رصدت حكومة إقليم كردستان العراق مبالغ مالية كبيرة لإنجاز مشروع إنشاء خندق الدولة الكردية، بالتعاون مع دول التحالف الأميركي ضد تنظيم "داعش" المتطرف.
وأكد مصدر عسكري كردي رفيع المستوى، في حوار مع "العرب اليوم"، نية الحكومة إنهاء هذا المشروع قبل شهر أيار/مايو المقبل وإجراء استفتاء شعبي للتصويت حول الانفصال عن العراق.
وذكر المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن "العمل في الخندق بدأ بشكل أولي قبل عام تقريبًا على حدود الجانب السوري؛ بحجة منع تسلل المتطرفين بحسب تصريحات حكومة كردستان، واتجه العمل به لاحقًا إلى جنوب محافظة كركوك؛ بحجة منع هجمات داعش على مناطق المحافظة التي تسيطر عليها قوات البيشمركة".
وأوضح أن الغرض الأساسي للخندق هو التمهيد للفصل بين الأراضي التي ينوي الإقليم ضمّها إلى دولته المستقبلية التي ينوي إعلانها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وبين الأراضي التي ستعتبر شمال العراق الجديد الذي سُيرسم بعد طرد داعش، وأن الإشراف على حفر الخندق يتم من قِبل وزارة البيشمركة التابعة لحكومة كردستان، بينما تحمي وحدات خاصة من قوات البيشمركة المناطق التي تجري فيها الحفريات.
وبيّن المصدر ذاته "وجود خبراء من دول التحالف من بينهم (20) خبيرًا جغرافيًّا من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، و(25) خبيرًا فنيًّا من الولايات المتحدة الأميركية، و(40) مهندسًا من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، و(60) مهندسًا خبيرًا في المتفجرات من الولايات المتحدة وألمانيا".
وأضاف أن فريق خبراء التفجير من ألمانيا والولايات المتحدة، بالتعاون مع وزارة البيشمركة يزرعون وبشكل يومي الألغام المخفية وأنواعًا أخرى من المتفجرات ذات القدرة التفجيرية العالية؛ لمواجهة أي احتكاك محتمل بين القوات العراقية والقوات الكردية حال تم فرض الدولة الكردية كأمر واقع ورفضت الحكومة العراقية إنشاء دولة كردية والانفصال عن العراق.
ويسرد المصدر اتخاذ هذا الفريق من مدينتي كركوك وأربيل مقرًا له للإشراف على طريقة سير العمليات، حيث وفرت حكومة كردستان المئات من سيارات الحفر والجرافات والقلابات لإنشاء هذا الخندق.
وأشار إلى أن "الخندق يفصل بشكل أساسي بين الأراضي المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وبين الأراضي العراقية الأخرى، حيث يمر الخندق من الشرق شمال منطقة بدرة في محافظة واسط صعودًا باتجاه الغرب جنوب بلدروز وجنوب خانقين في محافظة ديالي، مرورًا بكفري وطوزخورماتو شمال شرق محافظة صلاح الدين صعودًا باتجاه قضاء الحويجة جنوب محافظة كركوك، ثم باتجاه مخمور والحمدانية وتلكيف شمال الموصل وينتهي غرب شمال العراق في سنجار".
ويرجح المصدر أن بهذا الخندق الفاصل ستكون كل المناطق المتنازع عليها من شمال بدرة وشمال صلاح الدين وجنوب كركوك وشمال الموصل إلى سنجار ضمن إقليم كرستان؛ تمهيدًا للانفصال وتقسيم العراق وإنشاء الدولة الكردية.
ويتوقع أن المناطق التي ستدخل ضمن هذه الحدود تضم ما يقرب من ٧٠-٨٠٪ من المناطق التركمانية، ومن المحتمل أن يضم الخندق كل من تلعفر وكركوك وطوزخورماتو إذا لم تتدخل الحكومة المركزية بفرض القانون للحفاظ على وحدة العراق أرضًا وشعبًا.
كما يتوقع المصدر أن يصل طول الخندق إلى 440 كيلومتر بعرض 2 ونصف متر وعمق 3 أمتار، لافتًا إلى أن أعمال الحفر في الخندق وصلت الآن إلى كركوك وطوز خرماتو، ومن المتوقع إنهائه قبل الشهر الخامس من العام الجاري.
وبشأن موعد تنظيم مثل هذا الاستفتاء حول استقلال كردستان، أجاب أنه لا يمكنه "تحديد موعد الآن"، مؤكدًا رغم ذلك أنها "مسألة أشهر"، وأوضح آلية تنظيم الأستفتاء بأنه يتطلب أولًا مصادقة البرلمان الكردي، وإقليم كردستان العراق، ثم إنشاء لجنة انتخابية مستقلة.
يذكر أنه من المتوقع أن تنظم حكومة إقليم كردستان أول استفتاء بعد الحرب على تنظيم داعش العام الجاري، فقد صرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" بداية الشهر الجاري، بأن العراق "مقسم فعليًّا، فهل يتعين علينا أن نبقى في هذا الوضع المأسوي الذي يعيشه البلد؟ سننظم استفتاء في كردستان، سنحترم وسنلتزم بقرار شعبنا، نأمل بأن يتصرف آخرون بهذه الطريقة".
أرسل تعليقك