الطبيعة مصدر إلهام لأبرز 3 تقنيات علمية واعدة
آخر تحديث GMT11:24:29
 العرب اليوم -

الطبيعة مصدر إلهام لأبرز 3 تقنيات علمية واعدة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الطبيعة مصدر إلهام لأبرز 3 تقنيات علمية واعدة

التقنيات علمية
القاهرة - العرب اليوم

حقق واطسون وكريك مكتشفا تركيبة الحمض النووي «دي إن إيه»، وعالما الفيزياء شرودنغر وأينشتاين، اختراقات علمية غيرت مفهوم العالم للعلوم. ولكن الأفكار العظيمة القادرة على تغيير المشهد باتت قليلة اليوم، وأصبحت التقنيات الحديثة والمحسنة هي القوة الدافعة للأبحاث والاكتشافات العلمية الجديدة. وتتيح هذه التقنيات للعلماء إجراء التجارب بسرعة أكبر من قبل، وتسلط الأضواء لهم على تفاصيل علمية كانت خافية على الأسلاف. تبرز اليوم ثلاث تقنيات واعدة هي: أداة التعديل الجيني «كريسبر» CRISPR، والبروتينات الفلورسنتية fluorescent proteins، وعلم البصريات الوراثي optogenetics، وجميعها مستوحاة من الطبيعة. ذلك أن الجزيئات الحيوية الموجودة في تكوين البكتيريا وقناديل البحر والطحالب منذ ملايين السنوات، قد تحولت إلى أدوات تستخدم اليوم في الطب والأبحاث العلمية، ولا شك أنها ستغير حياة الناس اليومية بشكل مباشر أو غير مباشر.

التعديل الجيني

تعتبر أنظمة الدفاع البكتيرية، أدوات للتعديل الجيني، إذ تصارع البكتيريا وكذلك الفيروسات نفسها، كما يتصارع كل من البكتيريا والفيروسات مع بعضها البعض، أي أنها تعيش حرباً بيولوجية كيميائية مستمرة وتتنافس فيما بينها للحصول على الموارد الشحيحة.

تملك البكتيريا في ترسانتها الدفاعية أدوات عدة أبرزها ما يعرف بنظام الـ«كريسبر - كاس» CRISPR - Cas، وهو عبارة عن مكتبة جينية تتألف من تكرارات قصيرة من الحمض النووي المتراكم مع الوقت من الفيروسات الغريبة، التي تجتمع مع بروتين اسمه «كاس» قادر على قطع الحمض النووي الفيروسي وكأنه يستخدم مقصاً. وعندما تتعرض البكتيريا في الطبيعة لهجوم من فيروسات، فإنها تخزن حمض الفيروسات النووي في أرشيف «كريسبر»، ما يتيح لنظام «كريسبر - كاس» ملاحقة الحمض النووي الفيروسي وقطعه وتدميره.

وكانت الباحثة جينيفر دودنا، المتخصصة بالكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والباحث الفرنسي إيمانويل شاربونتييه، المتخصص بالأحياء الدقيقة، قد حصلا سوية على جائزة نوبل مشتركة في الكيمياء عام 2020 لتطويرهما نظام «كريسبر - كاس» وتحويله إلى تقنية تعديل جيني. ويشرح الباحثان أن «العلماء يعملون على إعادة هيكلة أهداف هذه الأدوات ليتمكنوا من استخدامها وتحقيق المزيد من الاختراقات العلمية».

وفي حين قدم مشروع الجينوم البشري تسلسلاً جينياً شبه كامل للبشر ومنح العلماء نموذجاً للتوصل إلى تسلسل جميع الكائنات الحية، فإن العلماء لم يكونوا - قبل ظهور نظام «كريسبر - كاس» - يملكون أدوات تتيح لهم بلوغ الجينات لدى الكائنات الحية وتعديلها بسهولة. أما اليوم، وبفضل التقنية المذكورة، أصبح العمل المختبري الذي كان يحتاج لشهور وأحياناً لسنوات بالإضافة إلى مئات آلاف الدولارات، يتم في أقل من أسبوع وببضع مئات الدولارات فقط.


طفرات جينية

يوجد أكثر من 10 آلاف اضطراب جيني ناتج عن طفرات تحصل في جين واحد، أو ما يعرف باضطرابات الجين الواحد الذي يصيب ملايين الأشخاص. تسبب هذه الطفرات الكثير من الاضطرابات أبرزها فقر الدم المنجلي والتليف الكيسي وداء هنتنغتون التي يعتزم العلماء استهدافها بعلاجات «كريسبر»، لأن تصحيح أو استبدال جين معطل واحد أبسط بكثير من تصحيح الأعطال في أكثر من جين.

في إحدى التجارب المختبرية، حقن الباحثون مرضى ولدوا مصابين بالداء النشواني (مرض جيني نادر يسبب عوارض قلبية وعصبية مميتة) بعلاج «كريسبر» مغلف. أظهرت النتائج الأولية للدراسة أن حقن نظام «كريسبر - كاس» بالمرضى مباشرة يتيح له العثور على الجينات المعطلة المرتبطة بالمرض وتعديلها. وهكذا نجحت «صواريخ» «كريسبر - كاس» الصغيرة المغلفة بالوصول إلى الجينات المستهدفة وأدت وظيفتها، فساعدت على انخفاض في البروتين الشاذ المرتبط بالمرض لدى الستة المشاركين في هذه التجربة.


قنديل البحر والطحالب

> بروتينات مضيئة. لا يملك قنديل البحر «أييكوريا فيكتوريا»، الذي يعيش في الجانب الشمالي من المحيط الهادئ، دماغاً ولا شرجاً ولا إبراً سامة، أي أنه مرشح غير متوقع لإشعال ثورة في عالم التقنيات البيولوجية. ولكنه يحمل في محيط مظلته حوالي 300 عضو ضوئي يبعث وخزات ضوئية خضراء أحدثت تحولاً في طريقة عمل العلوم.

ينتج هذا الضوء الحيوي عن بروتين ضوئي اسمه «أييكورين» وجزيء فلورسنتي يعرف بالبروتين الفلورسنتي الأخضر. يؤدي هذا الأخير في التقنيات الحيوية الحديثة دور مصباح جزيئي ينصهر ببروتينات أخرى، ويتتبعه الباحثون لتحديد زمان ومكان إنتاج البروتينات في خلايا الكائنات الحية.

تستخدم تقنية البروتينات الفلورسنتية في آلاف المختبرات كل يوم، وكانت السبب في منح جائزتي نوبل عامي 2008 و2014. وتجدر الإشارة إلى أن هذه البروتينات اكتشفت حتى اليوم في الكثير من الأنواع الحية.

أثبتت هذه التقنية فعاليتها وأهميتها مرة جديدة أخيراً بعد أن نجح الباحثون في صناعة فيروسات كوفيد - 19 معدلة جينياً تصدر بروتيناً فلورسنتيا أخضر يتيح تتبع مسار الفيروس عند دخوله إلى الجهاز التنفسي والتشبث بأسطح الخلايا التي تملك غلافاً شعرياً.

> الطحالب وتفكيك الدماغ كل عصب على حدة. تعتمد الطحالب على الضوء لتنمو. وعند وضعها في حوض كبير في مكان مظلم، تسبح في أرجائه دون هدف، ولكن إذا أضيء مصباح في الغرفة، تسبح هذه الطحالب باتجاه الضوء.

لا تملك هذه المخلوقات الوحيدة الخلية (تعرف بالسوطيات flagellates نسبة لزوائدها الشبيهة بالجلد التي تساعدها على الحركة) عينين، بل بقعة شبيهة بالعين تميز بين الظلام والنور. تحيط ببقعة العين هذه بروتينات حساسة للضوء تدعى «تشانل رودوبسين» channelrhodopsins.

مع بداية الألفية الثالثة، اكتشف الباحثون أنه عند إدخال هذه البروتينات جينياً إلى الخلايا العصبية لدى أي كائن حي وإضاءتها باللون الأزرق، يشتعل نشاط الأعصاب. وتعتمد هذه التقنية، المعروفة باسم علم البصريات الوراثي، على إدخال جينات الطحالب التي تنتج البروتينات المذكورة إلى الأعصاب. ويؤدي استهداف هذه الأخيرة بالضوء الأزرق إلى فتح البروتينات وتدفق أيونات الكالسيوم إليها لإشعال نشاطها.

يستخدم الباحثون هذه التقنية لتنشيط مجموعات الأعصاب بشكل انتقائي ومتكرر، للحصول على فهم أدق للخلايا العصبية التي يجب استهدافها لعلاج بعض الاضطرابات والأمراض. قد يحمل علم البصريات الوراثي حلاً لعلاج أمراض دماغية مميتة كالألزهايمر والباركنسون.

ولكن هذه التقنية ليست مفيدة لفهم الدماغ فحسب. فقد استخدمها الباحثون لعلاج جزئي للعمى وحصلوا على نتائج واعدة في تجارب عيادية استخدمت التقنية على مرضى مصابين بالتهاب الشبكية الصباغي، وهي مجموعة من الاضطرابات الجينية التي تفكك خلايا شبكية العين. وفي دراسات أجريت على الفئران، استخدمت التقنية للتلاعب بنبض القلب وتنظيم عمل الأمعاء في حالات الإمساك.

ولكن ماذا تخفي الطبيعة في صندوق أدواتها بعد؟

ما هي التقنيات غير المكتشفة التي ستقدمها الطبيعة لنا في المستقبل؟ أشارت دراسة أجريت عام 2018 أن البشر يمثلون 0.01 في المائة من الكائنات الحية على الكوكب، ولكنهم تسببوا بخسارة 83 في المائة من إجمالي الثدييات البرية ونصف النباتات في وقت قصير. وبتدميرهم للطبيعية، يخاطر البشر اليوم بخسارة تقنيات جديدة قادرة على إحداث تغيير جذري لم يتخيلوه ربما في حياتهم. ففي النهاية، لم يتوقع أحد يوماً أن اكتشاف ثلاث تقنيات مذهلة مصدرها الطبيعة قد يغير مسار العلوم إلى هذه الدرجة.

* أستاذ في الكيمياء في جامعة كونيتيكت الأميركية، «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

قد يهمك ايضا 

كشف سر جينوم "Z" الغامض الموجود لدى بعض الفيروسات

"عنبر البلطيق" يستهدف البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبيعة مصدر إلهام لأبرز 3 تقنيات علمية واعدة الطبيعة مصدر إلهام لأبرز 3 تقنيات علمية واعدة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab