الدوحة - العرب اليوم
تتيح مكتبة قطر الرقمية للباحثين والمهتمين بالتراث العربي والإسلامي، مجموعة من المخطوطات العربية النادرة والقيمة، التي حظيت بإشادة عالمية باعتبارها واحدة من أكبر وأرقى المجموعات في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث تضم المجموعة التي تعود إلى المكتبة البريطانية، قرابة (15) ألف مخطوطة مصنفة في نحو (14) ألف مجلد، وتتألف المجموعة من اثنتين من المجموعات التاريخية: المخطوطات العربية الموجودة في مكتبة المتحف البريطاني القديم، وتلك الموجودة في المكتبة التابعة لمكتب الهند، والتي كانت جزءا من وزارة الخارجية البريطانية سابقاً.
وتحظى هذه المجموعة بشهرة عالمية لسببين؛ محتوياتها، وتنوع موضوعاتها، إذ تحتوي المجموعة على تشكيلة من أروع المخطوطات النفيسة للقرآن الكريم، وكذلك نسخ موقَعة عالية الجودة من الأعمال القانونية والتاريخية والأدبية والعلمية المهمة.
مخطوطات عربية
يؤكد الدكتور كولين ف. بيكر، كبير القائمين على دراسات الشرق الأوسط بالمكتبة البريطانية، في مقال منشور بموقع مكتبة قطر الرقمية، أن مجموعة المخطوطات العربية التي تحتضنها المكتبة البريطانية هي من أهم المجموعات في العالم، إذا تبرز تلك المخطوطات تنوعا رائعا في الأسلوب والكتابة، قائلاً: "تحظى هذه المجموعة بشهرة عالمية لسببين؛ محتوياتها، وتنوع موضوعاتها، إذ تحتوي المجموعة على تشكيلة من أروع المخطوطات النفيسة للقرآن الكريم، وكذلك نسخ موقَعة عالية الجودة من الأعمال القانونية والتاريخية والأدبية والعلمية المهمة، كما تتسم موضوعات المجموعة بتنوعها الكبير، حيث تغطي علوم القرآن والتفسير والحديث وعلم الكلام والفقه الإسلامي والتصوف والفلسفة والنحو وفقه اللغة العربية والمعاجم والشعر وأنواع الأدب الأخرى، والتاريخ والطوبوغرافيا والسير والموسيقى وغيرها من الفنون والعلوم والطب والنصوص المتعلقة بالدروز والبهائيين والأدب المسيحي والأدب اليهودي، وغيرها من الموضوعات مثل السحر والرماية والصيد بالصقور وتفسير الأحلام"، موضحا أنه بدءاً من باكورة القرن الثامن وحتى القرن التاسع عشر الميلادي، تم الاستحواذ على المخطوطات من كل من الدول العربية ودول أخرى بها جاليات عربية وإسلامية مثل الهند والصين وإندونيسيا وماليزيا وغرب أفريقيا، حيث تُبرز تلك المخطوطات تنوعا رائعا في الأسلوب والكتابة.
ويضيف د. كولين:" من بين المجموعات الخاصة المتوافرة لدى مقتنيات المكتبة البريطانية في الوقت الحاضر مجموعات تأسيس المتحف البريطاني في سنة 1753م، والتي اشتملت على مجموعات العالم الفيزيائي السير هانز سلون (1660-1753م) حيث تتضمن تلك المجموعات حوالي (120) مخطوطة عربية، ومجموعة كلوديوس جيمس ريتش (1786-1821م) التي اشتراها المتحف البريطاني في سنة (1825م) ومجموعة ريتشارد جونسون (1753-1807م) التي اشترتها شركة الهند الشرقية في 1807م، وهذه أمثلة نموذجية للطريقة التي جاءت بها تلك المخطوطات إلى المكتبة، سواءً عن طريق الهدايا أوعن طريق شرائها من الأشخاص الذين عملوا في الهند أو الشرق الأوسط لصالح بريطانيا بصفة رسمية، كان ريتش مقيما في بلاط الباشا في بغداد حيث كان في وضع يؤهله لإتقان اللغات الشرقية ولجمع مجموعة تضم (390) مخطوطة من المخطوطات العربية، هذا وقد تمكن جونسون من خلال عمله لدى شركة الهند الشرقية في لكناو وحيدر آباد من إقامة علاقات وطيدة مع كبار الفنانين والكُتاب والتي حصل من خلالهما على مجموعة فريدة من المخطوطات.
مجموعة قيمة ونادرة
ويتابع د. دكتور كولين ف. بيكر، كبير القائمين على دراسات الشرق الأوسط بالمكتبة البريطانية، حديثه عن هذه المخطوطات القيمة بقوله: "كان وارين هاستينجز (1732-1818م) والنقيب روبرت تايلور (1788-1852م) من بين موظفي الحكومة الآخرين الذين تمتعوا بوضع مؤهل، حيث عمل هاستينجز في الخدمة المدنية البنغالية، وكان أيضا حاكم البنغال (1772م)، ثم الحاكم العام للبلاد (1773-1785م) وقد أنفق هاستينجز أموالاً طائلة على تكوين مجموعته كي يستفيد منها إبان عمله في الهند. حتى وإن كانت مجموعته لا تضاهي مجموعة جونسون، إلا أنها تحتوي على العديد من الأعمال المهمة وبعض المخطوطات الفارسية التي تتضمن رسومات توضيحية دقيقة، من ناحية أخرى، كان تايلور لغوي بارع وعمل في بوشهر وطهران والبصرة قبل أن يخلف ريتش كمقيم سياسي في بغداد، وفي 1860م قام زوج ابنته ت.ك. لينش ببيع مجموعته التي تضمنت (246) مخطوطة عربية إلى المتحف البريطاني، ثم أضيف اثنان من المخطوطات الهامة الأخرى إلى مجموعات المخطوطات العربية بعدما حصلت المكتبة البريطانية عليهما من جامعين للمخطوطات في المملكة المتحدة. كان توماس هوارد (1586-1646م) الإيرل الثاني لأروندل، سياسي ومن جامعي الأعمال الفنية حيث جمع (550) مخطوطة موجودة الآن في المكتبة البريطانية، منها (43) مخطوطة عربية أهديت إلى الجمعية الملكية واشتراها منه المتحف البريطاني في سنة 1831م، هذا وقد قام جورج الرابع (1820-1830م) بنقل مجموعة مخطوطات الملك جورج الثالث التي تتضمن سبعة مخطوطات عربية، إلى المتحف البريطاني في 1823م.
اهتمام أوروبي
ونوه د. كولين ف. بيكر في نهاية حديثه، إلى أن تلك المخطوطات تمثل ما تبقى من المكتبة الملكية لأباطرة المغول في 1858م، وخلال الفترة بين (1638-1858م) تم إهداء عدة مخطوطات من مكتبة المغول إلى رؤساء الدول وغيرهم من الأشخاص المرموقين رفيعي المستوى، وفي أوائل 1810م، وقع العديد منها في أيدي هواة جمع التحف"، مشيراً إلى أن الحكومة في الهند اشترت مخطوطات المكتبة الملكية في 1859م بمبلغ (14،955) روبية وبعد بيع قرابة (1،120) مجلدا، تم نقل الباقي إلى مكتب الهند في 1876م، وقال:" تكونت المجموعة على مر القرون القليلة الماضية بطريقة استثنائية، إذ يرجع تطورها المبكر في الأساس إلى نمو التجارة البريطانية والمصالح السياسية في كل من منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي أجمع، لا سيما في شبه القارة الهندية، ويعكس تطورها الاهتمام الأوروبي الكبير بالدراسات الشرقية إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث يعكس حجمها وتنوعها العملية التي تم من خلالها زيادة عدد من المجموعات الخاصة التي كونها المسؤولون والمبشرون والباحثون والرحالة بفعل عمليات الاستحواذ الأخيرة التي قام بها أمناء المتحف البريطاني والمكتبة البريطانية لتشكيل مجموعة عامة ضخمة ومصدر دولي مميز.
تراث الأمة
وتتوافر المزيد من المعلومات حول مجموعة المخطوطات العربية وفهارسها على موقع الإنترنت الخاص بالمكتبة البريطانية، كما يمكن الإطلاع على هذه المخطوطات وغيرها من خلال زيارة الموقع الإلكتروني لمكتبة قطر الرقمية، هذا وتُعَّدُ مكتبة قطر الرقمية، التي أُطلقت بتاريخ 22 أكتوبر 2014، ثمرة لمشروع الشراكة مع المكتبة البريطانية، وتحتوي على مئات الآلاف من صفحات الوثائق والسجلات من أرشيف مكتب حكومة المملكة المتحدة في الهند، التي تتعلق بالتاريخ الحديث لدولة قطر والمنطقة وتغطي الفترة التاريخية من بداية القرن السابع عشر حتى منتصف القرن العشرين، بالإضافة إلى مخطوطات العلوم العربية والإسلامية التي تعود إلى القرن العاشر الميلادي في العصر الذهبي للحضارة العربية والإسلامية.
تجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الصفحات والمخطوطات والوثائق متاحة بشكل مجاني مع وصف باللغتين العربية والإنجليزية لجميع المهتمين والباحثين في جميع أنحاء العالم، والتي تؤكد على رسالة مكتبة قطر الوطنية المتمثلة في نشر المعرفة، وصقل ملكات الإبداع، وتعزيز الابتكار، والحفاظ على تراث الأمة من أجل المستقبل، وتمكین أفراد المجتمع من التأثیر الإیجابي في مجتمعھم عبر توفیر بیئة استثنائیة للتعلم والاستكشاف والتعرف على الحضارة العربية والإسلامية والتي تعد من أعظم الحضارات على وجه الأرض.
أخبار تهمك أيضا
مكتبة الإسكندرية تعلن النتيجة النهائية لمسابقة الأبنودي
أرسل تعليقك