وقّع السودان وفرنسا أول من أمس، اتفاقاً يقضي بالتعامل المصرفي المباشر عبر الشركات والبنوك في البلدين، في خطوة نحو فكّ حظر التحويلات المالية العالمية المفروضة ضمن عقوبات أميركية على الخرطوم منذ العام 97. وتم رفعها جزئياً العام الماضي، لكن ما زال الحظر مستمراً.
وينص الاتفاق، الذي وقعه الدكتور محمد خير الزبير محافظ بنك السودان المركزي مع الرئيس التنفيذي لبنك إنتر برايسس الفرنسي أول من أمس في الخرطوم، على أن يقوم الأخير بفتح حسابات للبنوك السودانية، والسماح لهم بالعمل مراسلين للجهاز المصرفي السوداني في فرنسا وبقية الدول الأوروبية.
وأعرب الزبير خلال اجتماعه مع سفيرة فرنسا بالخرطوم أوليفييه بيلتز والمستشار الاقتصادي بالسفارة واتحاد أصحاب العمل السوداني ومدير البنك الفرنسي، عن استعداد بلاده لبدء التعامل المصرفي مع البنوك الدولية.
وقالت سفيرة فرنسا إنهم بصدد التعامل المباشر مع السودان عبر الشركات والبنوك، حيث أبدى ممثل بنك Delubace رغبتهم الأكيدة في فتح حسابات مع المصارف السودانية للتحاويل والاعتمادات.
وما زال قرار حظر التحويلات المالية للسودان من العالم الخارجي قائما، فجميع البنوك المحلية (نحو 38 بنكاً) لا تستطيع تحويل أموال بالعملات الحرة خاصة الدولار إلى خارج البلاد، كما لا تستطيع البنوك السودانية استقبال تحويلات من الخارج.
وخطوة بنك السودان المركزي مع البنك الفرنسي تعد الأولى في ظل توقف البنوك السودانية منذ سنين، عن التعامل المصرفي مع دول العالم في التحويلات المالية خاصة الدولار، بسبب العقوبات الأميركية على السودان.
وقالت مصادر إن دولة مثل السودان لا يمكن أن تحظر من العالم، وهي غنية بموارد ترغب جميع دول العالم في الحصول عليها، مشيرة إلى أن الدولة وشركاتها والقطاع الخاص لديهم الأساليب لتجاوز هذا الحظر ولديهم عقود واتفاقات مع بنوك كبرى تتولى أمر التحويلات نيابة عنهم.
ووصفت المصادر تلك التعاملات التي تتم عبر وسطاء بالضعيفة، مبينا أن ما يدخل خزينة الدولة عبر آلية صناع السوق، عبارة عن حصائل الصادر فقط، لكن الأموال التي تخرج من السودان عبارة عن دفعات تتم لمتعاملين داخل السودان بالعملة المحلية، ويستلمها المستفيد بالعملة الصعبة، ثم يستطيع أن يحولها إلى أي دولة في العالم.
وبيّنت أن مثل هذه الممارسات تخالف أنظمة وقوانين الاستيراد العالمية والمحلية، ما يعرض اقتصاد البلاد للتدهور، حيث إن كل العوائد من العملات الصعبة لا تورد للبنك المركزي، ما يعد زعزعة للاستقرار المالي والاقتصادي.
وأعلن بنك السودان المركزي بداية العام الحالي، استعادة المراسلة مع بعض البنوك الخارجية، بعد رفع الحظر الأميركي المفروض على البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن حلقات التراسل المالية مع البنوك العالمية مستمرة، وستنعكس إيجابًا في توفير النقد الأجنبي واستقرار أسعار الصرف في البلاد.
وأصدر بنك السودان المركزي في مارس (آذار) الماضي، الضوابط الخاصة بمتطلبات التعامل المصرفي مع البنوك العالمية، والتي أبلغتها وزارة الخزانة الأميركية «أوفاك» للخرطوم، مع بدء تطبيق الرفع الجزئي للعقوبات الأميركية في أكتوبر الماضي.
وسمحت «أوفاك» بموجب القرار، بأن تنساب عملة الدولار من وإلى السودان، ثم جددته مرة أخرى عند الرفع الكلي للحصار الأميركي على البلاد في 6 أكتوبر الماضي.
ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي ازدادت وطأة أزمة السودان الاقتصادية، حسب عدد من المراقبين الاقتصاديين، وأصبحت رؤية طوابير الحصول على وقود السيارات ورغيف الخبز، وأشياء ضرورية أخرى، أمرا عاديا في شوارع الخرطوم. كما أدى وضع البلاد على قائمة الحظر إلى نقص في العملات الأجنبية، إذ أحجمت المصارف الدولية عن إجراء التحويلات من المصارف السودانية.
وفي حين ظل اقتصاد البلاد على مدى عقد من الزمن، حتى العام 2008، يسجل نمواً بلغ 6 في المائة، برزت الأزمة بشكل أوضح عقب العام 2011 عندما انفصل جنوب السودان عن بقية البلاد، وأخذ معه عائدات النفط وتراجع الاحتياط من العملات الأجنبية.
أرسل تعليقك