يوم الأرض ليس حدثا يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على البيئة وحمايتها من الاغتيال فقط، بل هو مناسبة تذكر كل فرد بواجباته تجاه أمنا الأرض.الاحتفال الذي تحييه المنظمات الدولية يوم 22 أبريل/نيسان يرافقه هذا العالم حدث بيئي استثنائي يتمثل في عقد أول قمة تُراجع مدى التقدم الذي حققه البشر لتجنيب الإنسانية كارثة مناخية عبر مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (26COP).
أيضا قد ينجح المؤتمر في الحد من الخسائر الاقتصادية للكوكب نتيجة مشكلة التغير المناخي، بعدما توقع أكثر من 700 خبير اقتصادي دولي متخصص في شؤون المناخ أن تصل قيمة الأضرار الاقتصادية إذا استمر احترار المناخ على الوتيرة الحالية إلى 1700 مليار دولار سنويا بحلول 2025.
وخلال الدورة الجديدة من المؤتمر، يتوقع الخبراء أن يضع صنّاع القرار في العالم أهدافاً جديدة طويلة الأجل للتصدي لتغير المناخ، ويأملون أن تكون جريئة وذات سقف طموحات عال.
وتعقد قمة المناخ 2021 بعد تأجيلها العام الماضي نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد، مثلها مثل باقي المؤتمرات والأعمال المهمة التي أجلت أيضا خوفا من العدوى.
في خضم الثورات التكنولوجية والتقدم الاقتصادي المبهر الذي أحرزته الدول خلال آخر عقدين، حذر خبراء من دفع البيئة وبالتبعية الحكومات فاتورة غالية الثمن جراء التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب.
واتفق أكثر من 700 خبير اقتصادي دولي متخصص في شؤون المناخ على أن التحرك لمكافحة التغير المناخي سيكون أقل كلفة على الاقتصاد من التراخي في مجابهة هذه الأزمة.
ووفقا للخبراء الذين استطلع معهد "إنستيتيوت فور بوليسي إنتيجريتي" التابع لجامعة نيويورك آراءهم، فإن استمرار احترار المناخ على الوتيرة الحالية يرفع قيمة الأضرار الاقتصادية إلى 1700 مليار دولار سنويا بحلول 2025، بإجمالي 30 ألف مليار دولار سنويا بحلول 2075.
من بين 738 خبيرا اقتصاديا شارك في الاستطلاع، وافق 66% على أن الإيجابيات الناجمة عن تقليص الانبعاثات بنسبة كبيرة بحلول 2050 ستتفوق على التكاليف.
ورأى نحو 89% منهم أن "تفاقم التبعات الاقتصادية للتراخي في معالجة الأزمة المناخية الهوة في الدخل بين البلدان الغنية والفقيرة".
وأكد 74% من هؤلاء على ضرورة التحرك الفوري لتقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، بعدما كان هذا رأي 50% من هؤلاء في 2015.
ويعتبر نحو 70% من هؤلاء الخبراء الاقتصاديين أيضا أن التغير المناخي سيفاقم عدم المساواة بين الطبقات الشعبية والأثرياء.
تستضيف مدينة جلاسكو، أكبر مدن اسكتلندا، الجولة الأخيرة من محادثات التغير المناخي برعاية الأمم المتحدة في الفترة من 1 - 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل 2021.
ويعقد الحدث البيئي المهم واختصاره "26COP"، أي المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي، بمشاركة 197 دولة عضوة باتفاقية باريس للمناخ.
أيضا يعقد وسط مؤشرات على أن العالم خارج المسار للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة، وأن الاقتصاد الخالي من الكربون قد تأخر كثيرًا.
يعد المؤتمر جزءا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها 197 دولة بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ، ودخلت حيز التنفيذ في 21 مارس/آذار 1994.
وتكمن أهمية دورة اسكتلندا في كونها أول قمة تراجع مدى التقدم الذي حققته البشر، أو مدى الفشل في تحقيق الأهداف المطلوبة منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015.
إذ إن من أهداف الاتفاقية إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل 5 سنوات، وكان من المفترض إجراء المراجعة الأولى لمؤتمر الأطراف في 2020، لكن بسبب تفشي فيروس كورونا أُجلت إلى عام 2021.
تواجه قمة جلاسكو العديد من العقبات لحسم نقاط الخلاف السابقة، أبرزها ما يتعلق بالتوصل لأفضل طريقة لإدارة نظام أسواق الكربون وأرصدة ائتمانات الكربون التي تعرف باسم "الائتمانات الخضراء"، وهي آلية من شأنها أن تسمح للدول المسؤولة عن إحداث التلوث بدفع ثمن الانبعاثات التي تتسبب فيها.
أيضا من الضروري أن يضع المشاركون في القمة "أطرا زمنية مشتركة" لجميع الأهداف الصديقة للبيئة التي حددوها، بهدق التأكد من أن الجميع يلتزم بالمتفق عليه.
ويرى المطلعون على الملف أن الأولوية القصوى تتمثل في جعل البلدان تلتزم بالوصول إلى مستوى انبعاثات صفري بحلول منتصف هذا القرن، مع تخفيضات أكثر جرأة وأسرع لانبعاثات غاز الكربون بحلول عام 2030.
ويتطرق المؤتمر إلى ما يعرف باسم "الحلول القائمة على الطبيعة"، أي استخدام الطبيعة نفسها لحل بعض تحديات المناخ، مثل امتصاص الكربون، أو زراعة الشجيرات والأشجار للحماية من الأحداث المناخية القاسية مثل الفيضانات أو العواصف الرملية.
ومن المتوقع أيضاً تأسيس عدد من المبادرات التي تهدف إلى مواجهة تحديات معينة مثل القضاء على استخدام الفحم وحماية النظم البيئية.
حثت اتفاقية باريس، التي وقعتها 197 دولة بمؤتمر "الأطراف 21" في باريس يوم 12 ديسمبر 2015، الحكومات على تجنيب الإنسانية كارثة مناخية من خلال مجموعة من الأهداف بهدف محاربة تغيير المناخ.
وتغير المناخ هو حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، إذ إنها قضية تتطلب حلولاً منسقة على جميع المستويات وتعاوناً دولياً لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وتهدف الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ رسميا في 4 نوفمبر 2016، إلى تقليل مستوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى مستويات يمكن للأشجار والتربة والمحيطات امتصاصها بشكل طبيعي، إلى جانب:
- الحفاظ على درجات الحرارة العالمية أقل من 2 درجة مئوية (3.6 فهرنهايت).
- السعي إلى الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة.
- تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة.
- مراجعة مساهمة الدول في خفض الانبعاثات كل 5 سنوات.
- زيادة إنتاج الطاقة المتجددة.
- مساعدة الدول الفقيرة بتوفير التمويل المناخي للتكيف مع تغير المناخ والتحول للطاقة المتجددة.
- إنشاء إطار للرصد والإبلاغ الشفافَين عن الأهداف المناخية للدول.
تحتفل المنظمات العالمية بيوم الأرض 22 أبريل/نيسان من كل عام، بعدما تحول الحدث من يوم أمريكي إلى احتفال عالمي، بهدف نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية، كما أنه مناسبة لعقد الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة.
قصة الاحتفال بيوم الأرض تعود إلى عام 1969، عندما كان السيناتور الأمريكي المهتم بشؤون البيئة جايلورد نيلسون يجري جولة في منطقة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا، مع مساعده دنيس هايس، فشاهدا كميات كبيرة من النفط تلوّث مياه المحيط الهادي بالقرب من السواحل الأمريكية لمسافة عدة أميال.
ولإدراكه أن هذا التلوّث له تأثير خطير على البيئة ويعكر صفو حياة الأسماك والطيور والأحياء المائية، بادر بإقناع الرئيس الأمريكي جون كنيدي بعمل وطني يتمثّل في مناقشة قضايا الحفاظ على البيئة، وتم تدشين يوم وطني يكون بمثابة يوم بيئي تثقيفي.
جرى الاحتفال بأول يوم للأرض في الولايات المتحدة عام 1970، ولكن دينيس هايس، مساعد السيناتور نيلسون، كان له الفضل في إكساب الاحتفال الصبغة العالمية عبر منظمة "The Bullit Foundation" التي أسسها، وجعلت هذا اليوم دولياً وأقامته عام 1990 في 141 دولة.
سبب اختيار يوم 22 أبريل/نيسان موعداً للاحتفال كونه يمثِّل فصل الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وفصل الخريف في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
حاليا من ينظم الحدث الدولي المهم شبكة يوم الأرض، وهي منظمة غير ربحية، وتحتفل به سنوياً في أكثر في 175 دولة.
شعار احتفالية هذا العام هو "استعادة أرضنا" Restore Our Earth، الذي يركز على العمليات الطبيعية والتقنيات الخضراء الناشئة والتفكير المبتكر الذي يمكنه استعادة النظم البيئية في العالم، رافضا فكرة أن التخفيف أو التكيف هما السبيلان الوحيدان لمعالجة تغير المناخ.
قد يهمك ايضا:
ارتفاع ضحايا الفيضانات في الجزائر إلى 8 أشخاص
الفيضانات تتسبب في نزوح أكثر من 9 آلاف شخص في ماليزيا
أرسل تعليقك