في الذكرى الرابعة والأربعين لعيد السويس ثقافة الشهادة تتوهج
آخر تحديث GMT04:23:50
 العرب اليوم -

في الذكرى الرابعة والأربعين لعيد السويس ثقافة الشهادة تتوهج

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - في الذكرى الرابعة والأربعين لعيد السويس ثقافة الشهادة تتوهج

العيد القومي لمدينة السويس الباسلة
القاهرة - أ ش أ

فيما يحتفل المصريون غدا (الثلاثاء) بالعيد القومي لمدينة السويس الباسلة، فإنهم يحتفلون في الواقع بروح المقاومة في ملحمة خالدة لدحر الغزاة باتت أمثولة لمعاني الصمود والفداء والشهادة؛ بقدر ما تتوهج اليوم روح السويس وثقافة الشهادة، في مواجهة قوى الشر والحروب الجديدة التي تستهدف أرض الكنانة.

وتحل الذكرى الـ 44 لهذا اليوم المجيد والخالد في ذاكرة ثقافة الشهادة وقد استمر المصريون على قلب رجل واحد في عزمهم النبيل على حماية ترابهم الوطني وتوحدوا كالبنيان المرصوص مع رجال جيشهم وشرطتهم الذين يخوضون الآن أشرف المعارك دفاعا عن وطنهم والإنسانية كلها في حرب جديدة تتخذ طابع الإرهاب.

وتتوالى الآن قصص الشهداء من رجال الشرطة البواسل الذين كتبوا ملحمة جديدة من ملاحم الفداء في المواجهة الأخيرة بطريق الواحات مع عناصر الإرهاب التكفيري الظلامي العميلة لقوى الشر، لينضموا لقافلة شهداء مصر الأبرار من أبطال القوات المسلحة والشرطة بعد أن كتبوا صفحة مجد جديدة في ثقافة الشهادة دفاعا عن مصر الخالدة وشعبها العظيم.

وكانت وزارة الداخلية قد أكدت في نعيها للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن ودفاعا عن المواطنين، أن المواجهة الأخيرة في طريق الواحات لن تزيد رجال الشرطة إلا إصرارا وعزيمة على الاستمرار في بذل المزيد من الجهد لاقتلاع جذور الإرهاب وحماية وطننا الغالي.

وهكذا، فإن روح السويس وثقافة الشهادة، تمتد لتشمل كل بقعة في تراب مصر ولن يختلف الأمر في الجوهر والمعنى بين روح الفداء في السويس منذ 44 عاما وروح الفداء التي تتجلى الآن في مناطق ودروب مثل طريق الواحات، بينما تفخر عائلات الشهداء بأبنائهم الذين صدق فيهم قول الحق: "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".

وبدا البعد الثقافي حاضرا بقوة في احتفالات السويس هذا العام بعيدها القومي، حيث بدأت الاحتفالات في المحافظة منذ العشرين من شهر أكتوبر الجاري بافتتاح المعسكر الثقافي للأئمة، كما تضمنت الاحتفالات عرض أوبريت بعنوان "تحيا مصر"، إلى جانب افتتاح معرض للفنون التشكيلية.

وبين كوكبة من المدن الباسلة التي عرفها تاريخ العالم وثقافاته؛ تشمخ مدينة السويس كواسطة العقد في ثقافة المقاومة والشهادة التي يحتفل كل المصريين بذكرى ومعنى صمودها الأسطوري ودحرها للمعتدي يوم الرابع والعشرين من أكتوبر عام 1973.

واليوم تثير المواجهات الباسلة لرجال القوات المسلحة والشرطة لقوى الشر تآملات حول مفاهيم البطولة وقيمة الأرض في الثقافة المصرية وفي وقت تبدو فيه هذه الأرض المصرية التي لم تتعب أبدا من القتال ومنازلة العدو مستهدفة من قوى لا تريد خيرا لمصر وأمتها العربية.

وما بين "معركة السويس ومعركة طريق الواحات"، يقدم المصريون نموذجا مضيئا لمعنى "جغرافيا الشهداء" واستعداد المصري دوما للتضحية بروحه دفاعا عن وطنه بينما تبقى في الذاكرة الوطنية مقولة جمال حمدان فى منجزه الثقافى الشامخ: "شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان": "أن تكون مصريا فهذا يعني في الواقع شيئين في وقت واحد: الأرض والشعب".

