تجدَّد الجدل في العراق حول قانون العفو العام، بعدما طرح «مجلس الوزراء»، في جلسته موضوع قانون العفو العام، وتعديل قانون مكافحة الإرهاب.وشكّل «مجلس الوزراء العراقي» لجنة بغرض إجراء تعديلات على قانون العفو العام، وقانون مكافحة الإرهاب، طبقاً لتصريحات أدلى بها وزير العدل خالد شواني.
وما إن أعلن «مجلس الوزراء»، في جلسته الأخيرة، الثلاثاء، تشكيل لجنة لتعديل مشروع القانون، عاد الجدل السياسي بشأنه من جديد، الأمر الذي يمكن أن ينسحب على أصل الاتفاق السياسي الذي جرى التوقيع عليه قبل تشكيل هذه الحكومة من قِبل الأطراف التي شكَّلت ائتلاف إدارة الدولة.
وأبدت «لجنة الشهداء» في البرلمان العراقي، في بيان، اليوم الأربعاء، استغرابها من طرح «مجلس الوزراء»، في جلسته، موضوع قانون العفو العام، وتعديل قانون مكافحة الإرهاب. وقالت إن «هذا القانون يتضمن تخفيض وتخفيف العقوبات عن المجرمين، فضلاً عن إطلاق سراحهم، خصوصاً المجرمين من المشاركين، والمساهمين، والممولين للعمليات الإرهابية»، مشيرة إلى أن «المجرمين الإرهابيين، الذين قتلوا أبناء الشعب العراقي، بكل أطيافه، كانوا سبباً في إعاقة وإصابة كثيرين منهم، بسبب هؤلاء المجرمين الذين شاركوا أو ساهموا بتمويل العمليات مادياً وفكراً متطرفاً، حيث يقبع المئات من الإرهابيين، الملوَّثة أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب العراقي، خلف القضبان». وأضافت: «كنا نتأمل في هذا الوقت خصوصاً، حيث مرَّت علينا، قبل أيام، الذكرى السنوية لجريمة بشِعة وهي (مجزرة سبايكر)، أن تقوم الحكومة بالإسراع بتنفيذ حكم الإعدام بحقِّهم، ولكن نتفاجأ بطرح الموضوع في جلسة مجلس الوزراء، حيث يُعدّ هذا تكريماً لهذه العصابات البعثية التكفيرية الإرهابية». ودعت اللجنة، في بيانها، إلى «إبعاد هذه القضايا من التوافقات السياسية والمساومات الرخيصة، للحفاظ على كرامة الدستور ودماء الشهداء»، على حد وصفها.
من جانبه، قال زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، في بيان، اليوم الأربعاء، بشأن محاولات إجراء تعديلات على قانون العفو العام: «إن محاولات إجراء تعديل على قانون العفو العام حتى يشمل عُتاة الإرهابيين، هي استهتار بالأرواح البريئة التي أُزهقت».وأضاف أن «هذه المحاولات تهدف كذلك إلى تعريض الأمن الداخلي للخطر»، مؤكداً أن «دوافع مثل هذه المحاولات انتخابية ليس إلا». وأوضح الخزعلي أن «هذه المحاولات لن يتم السماح بها، وسيَخيب من يعمل عليها»، على حد قوله.
الأسدي: إطلاق 10 آلاف إرهابي!
الخبير القانوني جمال الأسدي يقول، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعديل قانون العفو يشمل تعديلاً لنص البند ثانياً من قانون العفو العام رقم 80 لسنة 2017، المعدل لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016». وأضاف الأسدي أن «التعديلات تتضمن إلغاء الاستثناء من قانون العفو الذي كان يشمل المحكومين الإرهابيين قبل 10/ 6/ 2014 بشكل كامل، وكذلك شمول الإرهابيين ما بعد 10/ 6/ 2014 الذين لم ينشأ عن جرائهمهم قتل أو عاهة مستديمة، وبذلك سيطلق، وفقاً للتعديل المقترح على مجلس الوزراء، أكثر من 10 آلاف مجرم إرهابي محكوم».
وأوضح الأسدي أن «من الأمثلة على الذين يطلَق سراحهم: إرهابي فشل بتفجير السيارة المفخخة أو العبوة، إرهابي فجر أعمدة الكهرباء أو بنايات الدولة، إرهابي جرى القبض عليه في ساحة المعركة أو في وكر إرهابي ولم يثبت أنه قتل أو تسبَّب بإعاقة، وهكذا... وهو ما يرفضه عدد من القوى السياسية».
وكانت القوى السياسية السنية، المدافعة عن تشريع القانون، قد أعلنت أن قانون العفو العام سوف يجري تشريعه قبل إقرار الموازنة، لكن هذا لم يحصل؛ حيث جرى إقرار الموازنة قبل تشريع القانون.
الكبيسي: المشكلة في المحاكم العراقية
في هذا السياق، يقول الباحث العراقي الدكتور يحيى الكبيسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشكلة الجوهرية في العراق هي المحاكمات غير العادلة»، مبيناً أن «هذه المحاكمات هي التي أدت إلى وجود عشرات آلاف الأبرياء في السجون، وجميعهم لن يشملهم قانون العفو العام»، مؤكداً أن «هذا القانون في حال تشريعه سيشمل المجرمين الجنائيين حصراً، كما حدث في القانونين السابقين».
الشمري: أزمة سياسية
أما رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري فيقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا القانون كان ولا يزال جزءاً من ورقة الاتفاق السياسي باعتبارها تمثل مطلباً أساسياً للقوى السنية بغرض إرضاء جمهورهم وتصحيح بعض المسارات الخاطئة، أو التدقيق في الأحكام التي كانت قد صدرت سابقاً». وأضاف أن «القبول الشيعي الذي تمثله في إدارة الدولة قوى الإطار التنسيقي، واضح أنه كان قبولاً مرحلياً لعبور أزمة تشكيل الحكومة بوصفها هدفاً أول». وأكد الشمري أن «هذا المشروع الخاص بمشروع العفو تأخّر، سواء من قِبل الحكومة أو البرلمان، ومن ثم فإن الإرادة السياسية لبعض الزعامات لا تمضي مع التعديل أو تشريع قانون جديد؛ لأن من شأن ذلك أن يحقق مكاسب لبعض الزعامات السياسية السنية، الأمر الذي يصبح أكثر قوة، يضاف إلى ذلك أن الإطار التنسيقي هو الآن في حرج كبير أمام جمهوره؛ كونه تعرَّض لانتقادات كبيرة من قِبل جمهوره حول عدد من القضايا».
وأوضح الشمري أن «هناك محاولات لرفض هذا القانون بشكل قاطع، فضلاً عن أن تأجيله من قِبل مجلس الوزراء، عبر تشكيل اللجان، يؤكد عمق الأزمة، حيث يلمس مجلس الوزراء ذلك، وهو ما يعني دخول البلاد في أزمة كبيرة».
البدراني: تنصل القوى
من جهته، يقول أستاذ الإعلام بالجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني، لـ«الشرق الأوسط»: «تعوّدنا مراراً أن نتفرج على حالة التنصل من الالتزامات بين القوى السياسية المكوناتية، حيث يتفقون عليها قبل تشكيل الحكومات عبر دورات عدة، ومنها قانون العفو العام حيث كان واحداً من الملفات التي طرحتها القوى السنية، ووافق عليها (الإطار التنسيقي) قبيل تشكيل حكومة السوداني، لكن الذي حصل هو التراجع أيضاً».
ويضيف البدراني أن «قانون العفو لو أن القوى السياسية تتحلى بوعي سياسي وتطبقه، فإنه من أهم الإجراءات التي تنفض غبار الظلم عما يزيد عن 70 ألف معتقل، ربما بينهم قلة من القتلة الإرهابيين، والبقية كانوا ضحايا (المخبر السري) سيئ الصيت، وكذلك من سياسات حزبية خاطئة وضيقة، بحيث إن كثيراً من رجال المقاومة في المناطق السنية يقبعون حالياً في المعتقلات، لمجرد أنهم قاتلوا الغزو الأميركي»، مبيناً أن «قانون العفو العام ينبغي أن يخضع لتقديرات ومسؤوليات الحكومة بالتنفيذ، وليس الإحزاب؛ حتى لا يسيَّس الموضوع».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك