجيو- إستراتيجي في الدول
العربية على الكرة الأرضية، من حيث الموقع الجغرافي الفريد الذي تمثله الدول العربية وسط القارات، وتحكم أقطاره بطرق المواصلات، إضافة إلى ما تملكه الأقطار العربية من ثروات طبيعية، وأهمها النفط والغاز الطبيعي، إلى جانب المركز الحضاري التي تشكل في مجموعها الوطن العربي، وتشكل مهد الديانات السماوية الثلاثة، اليهودية، والمسيحية، والإسلام، وتوجد على أراضيها الأماكن المقدسة لهذه الأديان، وتراثها الحضاري.
وبين الباحث أن أهمية المنطقة العربية تنبع من التقسيم الجيوسياسي، والفلسفة السياسية في النظام السياسي، والمصالح الحيوية الإستراتيجية، وطبيعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة العربية، والصراع العربي – الإسرائيلي، والفلسطيني- الإسرائيلي.
وأشارت الدراسة إلى أن المصالح الحيوية الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في استمرار تدفق النفط من الدول العربية لها، وللدول الصناعية المتحالفة معها، بالكميات اللازمة لاقتصاديات هذه الدول، واحتياجات مجتمعاتها وجيوشها في السلم والحرب، وحماية دولة إسرائيل، بشكل شامل، سياسياً واقتصادياً
وعسكرياً، وضمان أمنها، بل وضمان تفوقها النوعي على مجموع الدول العربية، وإقامة تعاون اقتصادي إقليمي بين جميع دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل، والعمل على إنشاء سوق مشتركة فيما بينها، يتم في نطاقها السماح بنقل السلع ورؤوس الأموال، والأيدي العاملة بين هذه الدول، وتشجيع الاستثمار في مختلف قطاعات الاستثمار، وتوسيع نطاق السوق، ونشر ثقافة الولايات المتحدة وأدبها وقيمها الاستهلاكية بين الأجيال العربية.
وقسم الباحث طبيعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة العربية، والصراع العربي– الإسرائيلي، والفلسطيني- الإسرائيلي إلى أربع مراحل زمنية ممتدة ومتشابكة مع بعضها البعض؛ مع احتفاظ كل مرحلة بما يميزها عن
الأخرى،
حيث أن المرحلة الأولى من القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، والتي اتسمت بالعداء السافر لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، نظرياً وعملياً، في مقابل تأييدها لإعلان بلفور، ودعم هجرة اليهود إلى فلسطين،
والمرحلة الثانية من الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1967، بمساندة غير محدودة لإنشاء وطن قومي لليهود، وضمان أمنه،
والمرحلة الثالثة من عام 1967 و توقيع اتفاقات أوسلو 1993،
والمرحلة الأخيرة بعد أوسلو وحتى الآن.
وأوصى الباحث بضرورة عمل دراسات مماثلة على دول أخرى لها تأثير على القضية الفلسطينية، مما يساعد صناع القرار السياسي، وراسمي السياسات الوطنية الفلسطينية، في تحديد أولويات الفعل السياسي بواقعية وموضوعية، وبما يخدم
المصالح العليا للشعب الفلسطيني، والعمل على تطبيق هذه الدراسة على شرائح وفئات اجتماعية، وقطاعات مهنية أخرى، من الشعب الفلسطيني، لمعرفة اتجاهاتهم الحقيقية نحو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.
وفي ذات السياق، أوصى الباحث إدارات الجامعات الفلسطينية، وقادة الفصائل الفلسطينية، ومراكز البحث والدراسات، ومؤسسات العمل الجماهيري، بعقد الندوات، وورش العمل التوعوية، لتزويد الشباب الجامعي بمعارف معاصرة حول كافة الجوانب المرتبطة بالقضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
أرسل تعليقك