وأبناء مصر من رجال الشرطة وهم من نبت طاهر للمقاتلين في حرب السادس من أكتوبر 1973 كتبوا صفحة مجد جديدة في "جغرافيا الشهداء"، عندما خضبوا بالدماء الطاهرة طريق الواحات وهم يدحرون الإرهاب الظلامي العميل ويردون غائلته وشروره عن التراب الوطني المصري، وانضمت كوكبة منهم لقوافل الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون.

ولئن كانت مفاهيم البطولة موضع اهتمام ثقافي سواء في الشرق أو الغرب، فإن هذه المفاهيم تكتسب المزيد من الأبعاد النبيلة في ضوء بطولات جند مصر ورجال شرطتها في منازلة كل أعداء هذا الوطن ودحر عصابات الإرهاب الدموي التي لا تستبيح حق الحياة فحسب، وإنما تستبيح أيضا قيمة الأرض التي تحظى بأهمية كبيرة ومعان سامية لدى المصريين ، ناهيك عن انتهاك تلك العناصر التكفيرية الظلامية العميلة والساعية لشرعنة قانون الغاب لقيم الحرية والعقل والكرامة والعدل.

ولعل المؤسسات الثقافية المصرية مدعوة لعقد ملتقيات وندوات حول مفاهيم البطولة وثقافة الشهادة في ضوء الحرب الجديدة التي تخوضها مصر ضد الإرهاب العميل لقوى الشر وأوهامها بامكانية اسقاط فكرة الوطن تمهيدا لاسقاط الدولة الوطنية المصرية التي وقرت في وجدان كل من ينتمي حقا لأرض الكنانة.

وفيما تتوالى الطروحات حول المواجهة الأخيرة في "طريق الواحات"، فإن الدعوات تتوالى أيضا عبر منابر الثقافة الوطنية المصرية لإعلاء جدار الفعل المقاوم والمتعدد المستويات عبر ثقافة تعزز وعي المواطن بمصادر الخطر وتحفزه على المشاركة الفاعلة في تلك الحرب التي لا تقل خطرا عن حروب سابقة خاضتها مصر.

ومصر التي عرفت بالانتصارات الفاصلة ضد أعداء الخارج ، كما حدث في حرب السادس من أكتوبر 1973 مكتوب لها فيما يبدو أن تكون صاحبة الجولة الفاصلة في الحرب ضد الإرهاب وقطع دابر هذا العدو الذي يهدد الإنسانية كلها.

وفيما يتناول روبرت بارليت في كتاب صدر بالانجليزية: "لماذا يصنع الموتى أشياء عظيمة؟.. من الشهداء إلى الاصلاح"، مفهوم الشهادة وتأثير الشهداء الفاعل في أي مجتمع على اختلاف السياقات الثقافية بين المجتمعات والحضارات، فإن شهداء مصر باقون أبدا في وجدانها وذاكرتها ويشكلون بحق مددا لا ينفد في ثقافة الفداء والحرب التي كتبت على أرض الكنانة في مواجهة عدوان الإرهاب الباغي.

والثقافة المصرية مدعوة الآن بمبدعيها لتقديم قصص هؤلاء الأبطال الذين اختاروا الانضمام لقوافل الشهداء ومن هنا أيضا لا بد من إنتاج أعمال درامية عن هؤلاء الأبطال لخلق تيارات من الوعي وتقديم القدوة التي تبني الوجدان الوطني كما ينبغي أن يكون البناء.

ولئن كانت الجماعة الثقافية المصرية احتفلت بالذكرى السنوية الثانية لرحيل الكاتب والروائي جمال الغيطاني الذي قضى يوم الثامن عشر من أكتوبر عام 2015 وعمل كمراسل حربي خلال حرب الاستنزاف وحتى حرب أكتوبر المجيدة، فإن الغيطاني حاضر بإبداعاته التي وجدت فيها مدينة السويس الباسلة أروع التعبيرات عن روح المقاومة الانسانية للعدوان ودحر الغزاة مثل عمله "حكايات الغريب" الذي تحول لفيلم أخرجته أنعام محمد علي.

