ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن بصور ومقاطع فيديو لحالات عقر (عضة كلب) لأطفال ونساء وأعداد كبيرة من الكلاب تتجول في الأحياء السكنية وأمام المرافق الخدمية وبعض المستشفيات.
زيادة هجمات الكلاب
يعزوا الخبراء ازدياد هذه الظاهرة بدءا من القرارات الحكومية التي منعت البلديات الأردنية وتحت طائلة المسؤولية القانونية من قنص الكلاب منذ أكثر من عامين، مرورا بالأعداد الكبيرة التي قدمت إلى المملكة عبر الحدود مع سوريا عقب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، وصولا إلى المنخفضات الجوية الاخيرة التي أثرت على البلاد والتي زادت من سعار الكلاب بسبب قلة الأطعمة الملقاة في حاويات النفايات.
سجلت المملكة الأردنية 947 حالة عقر (عضة كلب) منذ مطلع العام الحالي، في حين أن الأردن سجل 5138 حالة العام الماضي، ما يعني أن الحالات تزداد بما يقارب الـ45 حالة شهريا، وهو الأمر الذي بدأ يؤرق كثيرا من الأردنيين، خاصة مع انتشار مقاطع الفيديو لحالات العقر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
داء مميت
وتكمن خطورة حالات العقر بأنها تسبب في بعض الأحيان الإصابة بداء الكلب ''السعار'' المميت، وفقا للدكتور محمد الحوارات مدير مديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة الأردنية.
وبيّن الحوارات في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أن "هذا العدد الكبير لحالات العض مؤشر على خطورة الأمر، وأن الوزارة تدعو لمعالجة هذه الظاهرة بالضرورة القصوى لأن فيروس "الكلب" هو من النوع المميت، مما يجعل حياة الإنسان على المحك وهو أمر خطير جدا من منظور الوزارة.
وأوضح أن الفيروس ينتقل من الحيوانات الضالة للإنسان عن طريق العقر، وأن كل شخص يتعرض لحالة عض على الأراضي الأردنية مهما كانت جنسيته يتلقى العلاج بشكل مجاني وفوري، لأن الإصابة بحالة العقر تشكل تهديدا مباشرا على حياته مما لا يسمح بتأخير العلاج.
ولفت إلى أن الشخص المعقور يتم إعطاءه مصل يعطى لمرة واحدة حسب الوزن" 20 وحدة دولية لكل كيلوغرام" و6 جرعات من المطعوم تعطى على فترات مختلفة، وأن تكلفة هذا العلاج يكلف الوزارة ما يقارب الـ 600 دينار أردني (850 دولار) ما يشكل عبئ كبيرا على وزارة الصحة.
معوقات تواجه مكافحة الكلاب الضالة
من جهة أخرى، قال رئيس بلدية الجيزة قدر الفايز لسكاي نيوز عربية إن البلدية تعمل بشكل مكثف لحل هذه المشكلة والتي بدأت تتحول لظاهرة نظرا لوجود بعض المعوقات التي تتمثل بالأعداد الكبيرة لهذه الكلاب، بالإضافة إلى القوانين التي تحظر مكافحتها بالأساليب السابقة إما من خلال القنص أو السم أو غيرها من الطرق الأخرى، بالإضافة لعبث الأطفال في الأقفاص التي يتم نصبها كفخاخ لهذه الكلاب وإطلاق سراحها مرة أخرى.
وبيّن أن البلدية تحتوي على قسم مختص لمكافحة ناقلات الأمراض مكون من فريق متكامل 22 فردا، يقومون بمتابعة جميع الملحوظات التي ترد إلى البلدية بشكل فوري وعلى مدار 24 ساعة، كما أنهم يقومون بنصب الفخاخ ووضع أقفاص بداخلها طُعم لصيدها ومن ثم نقلها إلى المأوى الخاص بهذه الكلاب القريب من المنطقة.
ودعا الفايز لتكاتف الجهود لحل هذه الظاهرة لأن البلديات لا تستطيع حلها بشكل فردي، وأن المواطنين يجب أن يتحلوا بالمسؤولية الاجتماعية ومساعدة الجهات المختصة لمكافحتها.
حظر إيذاء الحيوانات
قانون العقوبات الأردني يُجرّم قتل حيوان غير مملوك بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين، والسجن لمدة شهر أو غرامة لا تتجاوز 20 ديناراً (28 دولار) على كل من "ضرب أو جرح حيوانًا بصورة تؤدي إلى منعه عن العمل أو تلحق به ضررا جسيما".
تنص المادة 8 من تعليمات التعامل مع الحيوان رقم 18 لسنة 2022 على أن قتل أو جرح أو ضرب أي حيوان بقصد الإيذاء يعد مخالفة صريحة لمعايير الرفق بالحيوان، وذلك وفقاً للمعايير الواردة ضمن دستور المنظمة العالمية للصحة الحيوانية "WOAH".
7 كلاب يهاجمون طفلا
قالت أسماء عطاطرة والدة الطفل عمر لسكاي نيوز عربية إن ابنها قد تعرّض لهجوم من 7 كلاب ضالة عند عودته من المدرسة حيث قامت بنهش فروة رأسه إلى أن جاء أحد الأشخاص وقام بمساعدته عن طريق تخويفها بمركبته وإبعادها عنه.
وأشارت إلى أن طفلها قد نُقل إلى المستشفى مباشرة لتلقّي العلاج، حيث أخبرها الطبيب بضرورة أخذ جزء من جلدة رأس عمر لإعادة ترميم المنطقة المتضررة.
وأكدّت أن عمر ما زال يتلقى العلاج في المدينة الطبية منذ 15 يوما، بعد أن تكفل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بعلاجه ومتابعة حالته شخصيا.
وذكرت أنه بالإضافة للكادر الطبي فإن طبيبين نفسيين يقومان بمتابعة حالته، لما تسببت به الحادثة من أضرار نفسية عليه، حيث أنه شاهد الكلاب وهي تنهش جلدة رأسه وتقوم بأكلها.
وأضافت أن حالته لا تزال غير مستقرة حيث أنه تعرض لتسمم جراء العقر.
لماذا تقوم الكلاب بمهاجمة البشر؟
عزا الخبير الاجتماعي الأستاذ حسين الخزاعي، السبب الرئيس في مهاجمة الكلاب للإنسان في الأردن هو جوع هذه الكلاب وعدم حصولها على الطعام من مخلفات الإنسان في أماكن رمي القمامة وغيرها.
وبيّن أن ارتفاع معدلات الفقر انعكست بشكل مباشر على عدم مقدرة المواطنين على ترك مخلفات صالحة للأكل لهذه الحيوانات.
وأشار إلى "ضرورة عدم بث الهلع في المجتمع وتشويه صورة الكلاب التي لطالما كانت صديقا وفيا وحارسا للإنسان، وأن المجتمع يجب أن يقوم برعاية هذه الكلاب وإطعامها، ليتولد نوع من الألفة بين هذه الحيوانات والمواطنين وتفادي وقوع حالات العقر"، حسب قوله.
التعقيم لا التسميم
يقول نشطاء في حقوق الحيوان إن عملية تسميم وقتل الكلاب تسهم في اختلال التوازن البيئي، مما يجعلها حلا غير صالح على الإطلاق.
وأن الحل يتمثل بجمع الكلاب الضالة من مواقع تواجدها ومن ثم تعقيمها وتحصينها بالمطاعيم اللازمة بهدف السيطرة عليها من خلال تقليل أعداد المواليد.
وأشارت أسماء الغزاوي المستشارة لشؤون البيئة في وزارة الإدارة المحلية الأردنية إلى أن الوزارة تقوم حاليا بالبحث عن جهة دولية مانحة للمساعدة في دعم البلديات للعمل على مشروع السيطرة على تكاثر الكلاب المعروف باسم برنامج (ABC- Animal Birth Control) بحيث يتم التعامل مع الكلاب الضالة من خلال جمعها من أماكن تواجدها، وتعقيمها من خلال أطباء مختصين وتطعيمها وإعادتها إلى مواقع جمعها، وذلك بهدف تقليل أعدادها وضمان عدم نقلها للأمراض.
وأوضحت أن دور الوزارة يتمثل في الرقابة والإشراف والدعم، محمّلة مسؤولية انتشار هذه الكلاب للبلديات التي يجب أن تخصص أراضي ومخصصات من موازنتها لإنشاء عيادات لهذه الكلاب الضالة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك