مصير الاقتصاد والدولار في لبنان بعدفكّ الحصار يثير الجدل بين المراقبين
آخر تحديث GMT10:22:18
 العرب اليوم -

مصير الاقتصاد والدولار في لبنان بعد"فكّ الحصار" يثير الجدل بين المراقبين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مصير الاقتصاد والدولار في لبنان بعد"فكّ الحصار" يثير الجدل بين المراقبين

انفجار مرفأ بيروت
بيروت - العرب اليوم

لم تكن هناك عبارة أسهل لتبرير الافلاس المالي من عبارة انّ لبنان مُعرّض لحصار دولي. ولكثرة تَرداد هذه المقولة كاد البعض ان يصدّق أنّ الانهيار الاقتصادي تسبّب به هذا الحصار الجائر. واليوم، هناك من يروّج لنظرية فك الحصار بعد زلزال العنبر رقم 12، وتدمير بيروت، ويحاول أن يبيع الوهم بأنّ إنقاذ الاقتصاد قد ينبعث من قلب الفاجعة.يراقب البعض بأمل ورجاء حركة التضامن الدولي والعربي التي يحظى بها لبنان في هذه الفترة، على اعتبار أنها قد تكون بداية رحلة الانفراج المالي والاقتصادي بعدما وصل الوضع الى حقبة متقدمة من الانهيار المستمر. ويظنّ البعض، أو يروّج لذلك على الأقل، انّ البلد كان مُحاصرًا، وصدر اليوم قرار بإنهاء الحصار، وبدء مرحلة جديدة.

في الواقع، من كان مُحاصرًا، ولا يزال، هي المنظومة السياسية الحاكمة. ومفهوم فك الحصار لا علاقة له بزيارة الرئيس الفرنسي، ولا باتصال الرئيس الأميركي بنظيره اللبناني. وهؤلاء المتفائلون قسرًا، بعضهم يدرك، وبعضهم يتعمّد تَقمُّص دور المُغفّل، انّ التضامن الدولي بعد الكارثة التي تسبّب بها على الأرجح، الاهمال والفساد والغباء، لا علاقة له بملف فك الحصار عنهم. ولو راجَع هؤلاء ما يجري بعد كوارث بحجم كارثة مرفأ بيروت، لأدركوا أنّ كل الدول تحظى بهذا النوع من التعاطف الدولي في زمن الكوارث.

حتى ايران، التي كانت في حال عداء مع المجتمع الدولي، لا سيما مع الأميركيين، حظيت في العام 2003 عندما ضربها زلزال مُدمّر، بمساعدات دولية وعربية من كل حدب وصوب. ولو لم تعلن طهران في حينه انها تقبل المساعدة من كل دول العالم باستثناء اسرائيل، لكانت وصلت اليها ايضًا مساعدات اسرائيلية. وفي خلال تلك الكارثة، تجاوزت واشنطن قرار مقاطعة طهران، وأجرت اتصالات مباشرة معها لتنسيق المساعدات لدعم المتضررين من الزلزال، والمساهمة في بَلسمة جراح الناس. ولم يوصل هذا الانفتاح العالمي على ايران في زمن الكارثة الطبيعية الى تغيير النهج أو العلاقات لاحقًا بينها وبين المجتمع الدولي، ولا ساهَم هذا الانفتاح في إنقاذ الاقتصاد الايراني من الانكماش والصعوبات المستمرة حتى اليوم

 هذه الحقائق ينبغي أن تعيد الواهمين أو بائعي الوهم الى صوابهم. العالم قرّر بلسمة جراح اللبنانيين المفجوعين بالكارثة، لكنّ ذلك لن يساهم، لا من قريب أو من بعيد، في تغيير المشهد المالي والاقتصادي في البلد، لأنّ هذه الأزمة لا علاقة لها بحصار شبه وهمي حمّلوه بهدف التعمية مسؤولية الافلاس.حتى الآن، لم تظهر مؤشرات على اتخاذ قرار بتغيير المشهد المالي، من خلال وقف الفساد. ومن دون هذا القرار، لن يخرج البلد من دائرة الافلاس الذي ستتفاقم تداعياته مع الوقت. ومن يشكّك في هذا الواقع، عليه أن يراجع ما جرى ويجري منذ سنوات حتى اليوم في بوتوريكو.

لدى بوتوريكو 4 قواسم مشتركة مع لبنان: عدد سكانها (حوالى 3,2 ملايين نسمة)، مساحتها (9 آلاف كلم2)، منظومتها السياسية فاسدة، والجزيرة مفلسة. وأخيرًا، نستطيع أن نضيف انّ الاثنين لديهما درجة تصنيف واحدة (C حسب مقياس موديز)، وأصابتهما كارثة زادت في حجم الكارثة القائمة. (إعصار Mari عام 2017). المفارقة هنا انّ بوتوريكو أرض أميركية أمّا مواطنوها فهم أميركيون، ولم يَحمها ذلك من الافلاس، لأنها غير مكتملة المواصفات لتكون ولاية من الولايات الأميركية. وبالتالي، إنّ نظامها لا يتمتع بالشفافية التي يفرضها النظام الفدرالي الأميركي، وقد تآكلها الفساد، ولم يحمها اقتصادها المنتج، الذي يستند الى الصناعة والزراعة والسياحة من الافلاس، لأن لا علاج للفساد، ولا مناص من الانهيار، سواء كان الاقتصاد منتجًا أم خدماتيًا، النتيجة واحدة. مع الاشارة هنا الى انّ الناتج في بوتوريكو أهم وأكبر من الناتج اللبناني، إذ يبلغ حوالى 100 مليار دولار (مقابل 55 للبنان قبل الانهيار)، ويصل متوسط الدخل للفرد (GDP (PPP) per capita) حوالى 23 ألف دولار (مقابل حوالى 12 ألف دولار في لبنان قبل الانهيار).

إنطلاقًا من هذه الوقائع، لا يمكن الرهان على المساعدات الدولية التي ستصل لبنان لتغيير الواقع الاقتصادي. لا سعر الدولار سيتغيّر، ولا حجم الدين سيتراجع، ولا الماكينة الاقتصادية ستتحرّك. وفي أحسن الاحوال، سيتم فتح خطوط ائتمان ذي طابع إنساني، لن تنقُذ بطبيعة الحال الاقتصاد الوطني.في بوتوريكو، وهي ليست دولة بل مجرد أرض أميركية لديها طابع خاص واستثنائي، يُمازح فيها الحاكم الفاسد المقرّبين منه بالقول: "ألا يوجد أي جثة متبقية بعد الاعصار لإطعام الغربان"؟ وفي لبنان، هناك من يقول للناس "رب ضارة نافعة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصير الاقتصاد والدولار في لبنان بعدفكّ الحصار يثير الجدل بين المراقبين مصير الاقتصاد والدولار في لبنان بعدفكّ الحصار يثير الجدل بين المراقبين



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»
 العرب اليوم - دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»

GMT 17:57 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 أشخاص في انفجار غرب كابول

GMT 04:39 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

انتشال 60 جثة من مجمع ناصر الطبي في خان يونس

GMT 17:53 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

عواصف رعدية وفيضانات بجنوب الصين

GMT 23:25 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إياد نصار يكشف أسباب ابتعاده عن السينما

GMT 02:10 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

كما يقول الكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab