نيروبي روعة الحياة البرية
نيروبي ـ نادر الأسعد
تستطيع أن تواجه الحياة البرية من دون وسيط في منتجع سوليو لودج في شمال نيروبي، إذ تنظر من نافذة الغرفة لتجد الحيوانات على بعد خطوات. ويجمع المنتجع بين الإثارة التي ينشدها السائحون من خلال
الاقتراب من الحياة البرية والوجود بين آلاف الحيوانات الحرة الطليقة التي تستوطن المنتجع، وبين الرفاهية المفرطة التي تتوافر في الغرف التي تصل حجم الغرفة منها إلى مساحة شقة كاملة، وما يمارسه القائمون على الخدمة من أعمال تجعل من العيش في هذا المكان تجربة مميزة لا تتكرر كثيرًا، إذ تبلغ بهم العناية بالنزلاء إلى وضع زجاجات مياة دافئة بين فرش الأسرة حتى تبقيها نظيفة وخالية من الجراثيم، وهو ما يمكن أن نطلق عليه "رفاهية مفرطة".
وفي المنتجع يمكنك مشاهدة وحيد القرن، فرس النهر، الظباء، الغزلان، النسور وغيرها من الحيوانات البرية، ولكن مشاهدتها هذه المرة ستكون تجربة فريدة، إذ لا تتجاوز المسافة بين النزلاء والحيوانات بضعة أمتار.وتنتشر قطعان أخرى غير قطعان وحيد القرن والظباء، هي قطعان من سيارات الجيب المحملة بالمؤن والسائحين الذين يحملقون في كل ما يحيط بهم من مظاهر الحياة الطبيعية البرية من حولهم، وبعضهم يركز في عدسة الكاميرات التي يعدها لالتقاط صور نادرة للحيوانات.
وفي المساء يحلو النوم وسط الأصوات الطبيعية للحيوانات، فيما عدا الزئير المرتفع للأسود ليلًا، لاسيما في موسم التزاوج، وهو الشيء الوحيد الذي قد يزعج البعض.وبالانتقال إلى ماساي مارا، يكون السائحون قد وصلوا إلى قلب الحياة البرية، إذ يعسكرون في خيام عليها حرس مسلح لحمايتهم من الحيوانات المفترسة ليصلوا إلى قمة الإثارة. ومن الخبرات النادرة التي يمكن مصادفتها في هذه المنطقة رؤية قرص الشمس البرتقالي بحجم ضخم لا يمكن لأحد رؤيته بهذا الوضوح، وهذا الجمال إلا في منطقة غابات نيروبي. كما تكثر تجارب مشاهدة المطاردات التي تقوم بها أعداد من الحيوانات المفترسة لحيوانات أخرى، وهي المشاهد التي مع بشاعتها، تكتمل بها إثارة الرحلة.
ويحلو الحديث مع المرشدين في الغابات، إذ لا يحكون حكايات عجيبة تسلي السائحين تمامًا كما تسليهم مشاهدة حياة الحيوانات البرية وما تتمتع به من طبيعة فريدة. وتوفر الألفة مع المرشدين والسائقين في وسط غابات نيروبي كمًا هائلًا من الحديث عن العادات المنتشرة بين السكان المحليين. ومنها على سبيل المثال تلك الندبات التي توجدأسفل أعين بعض المرشدين المحليين، وهي التي فسرها أحدهم بأنها طريقة كانت تُتبع مع الأطفال الصغار كثيري البكاء، إذ كان الأب يحدث جرحًا أو عددًا من الجروح السطحية أسفل العين فعندما تتساقط عليها الدموع المالحة على الجروح فتؤلم الطفل فيسكت على الفور. ومن أطرف ما يمكن التعرض له هناك في سوليو لودج تقبيل الزرافات التي تمثل الحيوان الأكثر وجودًا في المنتجع والأكثر فضولًا، إذ تمد عنقها الطويلة داخل الغرف ويحلو لها تناول الطعام من أفواه النزلاء فيما يشبه تبادل القبلات معهم.
أرسل تعليقك