وفي "حكايات الغريب"، يلتقي القاريء مع هؤلاء الأبطال الذين هم نبت شعب عظيم وتتجسد بطولاتهم غير المعلنة وغير الطامحة في شهرة أو مجد شخصي في "الأسطى عبد الرحمن" الذي لا يكاد أحد يعرف له مكانا، بل إن هناك عدم اتفاق حتى على اسمه لأنه في الواقع يحمل كل أسماء المصريين وكل سجاياهم وعشقهم لوطنهم الذي يشهد في اللحظة الراهنة حربا من نوع آخر تشنها الجماعات الظلامية المتطرفة والإرهابية.

وفي سياق تحذيره من مخاطر جماعات الإرهاب ، كان جمال الغيطاني قد اعتبر أن وصول جماعة إرهابية لحكم مصر "أخطر أنواع الاحتلال لأنه من الداخل"، ولأن مثل هذه الجماعة "لا تؤمن بفكرة الوطنية المصرية"، موضحا أن "الاحتلال هو الذي يقوم باخراج دور مصر عن سياقه".

وإذا كان تعريف جمال حمدان للمثقف بأنه "الانسان الذى يتجاوز دائرة ذاته والقادر على ان يجعل مشاكل الآخرين هموما شخصية له.. هو ضمير عصره وسابق لعصره في إدراك الخطر المستقبلى والحلم بالمستقبل، يتوقع ويتنبأ، كلي شمولي الرؤية لا يضيع فى التفاصيل وصاحب نبؤة"، فإن المثقف المصرى مدعو لأن يقدم الكثير في مواجهة الإرهاب الظلامي التكفيري العميل.
ومن نافلة القول إن أعداء شعب مصر لا يمكن أن يشعروا بارتياح بعد أن توالت في الآونة الأخيرة تقارير ودراسات لمؤسسات ومجموعات استشارية دولية متخصصة في قضايا الاقتصاد والطاقة لتؤكد أن مستقبل مصر واعد والصورة الاقتصادية القادمة مبشرة للغاية.

ولأنها حرب بكل معنى الكلمة، فالحرب على الإرهاب التي دخلت مرحلة حاسمة بواقعة "طريق الواحات" ليست أبدا بالسهلة ولا تقل خطورة وحاجة للحشد والتعبئة وتضافر كل الجهود دفاعا عن مصر الخالدة.. إنها مصر التي وصفها جمال حمدان فى ملحمته العلمية الكبرى التي تجاوز مجموع صفحاتها أربعة الاف صفحة من القطع الكبير بأنها "تشكل أقدم وأعرق دولة في الجغرافيا السياسية للعالم وهي غير قابلة للقسمة على اثنين أو أكثر مهما كانت قوة الضغط والحرارة".

وإذا كان أعداء مصر والمصريين راغبين عبر الإرهاب الأسود في فرض التشاؤم واليأس على أوجه الحياة المصرية، فان أمانيهم المريضة لن تتحقق أبدا؛ لأن اليأس لم يكن ولن يكون خيارا للمصريين.

فأي قراءة متعمقة للتاريخ الثقافي للمصريين تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة بل وعلى النقيض فإن المعدن الأصيل لهذا الشعب العظيم يتوهج وتتجلى ثقافة المقاومة بالتفاؤل والأمل في خضم أوقات التحديات الجسام سواء في السويس عام 1973 أو في طريق الواحات عام 2017.

وها هي "حكايات طريق الواحات" تكتب تاريخا جديدا يضاف لثقافة الشهادة وقوافل الشهداء.. طيور النور لن تغادر الواحات ولن تستسلم أبدا لغربان الظلام.. تراتيل الصبح والليل باقية هنا.. أيها الشهيد: يا من تذهب ستعود.. يا من تمضي سوف تبعث فالمجد لك وأنت تقول لخالقك الواحد الأحد: لقد أمرتني فجئت. 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الذكرى الرابعة والأربعين لعيد السويس ثقافة الشهادة تتوهج في الذكرى الرابعة والأربعين لعيد السويس ثقافة الشهادة تتوهج



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab