ألقت صحيفة "واشنطن بوست"، الضوء على الفضائح الجنسية لرؤساء الولايات المتحدة، مستشهدة بالرئيس الأسبق بيل كلينتون، والحالي دونالد ترامب. ففي 26 يناير/كانون الثاني 1998 قال الرئيس الأميركي بيل كلينتون جملته الشهيرة: "لم أقم علاقات جنسية مع هذه المرأة"، ما أدى إلى إجراء لإقالته بعد أن تبين أنه كذب حول علاقته مع مونيكا لوينسكي.
توالى بعده ثلاثة رؤساء واليوم جاء دور "ترامب" ليكون محط الشبهات بأنه دفع لنجمة أفلام إباحية لقاء صمتها حول علاقتهما. ومثل هذه المعلومات من شأنها منطقيا نسف أي مسيرة سياسية في الولايات المتحدة لكن الملياردير أثبت أنه ليس كالآخرين وهذه القضية "ليست حتى الأكبر هذا الأسبوع"، بحسب آرون بليك أحد مراسلي صحيفة "واشنطن بوست".
ويجد المحللون السياسيون والمراقبون والمؤرخون أنفسهم في حيرة لتفسير لماذا لا يثير كشف مسألة كهذه سوى اهتمام محدود عندما يتعلق الأمر بترامب. وإن مما لا شك فيه أن كلينتون كان رئيسا للبلاد عندما أقام العلاقة مع لوينسكي (22 عاما) المتدربة في البيت الأبيض وأن الأحداث كانت تقع في مكتبة منعزلة بالقرب من المكتب البيضاوي.
في المقابل، ترامب كان مواطنا عاديا في العام 2006 عندما أقام علاقة جنسية مع الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز. لكنه كان متزوجا ولم يكن قد مضى أربعة أشهر على ولادة ابنه. وقال البروفسور المساعد في جامعة بوسطن توب بيركوفيتز: "ترامب حالة غير طبيعية. انظروا إلى غيره من السياسيين والمشاهير والصحافيين الذين قضت على مسيرتهم الاتهامات بسلوك أقل خطورة أو سوءا مما قام به ترامب".
وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي أن ترامب دفع لدانيالز 130 ألف دولار لقاء صمتها عن علاقتهما. إلا أن محامي ترامب ودانيالز (38 عاما) واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد نفوا حصول أي علاقة بين الاثنين. ولكن مجلة "إن تاتش" نشرت الأسبوع الماضي مقابلة تعود إلى العام 2011 مع دانيالز أسهبت فيها بالحديث عن العلاقة بما فيها الجانب الجنسي. والمقابلة التي لم تُنشر من قبل، أجريت قبل توقيع دانيالز المفترض على اتفاق السرية في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
عدم اكتراث الناخبين
يقول جي. تيري مادونا مدير معهد السياسات والعلاقات العامة لدى معهد فرانكلين اند مارشال إنه يستغرب بعض الشيء عدم الاكتراث بقضية دانيالز خصوصا وأنها انكشفت بينما حركة #انا_ايضا ضد التحرش الجنسي تحصد تأييدا كبيرا. وتابع مادونا: "لا يبدو أنها تحدث تأثيرا مع أنه كان هناك شعور بأنها ستحظى باهتمام كبير... لكن يبدو أن الأمر على العكس مع وسائل الإعلام بينما نلاحظ نوعا من عدم الاكتراث من قبل الناخبين".
واعتبر مادونا ومحللون آخرون أن ذلك مرده جزئيا إلى كثرة الأحداث التي تتصدر العناوين من البيت الأبيض، مضيفا: "لا أستطيع أن افهم وأنا أعمل في هذا المجال منذ فترة طويلة ما إذا كان السبب أن هناك كل يوم مأساة وطنية من نوع أو من آخر". ومضى يقول: "أو (ربما) لأن الأمر حصل في العام 2006 عندما كان ترامب مواطنا عاديا والعلاقة الجنسية برضا الجانبين بحسب كل المعلومات".
في كل الأحوال، يرى مادونا أن الرئيس ليس لديه ما يخشاه، ويقول: "صدقوني، الأمور مع ترامب يمكن أن تتغير بطرفة عين ولا أعتقد أن هذه المسألة يمكن أن تعرقل رئاسته في هذه المرحلة". وتنسب مراسلة مجلة "نيويورك" أوليفيا نوزي عدم الاكتراث الظاهر لدى الرأي العام والصحف إلى ما يمكن تسميته بـ"السأم من فضائح ترامب".
وقالت نوزي في مقابلة مع برنامج "مصادر موثوقة" (ريلايبل سورسز) على شبكة "سي ان ان" إن "ترامب لديه العديد من الفضائح من هذا النوع حتى بات هناك شعور بالسأم لدينا جميعا". ويوافقها بيركوفيتز الرأي ويقول: "ليست هناك معايير مختلفة في ما يتعلق بترامب، بل الأمر يتعلق بالطريقة التي يتعامل فيها ترامب مع الادعاءات فهو لا يتردد في التغريد بعفوية عن كل شيء".
ويتابع بيركوفيتز أن ذلك يذكره ببيل كلينتون، مضيفا "أن شعار كلينتون في تسعينات القرن الماضي كان عدم ترك أي اتهام دون الرد عليه، حتى لو أدى ذلك إذا لم نقل إلى الكذب أقلّه إلى تحريف الحقيقة بشكل كبير". وفي المقابل، تعود الشهرة بالمال على دانيالز فهي تشارك حاليا في جولة بعنوان "أعيدوا أميركا شبقة مجددا" ستشمل عدة ولايات في الأشهر المقبلة.
أرسل تعليقك